مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الاشتراكيون يرفضون خطّـة الحكومة.. والعلاوات تثير الإمتعاض

Keystone

تتباين الآراء في سويسرا حول خُـطّـة الإنقاذ، التي اعتمدتها الحكومة الفدرالية لفائدة مصرف يو بي إس، وشهدت الأيام الأخيرة جدلا واسعا حول الخُـطوة الاستثنائية بين مؤيد ومنتقد ورافض لها.

أشار استطلاع للرأي، نُـشرت نتائجه يوم الأحد 19 أكتوبر في صحيفة سونتاغس بليك، إلى أن حوالي نصف السويسريين يؤيِّـدون خُـطّـة الحكومة الفدرالية، لتعزيز الساحة المالية السويسرية، التي أعلِـن عنها يوم الخميس 16 أكتوبر، لكن 90% منهم يعتقدون أنه يجب على مصرف يو بي إس تسديد المساعدة التي سيحصُـل عليها (60 مليار دولار) إلى الكنفدرالية.

من جهة أخرى، رفض الحزب الاشتراكي خُـطّـة الإنقاذ وتقدّم بمقترح بديل، يحمل عنوان “نريد أسهُـما لا أوراقا.. من أجل مقابلٍ فعلي لفائدة الكنفدرالية” يدعو إلى دخول السلطات الفدرالية في رأسمال المصرف.

وفي تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية، أكّـد ألان بيرسي، عضو مجلس الشيوخ والمسؤول في الحزب الاشتراكي، الخبر وقال “إذا ما كانت الدولة ستستثمر بهذا الحجم في مصرف يو بي إس، فيجب عليها أيضا أن تتمكّـن من ممارسة رقابة حقيقية”، وأضاف في نفس الاتجاه، أنه لا يوجد أي مبرِّر لسويسرا كي تنتهج نفس الأسلوب، الذي اختارته الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي.

مقترحات بديلة

ويقترح المشروع المعاكس، الذي تقدّم به بيرسي بالاشتراك مع سوزان لويتنيغر اوبرهولتسر، عضوة مجلس النواب، منع مصرف يو بي إس من دفع رواتب تفوق المليون فرنك في السنة ومن دفع العلاوات المرتبطة بالمخاطر وبالأداء على المدى القصير. كما تضمّـنت وثيقة المشروع، التي ستُـناقش داخل المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي في غرفتي البرلمان الفدرالي، إدانة بالأسلوب الذي اعتمدته الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري، للتشريع في هذه الأزمة، “وكأننا في حالة حرب”.

وللتذكير، ينُـص مشروع الحكومة الفدرالية على أن يتمّ تحويل 60 مليار دولار من الودائع “غير السائلة” (من بينها 54 مليار في شكل قرض مقدّم من البنك الوطني السويسري ويخضع لرقابته، فيما يقوم مصرف يو بي إس بضخّ المليارات الستة المتبقية والممنوحة عمليا من طرف برن) من المصرف الأول في سويسرا، إلى هيكل قانوني يتّـخذ من جزُر كايمان مقرا له.

عمليا، يقترح الحزب الاشتراكي أن تقوم الكنفدرالية والكانتونات بتأسيس شركة استثمار، تخضع للقانون السويسري، تتقاسم ملكيتها (ثلث للكنفدرالية وثلثان للكانتونات)، كما بلْـوَر خطّـة ثانية، تتضمّـن مقترحات لإدخال تحسينات طفيفة على الخطّـة التي اقترحتها الحكومة.

وسعيا منه لتجنّـب خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر على المجتمع، يريد الحزب الاشتراكي أيضا أن تكون خسائر الشركة، التي يُـعتزم إنشاؤها، مغطّـاة بالكامل بواسطة أسهم يو بي إس. وفي هذا الصدد، يعتبر الحزب أن الـ 100 مليون سهم يو بي إس، التي وردت في المشروع الفدرالي والتي تمثل حوالي مليارين من الفرنكات بالقيمة الحالية، غير كافية تماما.

آراء معاكسة

رغم الصدى الإعلامي الجيّـد لهذه المقترحات، فإنها لا تحظى بعدُ بالإجماع داخل الحزب الاشتراكي نفسه. ففي تصريحات أدلى بها مساء الأحد إلى التلفزيون السويسري الناطق بالفرنسية، صرّح جون ستودر، نائب رئيس البنك الوطني السويسري وعضو مجلس الشيوخ، أنه يفضِّـل “مساعدة هذه السفينة التي تُـسمّـى يو بي إس على الإبحار مجددا، بدل الصعود على متنها، في حين أننا لا نعلم بالتحديد الوضعية التي توجد عليها”.

من جهته، اعتبر بيتر سيغنتالر، مدير الإدارة الفدرالية للمالية، أن رفض البرلمان القرض الممنوح من طرف الكنفدرالية إلى مصرف يو بي إس (بقيمة 6 مليارات من الفرنكات)، سيؤدّي إلى حدوث مشاكل ضخمة، لكنه استطرد مشيرا إلى أنه واثق في نتيجة التصويت.

وذكّـر سيغنتالر في تصريحات نشرتها صُـحف سويسرية ناطقة بالألمانية، أن الحكومة الفدرالية قد طلبت (وحصُـلت على) موافقة المفوضية البرلمانية للمالية، وأشار إلى أن هذه الالتزامات يجب أن تُـحترم، وإلا فإنه سيتوجّـب على برن أن تدفع تعويضات هائلة.

العلاوات الضخمة تثير غضبا عارما

الجدل القائم هذه الأيام في سويسرا لم يقتصر على الرفض الاشتراكي لخطّـة الحكومة لإنقاذ أكبر المصارف السويسرية، بل توسّـع ليشمل قضية العلاوات الممنوحة إلى كبار المسؤولين في مصرف يو بي إس بالتحديد.

ففي الوقت الذي كانت السلطات الفدرالية تكشف فيه، يوم الخميس الماضي بشكل مفاجئ، عن دعمها المكثّـف لمصرف يو بي إس، لم يتردّد بيتر كورر، رئيس المصرف في التصريح في نفس مساء ذلك اليوم، بأنه لا يستبعد حصول المصرفيين العاملين لديه على المزيد من العلاوات.

الردّ جاء قاطعا وحاسما على لسان الوزيرة إيفلين فيدمر – شلومبف، التي قالت “لا يُـمكن لي أن أقبل منح علاوات، في الوقت الذي يتمّ فيه تبديد مثل هذا الحجم من المال”، ومع أن بيتر كورر حاول إثر ذلك تنسيب تصريحاته، التي اعتبر أنه قد أسيء فهمها، إلا أن صحيفة سونتاغ، الصادرة يوم الأحد 19 أكتوبر، كشفت أن حوالي 7 مليارات فرنك ستُـدفع في شكل علاوات إلى كبار المسيِّـرين في مصرف يو بي إس في فصل الربيع القادم.

المتحدثة باسم المصرف، حاولت تخفيف وقع هذا الخبر، وقالت “سيتمّ دفع علاوات، لكن المبلغ سيكون أقل من العام المنقضي” (كان المبلغ في عام 2007 حوالي 12،5 مليار فرنك).

رئيس الحزب الاشتراكي كريستيان لوفرا أعلن من جانبه أنه يريد رفع شكوى مدنية ضد مارسيل أوسبيل، الرئيس السابق لمصرف يو بي إس، وقال إنه يعتزم إدراج هذه المسألة على جدول أعمال الجمعية العمومية الاستثنائية للمصرف، التي ستُـعقد في شهر نوفمبر القادم.

في السياق نفسه، أعلن الخُـضر والراديكاليون، أنهم يريدون وضع حدٍّ لمسألة العلاوات المرتفعة جدا الممنوحة إلى كبار المسيِّـرين في المصارف وفي العديد من الشركات الكبرى.

سويس انفو مع الوكالات

يوم الخميس 16 أكتوبر 2008، قررت الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري واللجنة الفدرالية للبنوك، تنفيذ جملة من الإجراءات لزيادة استقرار النظام المالي السويسري وتعزيز الثقة بشكل مستدام إزاء السوق المالية السويسرية.

الحكومة الفدرالية أكّـدت اقتناعها بأن هذه الحزمة من التدابيـر، من شأنها تعزيز النظام المالي السويسري، واعتبرت أن الاستقرار الذي يتم الحصول عليه (بفضل هذه الإجراءات)، سيعزّز التنمية الشاملة للاقتصاد السويسري ويخدم مصالح البلاد.

وقد كلفت الحكومة الفدرالية وزارة المالية أن تقدم لها خلال الدورة الشتوية لغرفتي البرلمان الفدرالي (مجلس النواب والشيوخ) خطة تهدف إلى تعزيز فوري لحماية المودعين.

بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على وزارة المالية أن تقدم للحكومة الفدرالية، حتى نهاية مارس 2009، مشروع تنقيح مُعمق لمجمل النظام المعتمد لضمان الودائع في المصارف السويسرية (لا يتجاوز حاليا 30 ألف فرنك).

فضلا عن ذلك، تتخـذُ الكنفدرالية والبنك الوطني السويسري إجراءين منسقين فيما بينهما من أجل تعزيز موازنة اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إي” (UBS):

يوفّـر البنك الوطني السويسري إمكانية تحويل أصول غير سائلة لتصفيتها بالشكل الواجب في شركة متخصصة.

تقوم الكنفدرالية بتـعزيز قاعدة رأسمال اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إس” من خلال الإسهام في قرض مُلزم التحويل بمبلغ 6 مليار فرنك. وقد تمت المصادقة على القرض الضروري من قبل لجنة الشؤون المالية.

(المصدر: مقتطفات من بيان وزارة المالية الصادر في برن يوم 16 أكتوبر 2008)

swissinfo.ch

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية