الإخوان والانتخابات.. البحث عن “الشرعية”
أرجع خبراء ومحللون سياسيون مصريون، إصرار جماعة الإخوان المسلمين بمصر، على المشاركة في الانتخابات، إلى رغبة الجماعة في انتزاع شرعية "سياسية"، عبر حصولها على تأييد الشارع، من خلال صناديق الاقتراع..
.. في وقت يصر فيه النظام على حرمانها من الشرعية “القانونية”، معتبرين أنها تكسب أرضاً جديدة وتعاطفاً شعبياً، إضافة إلى المقاعد البرلمانية.
أرجع خبراء ومحللون سياسيون مصريون، إصرار جماعة الإخوان المسلمين بمصر على المشاركة في أي انتخابات برلمانية (شعب/ شورى) تجرى في البلاد، إلى رغبة الجماعة في انتزاع شرعية “سياسية” عبر حصولها على تأييد الشارع، من خلال صناديق الاقتراع، في وقت يصر فيه النظام على حرمانها من الشرعية “القانونية”، فيطلق عليها تعبير “الجماعة المحظورة” ويرفض السماح لها بحزب سياسي، معتبرين أنها “تكسب أرضاً جديدة وتعاطفاً شعبياً ومقاعد في البرلمان في كل مرة تترشح فيها للانتخابات”.
وأوضح الخبراء في تصريحات خاصة لسويس إنفو، أن ترشح الإخوان في انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) المقررة في 11 يونيو القادم، هي “تعبير عن رغبتهم واستعدادهم للانخراط في العملية السياسية، وقبولهم للعمل السياسي وفق قواعد اللعبة الديمقراطية”، مشيرين إلى أنه “قرار لا يخلو من رسائل سياسية توجِّـهها الجماعة للشعب المصري وللنظام الحاكم وللخارج أيضاً”.
وكانت الجماعة أعلنت خوضها انتخابات التجديد الثلثي لمجلس الشورى، بما لا يزيد على 20 مرشحًا، من أصل 88 مقعدًا، يتم التنافس عليها في 23 محافظةً تمثلها 67 دائرة انتخابية، وهو ما يمثل ثلث أعضاء الغرفة الثانية في البرلمان المصري، الذي يتم انتخاب ثلثي أعضائه ويعيّن الرئيس الثلث الباقي بقرار جمهوري.
ومما يعزز تساؤلنا عن أسباب ودوافع الإخوان من الإصرار على المشاركة في انتخابات الشورى، ذلك الدور الهامشيٌّ لهذا المجلس في الحياة السياسية، فضلا عن أنها انتخاباتٍ مرهِقة من حيث اتساع المساحة الجغرافية والسكانية للدائرة، رغم أن هناك جدلاً ظهر مع التعديلات الدستورية الأخيرة، حول إعطاء دور أكبر بمجلس الشورى في العملية التشريعية.
لماذا الإصرار على الترشح؟
وحول ما تمثله الانتخابات بالنسبة للجماعة، وأسباب إصرارها على الترشح للشورى، يقول القيادي البارز، الدكتور عصام العريان، عضو مجلس شورى الجماعة: “الانتخابات عموماً بالنسبة للإخوان مشروعٌ ضخمٌ يهدف إلى تحقيق أهداف كثيرة، منها إيصال أكبر عدد من الفائزين إلى مقاعد المجالس التشريعية والشورية والمحلية والنقابية والطلابية والرياضية.. إلخ”.
ويرى العريان، مسؤول المكتب السياسي للجماعة أن: “خيار الإخوان ليس السلطة، ولكنه الإصلاح على منهج الإسلام والتغيير الهادئ المتدرِّج، وبناء نهضة شاملة على قواعد ومبادئ الإسلام”، مشيراً إلى أن “البعض قد يراه أحلامًا ويستغرق أجيالاً، لكننا اخترناه بعد دراسةٍ عميقةٍٍ وتأمُّلٍ طويلٍ في سيرة الرسول وتاريخ الإسلام وحضارات الشعوب وتجارب المسلمين والمصلحين”.
ويعتبر العريان أن الانتخابات بكل أنواعها “ورشة عمل ضخمة للتدريب على التفكير والإعداد واتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات ومتابعة الأعمال وتقييم الجهود والأفراد وضخّ دماء جديدة وتجديد الخلايا، التي تحتاج إلى تنشيط وتذكير، وإعداد البرامج ودراسة المشاكل وتقديم الحلول وفرصة للتواصل مع المجتمع وشرح الفكرة وبيان البرنامج وجذب الأنظار للفكرة، وليس للتنظيم”.
ويستطرد قائلاً: “كما أنها ورشة عمل للتعامل مع النظام والأمن والقضاة والإداريين والسياسيين والحزبيين وغيرهم من الناس، ورشة عمل للابتكار والإبداع والتغلب على العقبات وتجاوز السدود واجتياز العوائق، ورشة عمل النجاح فيها يكون بإخلاص النية وبذل الجهد وتحقيق الأهداف وإنجاز التدريبات”.
قرار صائب وحكيم
وتعليقاً على كلام العريان، يقول الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير مركز بحوث الدول النامية: “القرار الذي اتخذته الجماعة بدخول انتخابات الشورى، هو قرار صائب وحكيم، ويكشف عن بُـعد نظر وحِـنكة سياسية جديرة بالإعجاب، لأنه عندما يُضَيَقُ الخناق عليهم، فإنهم يحاولون استثمار أي فرصة تتاح لهم لإثبات أنهم موجودون على الساحة، وأنهم رقم فاعل ومهم في المعادلة السياسية بمصر”.
ويعتبر الدكتور مصطفى أن: “كل ما تتعرض له الجماعة من تضييق واعتقالات ومنع من الترشيح، بمختلف الطرق الأمنية والقانونية، يكسبهم تعاطفاً كبيراً لدى الرأي العام، كما يكسبهم أرضاً جديدة”، مشيراً إلى أن “الإخوان سيخرجون منها بمكاسب كبيرة، سواء بنجاح بعض مرشحيهم، فعلى الأقل بعضهم أو باكتساب مؤيدين أو متعاطفين جدد، وذلك باحتكاكهم بالناس خلال العملية الانتخابية، وهو ما يصعب على النظام إقصاء الجماعة”.
الدكتورة هالة مصطفى، الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ورئيسة تحرير دورية الديمقراطية وعضوة لجنة السياسات بالحزب الوطني، تؤيد ما ذهب إليه الدكتور مصطفى، وتضيف: “الإخوان مصِـرون على الترشح في الانتخابات لإثبات وجودهم، وأنهم القوة المعارضة الأولى، وأيضا للضغط على النظام للحصول على شرعية سياسية، تعويضاً لهم عن الشرعية القانونية التي يفتقدونها”، معتبرة أن “عدد المرشحين رمزي، وهو تعبير عن رغبتهم واستعدادهم للانخراط في العملية السياسية”.
الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة وجامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة، يتفق مع د. هالة ود. مصطفى فيما ذهبا إليه، ويضيف أن “الجماعة على قناعة بأن سياسة الاعتقال لا علاقة لها بالانتخابات، وأنها كانت مستمرة قبل الانتخابات وأنها ستستمر بعدها”، معتبراً أن “النظام شدد قبضته على الجماعة مؤخراً، مستغلاً العرض الرياضي لطلاب الأزهر كفرصة ذهبية لتقليم أظافر الجماعة، التي تعتبر أكبر وأهم قوة سياسية معارضة في مصر ولا يستطيع أحد أن ينكر وجودها ولا حجمها ولا شعبيتها، بل ووجودها داخل اللعبة السياسية”.
رسائل إخوانية ثلاثية
ويرى الخبراء أن الإخوان يستثمرون ترشحهم للشورى، في توجيه رسائل ثلاثية الأبعاد، فيقول الدكتور مصطفى: “هي رسالة للنظام بالدرجة الأولى، تقول له فيها: نحن القوة السياسية الأولى والأكبر في مصر، ومن ثم، فإنها فرصة لهم ليطرحوا أنفسهم على أنهم القوة الوحيدة الجديرة بالشرعية القانونية، لأنهم أصحاب التواجد الملموس والشعبية الكبيرة والتنظيم الجيد، وعندما يتغير النظام الحالي، فلا يمكن للرئيس القادم أن يتجاهلهم، لأهميتهم للعملية السياسية ومكانتهم في الشارع السياسي”.
ولا تستبعد الدكتورة هالة أن يقصد الإخوان بترشحهم في الشورى، الإفصاح عن أنفسهم ونيتهم ترشيح أحدهم مستقبلاً لمنصب الرئيس، ولذا، فإنهم حريصون على تجميع أكبر عدد ممكن من الكراسي في انتخابات الشورى ثم في انتخابات المحليات، التي تم تأجيلها لعامين، في محاولة لتجميع النصاب الدستوري للترشيح، خاصة وأنهم يملكون 88 مقعدا في مجلس الشعب”.
أما الدكتور سيف، فيرى أن ترشح الإخوان للشورى يحمل ثلاثة رسائل: أولاها، للشعب المصري، ومؤداها أننا حريصون على الوفاء بوعودنا بالترشح في كل مرة تتاح لنا، وأننا حريصون على المشاركة السلمية والانخراط في العملية السياسية، وثانيتها، موجهة للحكومة، ومؤداها أننا لن نستسلم لمحاولات تهميشنا وسنسعى ما وسعنا الجهد لانتزاع شرعيتنا من الشعب، ولن ننتظر اعترافكم بنا، وثالثتها، للخارج، ومؤداها أننا نتعرض للاضطهاد والاعتقال لمجرد أننا نمارس أبسط حقوقنا، والتأكيد على إيمان الجماعة بالمشاركة وقبولها بقواعد الديمقراطية.
وينتهي الدكتور سيف إلى القول بأن هذه “الرسائل الثلاث هي رسائل كاشفة لأوضاع معينة، على أن هناك أزمة ما تتعلق بهذه القوة السياسية وأنها رسالة متعددة الأغراض وثلاثية الأبعاد، فمنها ما هو متعلق بالشعب، ومنها ما هو متعلق بتقنين العلاقة مع الحكومة، ومنها ما هو متعلق بإشهاد العالم الخارجي، وهي أيضا رسالة بأن النظم قلب الآية، عندما تعامل مع الملفات السياسية بأسلوب أمني.
الحركة “الأم” للإخوان
وتعلن الدكتورة هالة رفضها لفكرة اختزال الآخر، وبمعنى أدق، محاولات النظام لاختزال الإخوان، لافتة إلى أن “النظام يسمح للإخوان بالمشاركة ولا يمنعهم، لكن المشكلة هي في “حجم” المشاركة التي يقبلها النظام، وفي “نسبة” التمثيل البرلماني التي يسمح بها”، وتقول “أنا غير متأكدة إن كان الإخوان فعلاً يريدون حزباً سياسياً أم أنها مناورات سياسية منهم وبالونات اختبار للنظام”.
وتضيف السيدة هالة: “الجماعة تعمل منذ 1928، وهي موجودة بالفعل ومتغلغلة في شرائح المجتمع بدرجة أو بأخرى، وفي كل مرة تترشح للانتخابات، تكسب أرضاً جديدة، ومشكلة إخوان مصر أنهم يمثلون الحركة الأمّ لجماعات الإخوان في العالم، وربما يكون هذا هو السبب الأساسي وراء رفض النظام منحهم شرعية قانونية، أما عن وجودهم الفعلي، فلا يستطيع عاقل أو منصف أن ينكره”.
ويعتبر الدكتور سيف أن المشكلة تتلخص في أن “الحكومة أفلست إفلاساً كبيراً، ومن ثم فهي تتخوف من دخول الإخوان في العملية السياسية وتسعى لمنعهم، فتشهر في وجوههم سلاح “الجماعة المحظورة”.
أما الدكتور العريان فيرى أن “بشائر الانتخابات غير مشجعة، فالحواجز الأمنية تسدُّ الطرق في وجه المرشحين، واللجنة العليا للانتخابات تبدو حاجزًا أمنيًّا آخر، ووسائل الدعاية ستختلف هذه المرة، بل قد تمتنع الدعاية تمامًا، ولعل في ذلك خيرًا، فلسنا في حاجة إلى إنفاقٍ مالي، بل نحن في حاجةٍ إلى جُـهد بشري للتواصل المباشر مع الناخبين لإقناعهم بالبرنامج الذي طرحه الإخوان، ثم لإقناع الناخبين بالذهاب إلى صناديق الانتخابات، ثم إقناعهم بالتصويت لمرشح الإخوان، وأخيرًا للاطمئنان على مراقبة جيِّدة لعملية التصويت، لضمان أكبر قدر ممكن من النزاهة في ظل غياب الإشراف القضائي على الانتخابات”.
ويختتم الدكتور مصطفى قائلاً: “لا أظن أن الحالة الراهنة المحتقنة في النظام السياسي المصري ستستمر طويلاً، فقد أبعِـدت كل القوى الرسمية (الأحزاب) الكبرى عن المشاركة في الانتخابات، وجعلتها تقرر مقاطعة الانتخابات، عدا حزب التجمع الذي شارك رمزيا بمرشحين اثنين، أما الأحزاب التي ترشحت، فهي مجموعة الأحزاب الصغيرة، التي ليس لها تواجد يذكر في الشارع المصري، بل ولا يعرف حتى المثقفون أسماءها”.
القاهرة – همام سرحان
القاهرة (رويترز) – قالت مصادر أمنية ومن جماعة الاخوان المسلمين يوم الاثنين ان الشرطة المصرية ألقت القبض على ثلاثة مرشحين من الجماعة لعضوية مجلس الشوري أحدهم مرشح أصلي والآخران مرشحان احتياطيان.
وقالت الجماعة في موقعها على الانترنت وعنوانه www.ikhwanonline.com ان المرشحين الثلاثة هم من محافظة الدقهلية في دلتا النيل وان الشرطة ألقت القبض عليهم مساء الاحد بمدينة ميت غمر احدى مدن المحافظة.
وأضافت أن القبض على الثلاثة يرفع عدد من احتجزوا من أعضاء الجماعة في محافظة الدقهلية الى 63 عضوا منذ أن قال الاخوان انهم سيخوضون انتخابات مجلس الشورى التي ستجرى في 11 يونيو حزيران.
وقال الموقع ان الشرطة تتهم المرشح الاصلي خالد الديب “بالانتماء لجماعة محظورة والدعاية في غير الموعد المحدد (للدعاية الانتخابية) واستخدام شعارات دينية في الدعاية.”
وبدأت الحكومة حملة على الجماعة أواخر العام الماضي وأجرت هذا العام تعديلات دستورية تجعل من الصعب على الجماعة المشاركة في الحياة السياسية.
وتضمنت التعديلات التي أقرت في مارس اذار حظر النشاط السياسي القائم على أساس ديني. ويقول محللون ان هذا التعديل يمكن أن يستخدم في إبطال عضوية مرشحي الاخوان الذين يرفعون في حملاتهم الانتخابية شعار الجماعة المفضل “الاسلام هو الحل”.
وكان الاخوان الذين يشغلون 88 مقعدا في مجلس الشعب المؤلف من 454 مقعدا قالوا انهم سيرشحون 20 منهم لخوض انتخابات مجلس الشورى التي يجري التنافس فيها على 88 مقعدا لكن مباحث أمن الدولة منعت بعضهم من التقدم للترشيح بحسب ما تقوله الجماعة.
وفي الاسبوع الماضي ألقت الشرطة القبض على 20 على الاقل من أعضاء الجماعة في الدقهلية في اطار ما تقول الجماعة انه حملة تسبق انتخابات مجلس الشورى.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 28 مايو 2007)
1. سيد رأفت (فئات)، دائرة السويس بمحافظة السويس.
2. جابر منصور (فئات)، دائرة إهناسيا، بمحافظة بني سويف.
3. سمير أبو شامية (عمال)، دائرة سمالوط، بمحافظة المنيا.
4. علاء خليفة (عمال)، دائرة القنطرة، بمحافظة الإسماعيلية.
5. فكري الأدهم (فئات)، دائرة دمياط وكفر سعد، بمحافظة دمياط.
6. عثمان دياب (عمال)، دائرة بندر الفيوم وإطسا، بمحافظة الفيوم.
7. أحمد إبراهيم خطاب (فئات)، دائرة شبين القناطر والخانكة، بمحافظة القليوبية.
8. د. خالد الديب (فئات)، ميت غمر، بمحافظة الدقهلية.
9. عبد المحسن قمحاوي (عمال)، دائرة طلخا، بمحافظة الدقهلية.
10. د.ناجي صقر (فئات)، دائرة الزقازيق، بمحافظة الشرقية.
11. السيد محمد الكاشف (عمال)، دائرة بلبيس، بمحافظة الشرقية.
12. السيد صالح (فئات)، دائرة أوسيم، بمحافظة الجيزة.
13. محمد الفقي (فئات)، دائرة الحوامدية البدرشين، بمحافظة الجيزة.
14. الدسوقي كليب (فئات)، دائرة طنطا، بمحافظة الغربية.
15. أشرف شلش (فئات)، دائرة كفر الزيات و بسيون، بمحافظة الغربية.
16. د. الغباشي العطوي (فئات)، دائرة بلطيم والحامول والرياض، بمحافظة كفر الشيخ.
17. أشرف السعيد (عمال)، دائرة بلطيم والحامول والرياض، بمحافظة كفر الشيخ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.