“الاقتصاد الفلسطيني في حاجة إلى طرق تجارية بديلة”
أوصى التقرير السنوي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عن حالة الاقتصاد الفلسطيني بضرورة إيجاد طرق تجارية بديلة عن معبر رفح، وبالأخص في اتجاه موانئ أردنية ومصرية.
وبعد تقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يشدد التقرير على ضرورة عدم التركيز فحسب على النقاش الأمني، بل توسيع ذلك ليشمل كيفية دعم أسس الاقتصاد الفلسطيني الذي لحقت به أضرار تقدر بحوالي 8 مليار دولار ما بين 2000 و2005.
يشير تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” الصادر مساء الخميس 30 أغسطس في جنيف الى أن الوضع الاقتصادي في الاراضي الفلسطينية يعاني من التركيز الشديد على الاحتياجات الطارئة للشعب الفلسطيني، وتجاهل، إلى حد كبير، التفكير أو النظر الى كيفية إرساء أسس صحيحة لهذا الاقتصاد الفلسطيني على المدى البعيد.
كما نصح التقرير بضرورة تحول النقاش السائد من تركيز على القضايا الأمنية ليوجه نحو تأمين تدفق مضمون للتجارة عبر المنطقة. كما يقدم عدة توصيات بهذا الخصوص.
عزلة وتراجع وخسارة بالمليارات
وفي تقييم منظمة الأونكتاد لحالة الاقتصاد الفلسطيني اليوم، يشير التقرير الى أن “القيود المفروضة على حرية حركة الأشخاص والسلع قد أدت إلى عزل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عن الأسواق العربية والإقليمية والعالمية، وأحدثت تجزؤا مقنٌنا ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وعن حجم الخسارة التي مني بها الاقتصاد الفلسطيني في الدخل القومي للسنوات الممتدة ما بين 2000 و2005، يقول التقرير إنها تقدر بحوالي 8،4 مليار دولار.
أما نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي فانخفض بنسبة 15% في عام 2006، كما تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6،6%.
وعن أوضاع البطالة، يشير التقرير الى أنها بقيت في مستوى 30% بينما تفاقم مستوى الفقر وبلغ مستويات لم يسبق لها مثيل جعل 53% من الأسر الفلسطينية تعيش دون مستوى الفقر. ويذكر بأن مستوى الفقر قدر في عام 2005 بحوالي 385 دولارا في الشهر للعائلة الواحدة التي يبلغ متوسط عدد اعضائها ستة أشخاص.
ميزان تجاري لصالح إسرائيل
وقد أدت الأوضاع التي تعرفها الأراضي الفلسطينية إلى تدهور القدرات الزراعية والصناعية على الرغم من أهمية هذين القطاعين كمصدر للعمالة. وفي الوقت الذي عرفت فيه الصادرات الفلسطينية تراجعا بنسبة 3% في عام 2006، يلاحظ التقرير زيادة الواردات الفلسطينية بنسبة 20% لنفس الفترة. وهو ما جعل الميزان التجاري الفلسطيني يسجل عجزا لم يسبق له مثيل فاقت نسبته 73% من الناتج المحلي الإجمالي.
ونتيجة لتزايد ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بإسرائيل بسبب العزلة المفروضة عليه، يشير التقرير إلى أن حصة إسرائيل من الواردات الفلسطينية تزيد عن 55%. وفي هذا السياق، قال الدكتور محمود الخفيف، المشرف عن إعداد تقرير الأونكتاد “كل دولار من الصادرات الفلسطينية يذهب نصفه إلى إسرائيل”.
توصيات رغم صعوبة الوضع
وينتهي تقرير الأونكتاد الى إصدار توصيات حول كيفية تحسين أسس قيام اقتصاد فلسطيني قادر على تجاوز العقبات الحالية. ومن هذه العقبات، تآكل حيز أختيار السياسات العامة بسبب احتجاز إسرائيل للإيرادات الضريبية الفلسطينية التي تحصلها نيابة عن السلطة الفلسطينية، وتعليق المانحين تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية منذ وصول حركة حماس للسلطة، إضافة الى تأثيرات سياسة الإغلاق التي تطبقها إسرائيل بصورة منهجية على مدى سبع سنوات، كما جاء في التقرير.
وعلى الرغم من تدفق أكثر 900 مليون دولار من المساعدات الخارجية، مما ساعد في التخفيف من حدة عجز السلطة عن الإيفاء بحاجيات الشعب الفلسطيني، فإن التقرير يرى أن السلطة غير قادرة على التيقن من مدى توفر الموارد العامة، وهو ما يجعلها في وضع حرج لتحديد سياسات عامة لإدارة الاقتصاد.
كما ينوه التقرير الى أن قسما كبيرا من هذه التدفقات المالية الخارجية قد حول عبر قنوات لا مركزية غير تابعة للسلطة الفلسطينية، وهو ما يزيد من إضعاف دور السلطة وإضعاف نظمها الخاصة بالوساطة المالية والرقابة النقدية وما يؤدي الى “تآكل حيز السياسات العامة المتاح أمام المسئولين الفلسطينيين والمحدود أصلا” على حد تعبير تقرير الأونكتاد.
ورغم تعداد كل هذه العراقيل، يوصي تقرير الأونكتاد بضرورة “التقليل الى أدنى حد من التأثر الاقتصادي للتدابير الأمنية الإسرائيلية”، ويقترح لذلك “منح الفلسطينيين حيزا أوسع على صعيد السياسات العامة، وبالأخص تمتع الحكومة الفلسطينية بحرية اختيار السياسة الاقتصادية الملائمة بالإضافة إلى زيادة الدعم الخارجي.
كما يوصي تقرير الأونكتاد بضرورة توسيع أفق التجارة الفلسطينية إلى ما إبعد من ممر رفح التجاري. بعبارة أخرى، يوصي مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بضرورة إعادة تقييم النظم التجارية الإقليمية القائمة بين فلسطين وإسرائيل وباقي الدول العربية وباقي دول العالم.
ويحث بالخصوص على ضرورة “إيجاد طرق تجارية بديلة تستند الى اتفاقات نقل عابرة إقليمية”. ويرى التقرير أن الدراسة التي قامت بها الأونكتاد “وجدت أن تكلفة تفعيل الصادرات الفلسطينية عبر موانئ الأردن ومصر قد تساوي أو تقل عن تكاليف المرافق الإسرائيلية”.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو عمن بإمكانه التأثير لتفعيل طرق التصدير الفلسطينية الجديدة، أوضح الدكتور محمود الخفيف بأن “ذلك قد تسهم فيه السلطة وإسرائيل وجامعة الدول العربية بحكم الاتفاقات التجارية القائمة”. كما أن على العديد من الهيئات مثل البنك الدولي والمنظمات الدولية أن تسهم في تحقيق ذلك.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
يقدر حجم الخسارة في الدخل القومي ما بين 2000 و2005 بحوالي 8،4 مليار دولار.
بقي مستوى البطالة في حدود 30%.
53% من الأسر الفلسطينية تعيش دون مستوى الفقر، وهي أعلى نسبة على الإطلاق.
في عام 2006، عرفت الصادرات الفلسطينية تراجعا بنسبة 3% بينما عرفت الواردات زيادة بنسبة 20%.
سجل عجز الميزان التجاري الفلسطيني أرقاما قياسية بلغت 73% من الناتج المحلي الإجمالي.
55% من واردات فلسطين تأتي من إسرائيل.
يذهب كل نصف دولار من الصادرات الفلسطينية لصالح إسرائيل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.