الإصلاح الضريبي بين تبريرات الحكومة ورفض المعارضين
بعد رجال الأعمال، عبرت الحكومة السويسرية على لسان وزير ماليتها هانس - رودولف ميرتس، عن دعمها لمشروع الإصلاح الضريبي المعروض على الناخبين لكونه يخلق ظروف مناسبة للنمو الاقتصادي، ويزيد من القدرة التنافسية للشركات السويسرية.
لكن المعارضين يعتبرونه مجحفا ومخالفا للدستور، ويذهبون إلى أنه لن تستفيد منه سوى قلة قليلة من الأثرياء.
تمثل الإجراءات المقترحة التي دافع عنها وزير المالية خلال ندوة صحفية عقدها في برن يوم 14 يناير 2008، المرحلة الثانية من خطة الإصلاح المالي التي أقرتها الحكومة والبرلمان، وأدت منذ انطلاقتها سنة 1998 إلى جذب المزيد من المستثمرين وزيادة فرص العمل وموارد الدولة، بحسب البيان الوزاري.
وتهدف هذه التعديلات إلى تخفيف الضرائب على الشركات الصغرى والمتوسطة، من خلال خفض الضريبة إلى 60% على أرباح الأسهم الخاصة، وإلى 50% على أرباح الأسهم التجارية. وتقول الحكومة إنها تسعى من خلال هذا الإجراء إلى مساعدة الشركات الصغرى والمتوسطة على إعادة هيكلة نفسها. وتتوقع أن تستفيد من هذا الإجراء 150.000 شركة و60.000 مزرعة، بما ينعكس إيجابيا على الوضع الاقتصادي عامة.
لكن الإقرار النهائي لهذا التعديل يتوقف على نتيجة الاستفتاء العام الذي دعا المعارضون إلى تنظيمه في الرابع والعشرين من الشهر القادم لإسقاط المشروع. ويرفض تحالف يضم الاشتراكيين والخضر التعديل المقترح، لأن الإستفادة منه تنحصر برأيهم في فئة قليلة من الأثرياء، ولأنه يؤدي، حسبهم، إلى خفض إيرادات الدولة على المستويين الفدرالي والكانتوني. وفي حديث لوسائل الإعلام، لم يتردد هانس – يورغ فير، رئيس الحزب الاشتراكي، في اتهام أنصار هذا التعديل بـ “ممارسة الخداع والتضليل”.
“لا للضرائب غير العادلة”
من جهة أخرى، ترفض الجهات الداعية إلى الاستفتاء هذا التعديل أيضا لكونه يمنح امتيازات للأثرياء الذين يمتلكون على الأقل 10% من رأسمال الشركات المساهمة، والشركات محدودة المسؤولية، وممن لهم أسهم في شركات تصل أرباحها في الحد الأدنى إلى 50.000 فرنك سنويا. ويتوقع آلان بارساي، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الفدرالي)، أن لا يتجاوز عدد هؤلاء 10.000 شخص.
ويضيف بارساي: “يخلق هذا الأمر حالة من عدم المساواة مقارنة بالأشخاص والشركات التي لا تتوفر فيها تلك الشروط، ومقارنة ببقية المكلفين (أي دافعي الضرائب بشكل عام)، الذين سيواصلون دفع الضريبة على كل سنتيم يحصلون عليه”.
لكن التخفيض المرتقب للضريبة على أرباح الأسهم ليس سوى خطوة أولى، ضمن سلسلة إجراءات ، يأمل جيرولد بوهرر، رئيس رابطة الشركات السويسرية، أن تجد طريقها إلى التنفيذ.
وهو يشير بذلك إلى المعركة القادمة التي ستتركز على تخفيض الضرائب المفروضة على أرباح الشركات، وهو قرار يجد الدعم من الغرفة العليا بالبرلمان بعد قبولها مقترحا يدعو إلى خفض نسبة الضريبة من 8.5% إلى 5% فقط، وهو إجراء سيؤدي – إذا ما أقر العمل به – إلى حرمان خزينة الدولة من 3.7 مليار فرنك في السنة.
تهديد لموارد التأمينات الاجتماعية
الأمر الآخر الذي يثير حفيظة المعارضين، ما يتضمنه المشروع المقترح من دعوة لأرباب العمل باستخلاص مستحقاتهم في شكل أسهم بدل الأجور المعتادة، وهو ما يجعل تلك المداخيل غير خاضعة لرسوم الاشتراكات الاجتماعية، ويؤدي إلى حرمان صناديق التأمين على الشيخوخة والباقين على قيد الحياة من حوالي 150 مليون فرنك في السنة.
وهذه الخسارة تنضاف إلى تراجع الإيرادات العامة على المستويين الفدرالي والكانتوني ما بين 700 مليون فرنك وملياريْ فرنك في السنة. وسيكون من الصعب، بحسب المعارضين دائما، تعويض هذه الخسارة من دون الضغط على النفقات العامة.
وإذا كان برنار روجر، رئيس الغرفة التجارية والصناعية بكانتون فو، يغض الطرف على الانتقادات السابقة، فإنه يؤكد من ناحيته على أن التعديل الضريبي الجديد يسهّل اندماج الشباب في مجال الأعمال، ويساعد على إيجاد بديل لتسعة آلاف شركة ستضطر إلى غلق أبوابها بسبب شيخوخة أصحابها خلال السنوات العشر القادمة في الأنحاء المتحدثة بالألمانية فقط.
إجراء مخالف للدستور؟
الأمر الثالث الذي يتمسك به المعارضون هو أن هذا الإجراء يخالف مبادئ الدستور الفدرالي الداعية إلى المساواة وتحديد نسبة الضريبة بحسب القدرة الاقتصادية للمكلفين (أي دافعي الضرائب). ويعتقد هانس – يورغ فير، رئيس الحزب الاشتراكي السويسري، أن هذا المشروع يشبه النظام الضريبي الذي اعتمده كل من كانتونيْ شافهاوزن وأوبفالد من قبل، ثم أجبرتهما المحكمة الفدرالية على التراجع عنه في النهاية.
لكن وزير المالية هانس – ردولف ميرتس لا يرى فيه أي مخالفة للدستور، ولمبدأ مساواة المواطنين أمام الجباية، ويضيف الوزير: “صحيح أن الموظف الأجير مجبر على أداء الضريبة على مداخيله كاملة، لكنه لا يدفع الضريبة مرتيْن، كما هو حال الشركات الصغرى والمتوسطة”.
وفي انتظار أن يقول الشعب السويسري كلمته الأخيرة يوم 24 فبراير القادم، تظل الأنظار معلقة بالحكم الذي سيصدره القضاة الفدراليون بشأن قضية تقدم بها الحزب الاشتراكي حول الضريبة الجزئية على أرباح الأسهم في كانتونيْ زيورخ وبازل القرية.
سويس انفو مع الوكالات
في مرحلة أولى، سوف يخسر صندوق التأمين على الشيخوخة، والبقاء على قيد الحياة 130 مليون فرنك، بسبب هذا الإصلاح الضريبي، وسوف تتقلص إيرادات الكانتونات بحوالي 350 مليون فرنك وإيرادات الكنفدرالية بما يناهز 90 مليون فرنك.
سوف تستفيد من هذا الإجراء، 300.000 شركة صغرى ومتوسطة، و600.000 مزارع.
أقر البرلمان السويسري مطلبا يدعو إلى خفض نسبة الضريبة على أرباح الشركات من 8.5% إلى 5% فقط.
تقول الحكومة إن المرحلة الأولى من الإصلاح الضريبي أدت على زيادة إقبال المستثمرين على البلاد، خاصة بالنسبة للشركات القابضة التي ارتفعت نسبتها من 9% سنة 1990 إلى 59 سنة 2001.
تشغل الشركات الصغرى والمتوسطة أكثر من 50% من أصحاب الأجور في سويسرا أي ما يزيد عن مليوني موطن شغل.
يمثل مشروع الإصلاح الضريبي الذي سيعرض على استفتاء عام في 24 فبراير القادم المرحلة الثانية من خطة الإصلاح المالي التي أقرتهاالحكومة الفدرالية سنة 1998، ويتضمن هذا المشروع إجراءات تهدف إلى خفض الضريبة على الشركات الصغرى والمتوسطة وعلى المساهمين فيها.
وتقول الحكومة إن هذا الإجراء ضروري من أجل مساعدة هذه الشركات على تحقيق الإصلاحات الهيكلية للحفاظ على قدرتها التنافسية وللحد من الضريبة المزدوجة. كما تأمل أن يؤدي هذا الإجراء إلى تحسين الوضع الاقتصادي باعتبار أن غالبية الشركات السويسرية هي من صنف الشركات الصغرى والمتوسطة.
لكن هذا المشروع يلقى معارضة شديدة من أحزاب اليسار والخضر المدعومة بالنقابات. ولقد طالبت هذه الأحزاب بإجراء استفتاء عام حول إصلاح النظام الضريبي، ونجحت في جمع 58.000 توقيعا لدعم مبادرتها. وتقول المعارضة إن المشروع يخل بمبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، ويعفي نسبيا الأثرياء من الضريبة، وهو ما لا يتاح لأصحاب الدخل المحدود.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.