مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الأمن” و”النفط” و”المنافسة” بررت إنشاء “قيادة إفريقيا”

الجنرال السينغالي عبد القادر غاي (يسار) والجنرال الأمريكي ويليام وارد في ندوة صحفية مشتركة عقدت في داكار يوم 7 فبراير 2007 Keystone

لم يكن قرار الرئيس جورج بوش بالموافقة على توصِـية وزارة الدفاع الأمريكية بإنشاء "قيادة إفريقيا" مفاجئا تماما.

فقد كان معروفا منذ وقت طويل بأن هناك نقاشا يجري داخل البنتاغون حول خيارات تعديل الترتيبات العسكرية المعمول بها منذ نهاية الحرب الباردة، لكن صدور القرار بإقامة “قيادة مقاتلة جديدة موحدة” يُؤشر إلى اتجاه الرياح في المرحلة القادمة.

إن القوات الأمريكية تتحرّك في الوقت الراهن على مسارح العمليات فيما وراء البحار، في إطار أربع قيادات إقليمية، هي القيادة المركزية الشهيرة، والقيادة الأوروبية والقيادة الجنوبية وقيادة المحيط الهادي.

وكانت المشكلة هي أن شمال إفريقيا يتّـبع القيادة المركزية باعتباره مُـلحقا بالشرق الأوسط، بينما تتولّـى قيادة أوروبا عمليات إفريقيا جنوب الصحراء، وقد حسمت مشكلة التداخل بإنشاء القيادة الجديدة، فلماذا تم ذلك؟

عمليات بدون إستراتيجية

إن نقطة البداية هي أنه لا يجب تصوّر أن القوات الأمريكية – بوضعها السابق – لم تكن تقوم بمهام عسكرية في القارة وأنها اكتشفت فجأة أن إفريقيا أصبحت تُـمثل مشكلة أو فرصة فقرّرت إنشاء قيادة إقليمية لها، فالقيادة المركزية ترتبِـط بعلاقات مكثّـفة مع جيوش دول شمال إفريقيا، تُـجرى في إطارها اجتماعات على مُـستوى قيادات الأركان، كما تشهد مُـناورات عسكرية ومَـبيعات سلاح ومَـعونات عسكرية وتسهيلات خاصة، وقد شاركت في عمليات الصومال فعليا.

كما أن قيادة أوروبا الغربية تقوم بنشاطات واسعة في القارة في ظل برنامج معروف باسم “مساعدة عمليات التدريب الإفريقية للطوارئ”، يتم في إطاره إجراء تعاون تدريبي وتسليحي مع السنغال وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر وغانا وبِـنين وكينيا وملاوي وبوتسوانا وموزامبيق وجنوب إفريقيا وزامبيا والغابون وزامبيا وليبيريا، مع أعمال تعاون أخرى تتعلّـق بمكافحة التهريب والقرصنة والأنشطة العابرة للحدود، وبالفعل شاركت طائرات الاستطلاع الأمريكية في عمليات فعلية لمطاردة جماعات متطرِّفة في الصحراء الكبرى عام 2004.

إن المهمة الرسمية لقيادة إفريقيا، حسب البيانات الأمريكية، هي الإشراف على الأمن في القارة وإدارة التعاون العسكري مع دولها وتقديم الدعم العسكري للبِـعثات غير العسكرية وتنفيذ العمليات العسكرية في حالة صدور أوامر بذلك، وهو ما يعني السَّـيطرة والتنسيق فيما يتعلّـق بكل ذلك، وصُـولا إلى العمل المسلّـح، في ظل ما يبدو أنه “إستراتيجية أمريكية للقارة”، لم تكن هناك حاجة إليها من قبل، وبالتالي، ستتحول إفريقيا إلى مسرح عمليات نشِـط في المستقبل القريب.

النظريات الكبرى

إن إحدى الإشارات المُـوحية، التي صدرت عن “مصدر بالبنتاغون” لصحيفة أمريكية، تُـفيد بأن قيادة إفريقيا المستقلة كانت “خطّـة مهملة” نُـوقشت لفترة طويلة داخل وزارة الدفاع، لكن استيلاء الإسلاميين على السلطة في الصومال، وقمّـة بيجين الصينية – الإفريقية وظهور السيناريو المُـظلم في العراق، قد عجّـلت باتخاذ القرار.

إن أحدا في واشنطن لم يكُـن يرغب على الأرجُـح في “بيروقراطية عسكرية جديدة”، وربّـما لم يجِـد أحدٌ داعٍيا لصياغة إستراتيجية إفريقية بعيدا عن فكرة التدخّـل وقت الحاجة، في قارّة تمّ التعامل معها طويلا على أنها “غير مُـجدية”، لكن كل شيء قد تحوّل مرة واحدة في اتّـجاه الاهتمام بإفريقيا، وكانت هناك نظريات مختلفة، كلها جادّة، تفسّـر ذلك، أهمها ما يلي:

أولا، نظرية الأمن، التي ترتبط بوجود تهديدات مُـحتملة من الاتجاه الإفريقي، وهي النظرية الرسمية الأمريكية. وتَـبعا لذلك، تتمثل المخاطر المتصوّرة فيما يُـسمّـى “الدول الفاشلة”، التي قد تلجأ إليها عناصر إرهابية، إضافة إلى الانتقال المحتمل لعناصر تنظيم القاعدة إلى الساحة الإفريقية.

وهناك مؤشرات بالفعل – بعيدا حتى عن الهجمات التي استهدفت السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998 – ترتبط بتواجُـد قِـوى لعناصر إسلامية متشدِّدة في القرن الإفريقي، مع انتشارٍ مُـحتمل لها في دول أخرى وصولا إلى زامبيا، التي ألقِـيَ القبض فيها على أحد مُـرتكبي تفجيرات لندن، إضافة إلى نشاطات ترتبط بتمويل تلك الجماعات.

ثانيا، نظرية النفط، فإفريقيا توفر 10% من النفط الذي تستورده الولايات المتحدة، في ظل توقّـعات بأن تصِـل تلك النسبة إلى 25% عام 2015، وفي ظل حالة الاضطراب المُـزمنة في الشرق الأوسط، يُـوجد تيار داخل الولايات المتحدة يدفع في اتجاه الاعتماد على النفط الإفريقي، الذي تصاعدت احتياطياته، كما كان يُـثار بشأن “نفط بحر قزوين”، مع الدفع في اتِّـجاه التعجيل بذلك بفعل دخول الصين بقوة سوق النفط في القارة.

ثالثا، نظرية المنافسة، التي تؤكّـد على أن واشنطن أصبحت قلِـقة إلى حدٍّ كبير من تزايُـد التحركات الصينية والروسية في القارة. فالصين تقوم حاليا بحملة حقيقية لتدعيم علاقاتها/ السياسية والاقتصادية/ بإفريقيا، وقد قام الرئيس الروسي بوتين بزيارات لدول إفريقية مرّتين عام 2006، في الوقت الذي تبدو فيه الأوضاع السياسية والاقتصادية في القارة أفضل من ذي قبل، وتعود فيه أهمية “صراعات الموارد” وتأمينها على المستوى الدولي.

إن قوة هذه الدوافع وأهمية المهام المتعلِّـقة بها، قد أدّت ببعض التحليلات إلى الإشارة إلى إمكانية أن تقوم الولايات المتحدة في فترة ما بعد عام 2008 – الذي ستبدأ فيه القيادة الجديدة في العمل – بإنشاء قواعد عسكرية ثابتة في القارة، بدلا من استمرار الاعتماد على الجُـيوش الحليفة أو القواعد البعيدة، وهو ما قد يفتَـح احتمالات خاصة، تتعلّـق بتداعِـيات الوجود العسكري الأمريكي المباشر في إفريقيا.

قواعد الاشتباك الإفريقية

إن ما تتم الإشارة إليه حتى الآن، هو أن القيادة الجديدة لن تقوم غالبا بشنِّ عمليات عسكرية رئيسية ضدَّ الدول، كما تفعل القيادة المركزية في الشرق الأوسط. فالتهديدات التي يتم الحديث عنها لا ترتبط بدول، إذ لا توجد في القارة الإفريقية – حسب التصنيفات الأمريكية – دول مارقة أو “طاغية” أو داعمة للإرهاب، بعد خروج ليبيا من تلك القوائم، وإنما ستتولّـى مهام تدريب وتسليح وتنسيق مع حكومات القارة.

لكن هناك إشارة إلى إمكانية تنفيذ عمليات عسكرية محدودة، مُـورست من قبل على أي حال، عندما تمّ قصف مُـعسكر في ليبيا ومصنع في السودان ومنطقة في الصومال، والمشكلة أن لا يوجد ما يضمن أن تظل تلك العمليات في نِـطاق أنها محدودة أو أن لا تتكرّر كثيرا، بحيث تتحوّل إلى ممارسة معتادة أو أن لا تتحوّل إلى التورّط المُـزمن في بعض الحالات.

إن التعقيدات الإفريقية قد تُـثير مستقبلا احتمالات مختلفة، إذا تعلّـق الأمر بصراع سلطة داخلي مثلا، كما حدث في الصومال عام 1993، وقد يؤدّى التواجُـد الظاهر للقوات إلى استهدافها، كما حدث في السعودية، خاصة في ظل وجود جماعات سلفية في شمال إفريقيا، استهدفت عملياتها في المغرب مصالح “خارجية” إسبانية وبلجيكية وإسرائيلية عام 2003.

من جانب آخر، فإن من المتصوّر أنه ستكون لدى القيادة الجديدة مهام نفطية، تتمثل في تأمين إمدادات النفط في المواقع التي تتعرّض فيها تلك الإمدادات للتهديد، وإذا تمّ حصْـر تلك الحالات عمليا، قد يتّـضح أن كثيرا منها يرتبِـط بأوضاع عدم استقرار في منطق استخراج الخام أو مرور الأنابيب، كما هو الحال في نيجيريا.

وفي حالات طارئة قد تقوم القوات الأمريكية بما يتجاوز دعم القوات المحلية القائمة بعملية التأمين، بما يتضمّـن اشتباكات مع قوات متمرِّدة أو سكّـان محليّين، وهو وضع سائد في حالات خارج القارة، مثل كولومبيا والعراق، وأدّى موقفٌ مُـشابه يتعلّـق بتأمين قوافل الإغاثة في الصومال عام 1993 إلى تورّط في قتال داخلي.

لكن الأهم – في النهاية – أنه ليس معروفا على الإطلاق كيف يُـمكن أن تقوم قيادة إفريقيا بدور في مواجهة النفوذ المُـتصاعد لدولة مثل الصين في القارة. فالمشكلة أن الصين تقوم بضخِّ استثمارات كبيرة في إفريقيا وصلت إلى 5 مليار دولار، وربما فوجـئت بالخطوة الأمريكية، وسيكون عليها أن تفكر في تأمين استثماراتها، خاصة النفطية، التي تأمَـل من خلالها أن تُـحافظ على مستويات النمو الاقتصادي فيها، وهنا يمكن تصوّر سيناريو أسوأ حالة ممكنة.

فحروب القارة في عصر الاستعمار القديم قد ارتبطت بالتّـنافس بين الدول الكبرى على الموارد فيها، وقد تدفع إفريقيا، للمرّة الثانية، ثمن عودة أهمية الموارد إلى أجندة اهتمامات الدّول الكبرى في العالم.

د. محمد عبد السلام – القاهرة

الرباط (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الجمعة إن أربع سفن تابعة لحلف شمال الاطلسي بدأت تدريبات للبحرية المغربية في مجالات منها مكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية.

وقال مصدر رسمي لرويترز إن السفن الاربعة “وصلت اول امس الاربعاء الى ميناء الدار البيضاء لاجراء مناورات مشتركة مع البحرية الملكية المغربية.”

واضاف أن “السفن الأربعة ستواصل نشاطها بالمياه المغربية الى غاية 11 مارس الحالي.”

وأفادت صحف مغربية يوم الجمعة أن الأميرال مايكل كرودسن قائد المجموعة الثانية للبحرية التابعة لحلف شمال الاطلسي أجرى مباحثات مع عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين المغاربة.

وقالت إن مكافحة الارهاب ومراقبة السفن وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية بالسواحل المغربية من بين مهام قوات حلف الاطلسي بالمغرب.

وكان الحلف اجتمع العام الماضي في الرباط في اطار”الحوار المتوسطي”.

ووقع الحلف في عام 1995 على اتفاقية تعاون مع ست دول على الضفة الجنوبية للمتوسط هي مصر والمغرب والاردن وتونس واسرائيل بالاضافة إلى موريتانيا في حين التحقت الجزائر باتفاقية الحوار في عام 2000 .

وكثف الحلف من أنشطته ومراقبة السفن غير العسكرية بالقرب من مضيق جبل طارق بعد هجمات 11 من سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة.


(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 9 مارس 2007)

الجزائر (رويترز) – قالت الجزائر إن تعاونها مع حرب واشنطن ضد الإرهاب كان مجزيا، لكنها لن توافق أبدا على استضافة قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها.

وأجرت الولايات المتحدة مناورات تدريب مشتركة في الدول الواقعة حول الساحل في إطار “مبادرة مكافحة الإرهاب جنوب الصحراء” لمواجهة التشدد في المنطقة.

وعززت الولايات المتحدة تعاونها العسكري وتبادلت معلومات المخابرات مع الجزائر، مما أثار شائعات في وسائل الإعلام الجزائرية بأن واشنطن تريد إقامة قاعدة عسكرية في البلاد.

وهذا الشهر، فوض الرئيس الأمريكي جورج بوش بإنشاء قيادة جديدة لإفريقيا تتولى المسؤولية عن أي عمليات تجري في المستقبل في إفريقيا.

وقال محمد بجاوي من وزارة الخارجية الجزائرية للإذاعة الحكومية إن الجزائر أقام تعاونا مفيدا مع الولايات المتحدة في المعركة ضد الإرهاب وأن الجانبين ينظران إلى هذا التعاون على أنه مثمر للأمن في البلدين وفي الدول الأخرى، وأضاف أن الأراضي الجزائرية غير معنية على الإطلاق بإنشاء القيادة الأمريكية لإفريقيا، وأنه لتوضيح هذا الأمر، فإن الجزائر لن يقبل أبدا قاعدة عسكرية أجنبية على أراضيه.

وتفجّـر العنف في الجزائر في عام 1992 بعد أن ألغت السلطات المدعومة من الجيش خوفا من قيام ثورة إسلامية على النمط الإيراني انتخابات برلمانية كان في حكم المقرر أن تفوز فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقتل ما يصل إلى 200 ألف شخص في أعمال العنف التي أعقبت ذلك.

وتراجع العنف بشدة في السنوات الأخيرة، لكن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي كان يُـعرف في السابق باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال لا زال يزعم المسؤولية عن الهجمات. وتعرّضت البلاد لسلسلة تفجيرات في يناير وفبراير 2007.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 مارس 2007)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية