مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاسـتـثـمـارُ تـحـت الـحـصـار

Keystone

في قطاع غزة حصار ودمار وقتل، وعلى أراضي شقيقتها التوأم المنفصلة عنها الضفة الغربية، تقوم معازل ومناطق تحولت الى جزر منعزلة بفعل حواجز وقيود الاحتلال الاسرائيلي.

مع ذلك، توفرت مساحة من الزمان والمكان والانسان، كانت كافية لتنظيم مؤتمر دولي حضره ألف شخص تقريبا للاستثمار في فلسطين.

المؤتمر الذي انعقد على مدار ثلاثة أيام في مدينة بيت لحم، مهد المسيح التي يطوقها جدار عزل اسرائيلي، استطاع الخروج بحزمة مشاريع استثمارية ستوفر 35 الف فرصة عمل للسوق المحلية.

وفي هذه التظاهرة الدولية الأولى من نوعها، تمكن الفلسطينيون من استضافة 337 شخصية فلسطينية وعربية و 122 مستثمرا اجنبيا وحوالي 100 شخصية قدموا من عشرات الدول في مختلف مناطق العالم.

وبإعلانهم عن 109 مشروعا جاهزا للتنفيذ بقيمة تصل إلى نحو 1,4 بليون دولار كان بامكان منظمي المؤتمر أن يتجاوزوا العثرات الادارية والتنظيمية التي رافقت افتتاح المؤتمر.

ثمة شيء ما، خارج عن طبيعة الظروف التي تعيشها الأراضي الفلسطينية: استثمار تحت الحصار والضرب والقتل لم يمنع مستثمرين عربا وأجانب من القدوم إلى بيت لحم والتوقيع على عقود بمئات ملايين الدولارات.

ولم يكن قطاع العقارات صاحب النصيب الأكبر من المشاريع بحوالي 500 مليون دولار (ستذهب لمشروع إقامة بلدة جديدة قرب رام الله ومشروع مركز تجاري على مدخل المدينة الشمالي ايضا)، بل إن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حظي بحوالي 650 مليون دولار من المشاريع، بنما ذهبت نحو 100 مليون أخرى لقطاع الصناعة في الأراضي الفلسطينية، إضافة الى عدد من المشاريع الأخرى المتنوعة.

طموح حقيقي ولكن..

الرئيس التنفيذي للمؤتمر حسن أبولبدة قال في حديث لسويس انفو إنه “واثق جدا من أن المؤتمر حقق نجاجا كبيرا فاق توقعات المنظمين، لكن التنفيذ يظل رهنا بالتطورات على الأرض وانعكاسات الوضع السياسي”.

وقال أبو لبدة “إذا كان للقطاع الخاص الفلسطيني أن يفتح نافذة في النفق المفروض عليه من إسرائيل، وإذا كانت السلطة جادة في رفع الضغوط الواقعة عليها سواء فيما يتعلق بالتشغيل أو مستويات الرفاه، وإذا كان للمجتمع الفلسطيني أن يعزز شبكة علاقاته مع العالم فلا بد أن يكون المؤتمر بداية”.

وكانت السلطة الفلسطينية قد عملت على مدار الأشهر الاخيرة على توفير عنصرين أساسيين شكلا محور جذب للمستثمرين الأجانب والعرب وهما: قانون تشجيع الاستثمار الجديد، وضمانات القروض التي تحمل أيضا تأمين المخاطر.

وقال سمير عبد الله وزير التخطيط في الحكومة الفلسطينية “نحن ندرك ان منطقتنا هي منطقة مخاطر كبيرة، لذلك عملنا علبى تقديم كل ما يلزم لتشجيع المستثمرين على القدوم إلى فلسطين”.

وتقدم رزمة تشجيع الاستثمار إعفاء ضريبيا كاملا للمستثمرين إضافة إلى مجموعة تسهيلات متكاملة تشمل جميع الإجراءات المتعلقة بتحويل الأموال وإدخال المعدات والأدوات والاستيراد ومخنلف القضايا اللوجستية.

يضاف إلى ذلك مشاركة مؤسسات استثمارية أجنبية في توفير ضمانات قروض تصل إلى نحو 500 مليون دولار، لاسيما في تشجيع اقتناء المنازل لذوي الدخل المحدود، حيث تتضمن المشاريع المتعلقة بالعقارات بناء أكثر من ثلاثين ألف وحدة سكنية.

وقد أولت الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض القطاع الخاص اهتماما كبيرا وكانت اكملت للتو مشروع “الشراكة” بين القطاعين العام والخاص الذي تتعهد فيه بتقديم “كل ما يلزم” لخدمة القطاع الخاص.

وكان الرئيس محمود عباس قد تعهد شخصيا لدى افتتاح المؤتمر أمام المستثمرين المشاركين “بحماية استثماراتهم”، لكنه قال: “إن صورة الاوضاع في الأراضي الفلسطينية ليست وردية، ونحن نواجه العديد من التحديات”.

المعيقات والعقبات

وفي حين يمكن للفلسطينيين التمتع بما حققوه من إنجازات في خلال المؤتمر، الذي رفع مقياس التفاؤل بعض الشيء فانه يتوجب عليهم الانتباه إلى أن السوق الفلسطينية مفتوحة أيضا على كل الاحتمتالات، بالرغم من اتفاقات ضمانات القروض وتأمين المخاطر.

وفي الوقت الذي كان فيه المنظمون يعلنون عن إنجازات المؤتمر، كانت الامم المتحدة تنشر آخر تقاريرها حول الحواجز الإسرائيلية ونقاط التفتيش التي تُقطع أوصال الضفة الغربية وتقول إن عددها قد فاق 600 حاجزا.

وفي غضون ذلك كانت الآليات الثقيلة للجيش الاسرائيلي تقوم بأشغال توسعة عند “حاجز حوارة” على مدخل مدينة نابلس، شمال الضفةالغربية، في خطوة جديدة لتحويل الحاجز العسكري المقام هناك عند مدخل عاصمة الفلسطينيين الصناعية، إلى معبر دولي على غرار المعبر الذي أقامته على مدخل القدس الشمالي إضافة إلى ذلك الآخر المتربع منذ سنوات على مدخل قطاع غزة.

وبينما يقول رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، وهو الخبير الاقتصادي القدير إن الاستثمار “جزء من بناء الدولة” وأنه “لا يمكن أن نسمح للاحتلال باعاقة التنمية”، ثمة من يقول إن الاستثمار تحت الحصار هو “دفع لحياة أطول للإحتلال”.

وقال وزير ونائب سابق رفض الكشف عن هويته في تعليقه على المشاريع التي انبثقت عن مؤتمر بيت لحم للاستثمار “هذا مال سياسي وهذه مشاريع سياسية”، لكن السياسة متعثرة بدورها على الجانب الفلسطيني أيضا.

هشام عبدالله – رام الله

بيت لحم (الضفة الغربية) (رويترز) – تعهد مسؤولو شركات عالمية بالاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني وذلك في مؤتمر تستضيفه مدينة بيت لحم بالضفة الغربية يوم الاربعاء 21 مايو 2008 لكنهم قالوا انه يتعين ازالة القيود الاسرائيلية لكي يزدهر الاقتصاد.

وكشف مستثمران عربيان اثنان على الاقل عن اتفاقين كبيرين. فقد أعلن مستثمر قطري مشاركته في مشروع لانشاء مدينة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية بينما قالت مجموعة بقيادة سعودية انها ستنفق 200 مليون دولار على بناء مراكز تسوق في رام الله.

وقال منظمو المؤتمر ان قرابة 500 مشارك أجنبي كثير منهم يمثلون مستثمرين من دول الخليج العربية حضروا المؤتمر الى جانب المئات من الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والذي يعقد بفندق في بيت لحم التي تبعد أمتارا قليلة عن الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية.

ويأمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض في تسليط الضوء على فرص الاستثمار في الاراضي الفلسطينية في محاولة لتعزيز الاقتصاد بينما يواصلان محادثات سلام مع اسرائيل تدعمها الولايات المتحدة. وقال عباس في كلمة في افتتاح المؤتمر ان الاستثمار في الاراضي الفلسطينية لن يكون مربحا فحسب وانما سيسهم في تحقيق وتعزيز أسس عملية السلام في الشرق الاوسط فضلا عن المساهمة في ارساء الامن ودعم الاقتصاد.

واعتبر توني بلير مبعوث رباعي الوساطة الدولية للسلام بالشرق الاوسط والذي يتولى مسؤولية مساعدة الفلسطينيين في طريقهم لاقامة دولتهم أن مجرد تنظيم المؤتمر يشير الى أن فرص الاستثمار سانحة رغم العراقيل الرئيسية مثل القيود الاسرائيلية. لكن عباس حذر من أن الاقتصاد الفلسطيني لن يبدأ النهوض قبل انتهاء الاحتلال الاسرائيلي وهي المشاعر التي انعكست في تصريحات عدد من المستثمرين.

ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من أن المئات من حواجز الطرق ونقاط التفتيش التي تقيمها اسرائيل في الضفة الغربية تعرقل التجارة وتخنق النمو الاقتصادي. وتقول اسرائيل انها ضرورية لمنع المهاجمين الانتحاريين من دخول مدنها.

وابلغ خوان جوزيه دابوب المدير الاداري بالبنك الدولي رويترز أن المناطق الفلسطينية صالحة للاستثمار رغم المئات من حواجز الطرق ونقاط التفتيش التي يشكو كثير من رجال الاعمال المحليين من أنها تعرقل التجارة. واضاف في تصريحات من بيت لحم الواقعة الى الجنوب مباشرة من القدس “نأمل جميعا أن تحل القضايا .. وازالة نقاط التفتيش أو خفضها الى الحد الادنى. هذا شيء نأمل حدوثه في المستقبل القريب.”

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 مايو 2008)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية