الإقتصاد الســويسري يصمُد في وجه العاصفـة
أثار تراجع العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" فزع العديد من البلدان في الإتحاد الأوروبي، لكن الإقتصاد السويسري لايزال صامدا رغم الإرتفاع المسجل مؤخرا في قيمة الفرنك.
وفي حديث مع swissinfo.ch أوضح عالم الاقتصاد الألماني يان-إغبرت شتورم أن سويسرا تستفيد أكثر من أي بلد آخر في أوروبا من الإقتصاد العالمي.
شتورم الذي يشغل منصب رئيس معهد دراسات الأوضاع الاقتصادية في زيورخ (KOF)، أكد أن تدخل البنك الوطني السويسري كان له دور أيضا في الحيلولة دون ارتفاع قيمة الفرنك بقوة.
وكان المصدرون السويسريون قد اشتكوا من الضرر الذي يلحق بهم جراء ارتفاع قيمة الفرنك. لكن الأرقام تظهر بأن الصادرات السويسرية حققت مكاسب هامة في الربع الأول من هذا العام.
ويشار إلى أن الانهيار الأخير لليورو ثم القرار الذي اتخذته وكالة التصنيف الأمريكية “ستاندار آند بورز” بتخفيض التصنيف الإئتماني لليونان والبرتغال وإسبانيا عاملان أحدثا اضطرابات في أوساط الأسواق والمستثمرين على حد سواء. وفي ظل هذا الوضع، تأرجحت قيمة اليورو لعدة أيام في حدود 1,32 فرنك سويسري.
swissinfo.ch: إلى أي مدى تـــُظهر قيمة الفرنك بأن للبنك الوطني السويسري دورا فاعلا في السوق وبأنه يراقب الوضع عن كثب؟
يان-إغبرت شتورم: لقد كرر البنك الوطني السويسري باستمرار أنه لن يسمح بارتفاع سريع لقيمة الفرنك. وبالنظر إلى الوضع الحالي المرتبط باليونان (…) نفترض أن البنك الوطني السويسري يقوم بدور نشيط، ولكننا للأسف لا نعرف ما يجري حقا لأن بيانات البنك تُنشر دائما بشهر من التأخير. ولا توجد سوى أرقام شهرية، وبالتالي لا يمكننا أبدا أن نــُحدد بالضبط ما إذا كان البنك قد تدخل أم لا.
ماذا يعني بالضبط قيام البنك الوطني السويسري بــ “دور نشط”؟
يان-إغبرت شتورم: إن المبدأ الأساسي يتمثل في شراء البنك لليورو وفي تزويده السوق بمبالغ أكبر من الفرنك السويسري، وبهذه الطريقة يخفض من قيمة الفرنك الذي قد يواجه احتمال ارتفاع سعره.
هل يمكن أن يكون لضعف اليورو تأثير هام على الصادرات السويسرية والانتعاش الاقتصادي على وجه التحديد؟
يان-إغبرت شتورم: أعتقد أن ما هو أكثر أهمية هنا هو الوضع الاقتصادي في أوروبا. بالطبع، إذا ما ارتفع سعر السلع السويسرية بسبب ارتفاع قيمة الفرنك، فذلك لن يكون مفيدا للقطاع التجاري. ولكن يجب علينا أن ندرك أيضا أن قطاع الصادرات السويسرية ينتج عادة سلعا متخصصة جدا، وبالتالي فإن احتمال تقلب سعرها منخفض جدا، وهذا يعني أنه إذا ما زاد ضغط الصعود على الفرنك السويسري، فلن يكون لذلك تأثير كبير وفوري على الطلب على المنتجات السويسرية.
في المقابل، ما هو أكثر خطورة هو احتمال تراجع الإقتصاد الأوروبي أو دخوله ما يشبه الإنكماش أو مرحلة من الركود. آنذاك، سيـــُضـر ضعف الطلب بقطاع الصادرات السويسرية وهذا ربما أكثر خطرا من تقلبات أسعار الصرف.
إلى أي مدى يمكنكم القول إن الفرنك السويسري لا يزال ملاذا آمنا، خاصة أمام العملات الأوروبية؟
يان-إغبرت شتورم: لا يوجد أبدا يقين مُطلق في هذا المجال، ولكن الأسباب الرئيسية للضغط التصاعدي الحالي على الفرنك السويسري هي ربما ناجمة عن المشاكل المرتبطة بالوضع في اليونان. وبهذا المعنى يمكن القول أنه (الفرنك) ملاذ آمن. الناس يجهلون طبيعة تأثيرات هذه المشاكل على اليورو في المستقبل وبالتالي فهم يتخلون عن اليورو للجوء إلى عملات أخرى، ومن بينها الفرنك السويسري.
تعرض النظام الضريبي والسرية المصرفية السويسريان إلى هجمات متكررة في السنوات والأشهر الأخيرة، لكن الناس لا يزالون يرغبون في إيداع أموالهم في سويسرا، أليس كذلك؟
يان-إغبرت شتورم: نعم، الاقتصاد السويسري يشمل قطاعا ماليا هاما جدا، ولقد بــنينا لأنفسنا سمعة طيبة جدا على مدى فترة طويلة من الزمن. بطبيعة الحال، تعطي المشاكل المرتبطة بالنظام الضريبي والسر المصرفي صورة سلبية عن القطاع المالي السويسري. ولكن من جهة أخرى، وكما نستنتج حاليا، لا يزال العنصر الأساسي للنظام المالي السويسري على قيد الحياة.
لماذا تقاوم سويسرا العاصفة الحالية أفضل من غيرها؟
يان-إغبرت شتورم: في أوروبا ككل، يظل أداء سويسرا بالفعل أفضل من بلدان عديدة. ومن بين الأسباب استفادتنا بشكل كبير من التحسن الحالي في آسيا والأسواق الصاعدة عموما. سويسرا تصدر كميات كبيرة نسبيا، على الأقل بالمقارنة مع بلدان أوروبية أخرى، وبهذا المعنى نحن نستفيد أكثر قليلا من باقي الأوروبيين من الإقتصاد العالمي.
ويعود ذلك جزئيا إلى تركيبتنا. فإذا نظرتم مثلا إلى قطاع صناعة الساعات، فستجدون أننا نشهد مرة أخرى نموا حقيقيا لمعدل الصادرات. ولا تــــُصدّر الساعات كثيرا باتجاه أوروبا بل نحو آسيا – نحو تلك المناطق التي نرى فيها بوضوح ارتفاعا واضحا لمعدلات النمو. الناس هناك يحققون أرباحا كبيرة جدا لدرجة أنهم يطلبون من جديد هذه الأنواع من المنتجات الفاخرة.
روبرت بروكس – swissinfo.ch
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)
خفضت وكالة التصنيف الأمريكية “ستاندرد آند بورز” التصنيف الإئتماني لكل من اليونان والبرتغال يوم 27 أبريل 2010، ثم تصنيف إسبانيا يوم 29 أبريل، مما يشير إلى اتساع رقعة الأزمة.
وأعرب محللون عن اعتقادهم بأن تخفيض التصنيف الإئتماني لإسبانيا، نظرا لكونها تمثل اقتصادا أهم بكثير من اليونان والبرتغال، قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في منطقة اليورو.
لكن مؤسسة “ستاندرد آند بورز” أوضحت أن خفض التصنيف الإئتماني لإسبانيا لا يشكك بتاتا في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المرتبطة بالديون.
للمرة الأولى منذ خريف عام 2008، ارتفع حجم الصادرات والواردات السويسرية.
وسجلت الصادرات قفزة هامة على الرغم من قوة الفرنك، بحيث زادت صادرات كل من قطاعي الساعات والصناعات المعدنية بحوالي الثلث.
وحقق الميزان التجاري أرباحا قدرها 5,7 مليار فرنك. أما الطلب على الصادرات السويسرية فقد ارتفع في كافة القارات، لكن الطلب عليها كان أقوى من بلدان أوسيانيا وآسيا.
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.