الاستثمارات الأخلاقية تجتذب المزيد من الأموال
يوما بعد يوم، يزداد اهتمام السويسريين بالاستثمار في الشركات التي لا تنتهك حقوق الإنسان وتحترم البيئة وتساهم في التنمية المستديمة.
ويشير تقرير حديث إلى أن كبار مديري الثروات اتجهوا منذ فترة إلى الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة والتنمية المستديمة في استثماراتهم، لكن الحصيلة النهائية لازالت متواضعة.
تتعزز في سويسرا ظاهرة الاستثمارات المستديمة، التي تستجيب لمقاييس اجتماعية وبيئية، حيث ارتفع حجمها الإجمالي بنسبة 240% على مدى السنوات الخمس الأخيرة ليصل إلى 10،6 مليار فرنك في موفى عام 2005.
هذه المعلومات كشفت عنها دراسة أنجزتها مؤسسة إيتوس ETHOS وشركة صام SAM لإدارة الثروات وسويسكانتو SWISSCANTO ومصرف سارازان وبنك يو بي ايس ومصرف كانتون زيوريخ، ونُـشرت يوم 18 أبريل الجاري.
وتشير الدراسة التي أجريت على 19 مؤسسة مالية توفّـر هذه النوعية من الاستثمارات إلى أن النتائج التي حققتها ليست أقل مردودية من الاستثمارات التقليدية، إلا أن النمو المسجل من طرف الاستثمارات المستديمة يتم على حساب الاستثمارات المؤسسية، أي التي تقوم بها صناديق التقاعد مثلا.
وعي جديد
توصلت الدراسة إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر وعيا بأنه من مصلحتهم منح الأولوية إلى التصرف الرشيد في المؤسسة وإلى احترام المقاييس البيئية والاجتماعية. لذلك، وُضعت 77% من الاستثمارات المستديمة في سويسرا في أسهم و12% منها في سندات و4% في شركات غير مسجلة في السوق المالية، وفي غير ذلك.
ويوضّـح إيفو كنوبفل، مدير شركة « ON Values » الاستشارية المتخصصة في الاستثمارات الأخلاقية، أن “المستثمرين بصدد استيعاب أبعاد العولمة، وفهم أن بعض الحقائق القائمة، كالتغييرات المناخية يمكن أن تكون لها انعكاسات هائلة على بعض القطاعات الاقتصادية، لذلك، بدؤوا – بدون ضجيج – في أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار”.
بطبيعة الحال، لم يتحول مديرو الثروات كلهم إلى “قدّيسين”، ولكنهم اكتشفوا أن بإمكانهم تحقيق أرباح مالية جيدة في قطاع الاستثمارات الأخلاقية. ويشير إيفو كنوبفل إلى “أننا نجد اليوم في الصحف إعلانات تحث على الاستثمار في الطاقات المتجددة أو الحرارية، والمعلوم أنه لا يمكن الحصول على مردودية عالية في عدد من هذه القطاعات”.
قطرة ماء في محيط
رغم هذا التطور المسجل، تظل الاستثمارات المستديمة في مستوى منخفض، فهي لا تتجاوز 1% من إجمالي المبالغ المستثمرة في مجال إدارة الثروات، أي مجرد قطرة في محيط الاستثمارات في سويسرا.
في المقابل، قد يكون هذا الرقم (1%) أقل من الواقع، حيث يعتقد إيفو كنوبفل أن الإحصائيات الرسمية متشائمة جدا، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار إلا الصناديق الاستثمارية المتخصصة، التي تُـعلن بنفسها أنها مستديمة.
أما الإشكال الحقيقي، فيتمثل في أنه ليس من السهل (أو من المتاح) دائما اقتناء أسهم في صناديق استثمارية أخلاقية. وهنا، يرى أندرياس ميسباخ، من منظمة “إعلان برن” غير الحكومية أن “الكثير من الناس في سويسرا لا يشترون السلعة التي يرغبون فيها بالتحديد، لأن أغلبية الصناديق الاستثمارية تتوفر في محفظاتها على كبريات الشركات المسجلة في البورصة التي تبدو حساسيتها تجاه التنمية المستديمة مثيرة للنقاش على أقل تقدير”، حسب قوله.
على كل، لا جدال في أن الصناديق الاستثمارية الأخلاقية أحدثت تغييرا في عالم المال، حيث يقول إيرول بيسلان من بنك سارازان: “لا يمكن القول أن كل شيء وردي. لكن هناك، على الأقل، بعض الشركات التي أصبحت تفكّـر بشكل أكثر أخلاقية وتضامنا من ذي قبل”.
سويس انفو مع الوكالات
في سويسرا، تتجاوز الأموال المستثمرة في الصناديق الأخلاقية 10 مليار فرنك.
تبدو الزيادة من خلال النسب المائوية هائلة، لكن المبالغ الإجمالية المستثمرة تظل متواضعة.
تعتبر بريطانيا والسويد وفرنسا وبلجيكا، أكثر البلدان تطورا في مجال الصناديق الأخلاقية.
نشأت الاستثمارات الأخلاقية في البلدان الأنغلوساكسونية في العشرينات من القرن الماضي بناء على اعتبارات دينية. هذه النوعية من الاستثمارات تمثل حاليا 8% من مجمل الاستثمارات في تلك البلدان. أما في سويسرا، لازالت هذه النسبة أقل من 1%.
تعريف الصناديق الأخلاقية واسع جدا في الولايات المتحدة، حيث يوصف الصندوق الاستثماري الذي يستبعد صناعة التبغ من أسهمه بأنه أخلاقي. في المقابل، يحتاج صندوق من هذا القبيل في سويسرا إلى إقامة الدليل على التزام معين بالتنمية المستديمة.
أظهرت الدراسة التي نُـشرت يوم 18 أبريل الجاري في سويسرا، بأن مردودية هذه الصناديق التي تشهد إقبالا عليها من طرف كبار المستثمرين المؤسسيين لا تبتعد كثيرا عن الصناديق التقليدية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.