الانتخابات تهيمن على الحياة السياسية المغربية
حسم المغرب موعد انتخاباته التشريعية القادمة بعد نقاش دام شهورا طويلة حول قانون الانتخابات وموعدها.
وقررت الحكومة في اجتماع لها يوم الخميس 21 فبراير تبنّـي اقتراح وزير الداخلية شكيب بن موسى، بإجراء انتخابات مجلس النواب في السابع من شهر سبتمبر القادم.
الانتخابات التشريعية هيمنت على الحياة السياسية المغربية منذ عدة شهور، بعد أن أدركت الأحزاب أن دورية الانتخابات كل خمس سنوات بات أمرا لم يعد محل نقاش وأن شهر أكتوبر القادم سيعرف تنصيب المجلس النيابي الثامن في المغرب المستقل وإن كان أي من المجالس التي سبقت انتخابات 1997 لم تكمل ولايتها التشريعية، ارتباطا بحالة اللااستقرار السياسي التي عاشتها البلاد منذ أول انتخابات في نوفمبر 1963.
وينص دستور 1996 على أن عدد أعضاء المجلس (325) وفي 2002 بعد صدور القانون المنظم للانتخابات والنص على الاقتراع اللائحي الإقليمي النسبي تم الاتفاق بين المشاركين بالانتخابات، تنظيما أو تنافسا، على أن يتم اختيار 295 منهم في اقتراع مباشر عبر اللوائح في 95 دائرة واختيار ثلاثين امرأة، بناءً على نظام نسبي باللوائح على المستوى الوطني.
والجهات الرسمية المعنية بالانتخابات والأحزاب السياسية انشغلت طوال الشهور الماضية، بما هو مقدر كانعطافة في التاريخ المغربي الحديث، لأن الجميع يريد أن ينسجم إجراء الانتخابات القادمة مع ما يقوله المغاربة من تقدّم تعرفه بلادهم في ميدان الديمقراطية والحريات العامة وأن تجرى هذه الانتخابات بحرية وشفافية ونزاهة، دون أن يلطخها تدخّـل السلطات أو انتشار المال لشراء الأصوات أو التشكيك فيما بعد، بالعملية الانتخابية ونتائجها.
معركة العتبة
وإذا كان القانون المغربي وضع خلال السّـنوات الماضية ضوابط، إلا أن الاتهامات كانت تنطلق بعد النتائج عن تدخلات هنا أو هناك أو خروقات تُـمارسها السلطات لصالح هذا الحزب أو ذاك، فكانت الانتخابات تُـسيء للمغرب بدل أن تقدمه للعالم بصورة إيجابية.
ولم يكن النِّـقاش بين الفاعلين السياسيين حول القانون الجديد المنظم للانتخابات يتمحور حول الخروقات المُـحتملة ووضع الضوابط لتطويقها وتقليصها بقدر ما كان حول ضوابط تحقِّـق نتائج إيجابية لصالح هذا الحزب أو التحالف أو ذاك،
وهنا، اندلعت ما عُـرف بمعركة العتبة، أي تحديد نسبة من نتائج الانتخابات السابقة تسمح لأي حزب المشاركة بالترشيح، وكان صاحب هذا الاقتراح هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحزب الرئيسي في الحكومة، منطلقا من أن العتبة تحُـول دون بلقنة الخارطة السياسية وتشتُّـتها، واعتبر حلفاؤه في حركة اليسار المغربي أن هذه العتبة موجهة ضدهم، فقاوموها ونجحوا في استصدار قرار من المجلس الدستوري ببطلانها، وهو ما اعتبروه مكسبا لهم.
وتراهن الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية المغربية على انتخابات سبتمبر 2007، لأنها إعلانا عن نهاية مرحلة انتقالية تعيشها البلاد منذ منتصف التسعينات، وانطلاق مرحلة الاستقرار السياسي للبلاد ومؤسساتها بترسيخ مواعيد الانتخابات والتناوب على تدبير الشأن العام اعتبار الانتخابات حدثا عاديا في المسار السياسي للبلاد، وليس حدثا استثنائيا أو “عرسا ديمقراطيا”، كما يطلق على الانتخابات في الدول التي تُـعرف أن انتخاباتها تفتقد للمصداقية.
لكن هذا الرِّهان لا يقلِّـص من اهتمام الأحزاب بما يمكن أن تحصل عليه من نتائج يوم الاقتراع، والمكانة التي ستُـؤهلها في تدبير الشأن العام أو المعارضة.
والقانون المنظم للانتخابات، الذي أقر الاقتراع النسبي على اللائحة الإقليمية حاجزا حقيقيا أمام أي حزب للحصول منفردا على أغلبية مُـطلقة في الانتخابات، وهو ما يفرض تحالفات تضمن الأغلبية يتفق الفاعل السياسي على أن رئيس الحكومة القادمة سيكون منها، وليس كما جرى بعد انتخابات 2002، أي أن يكون من التكنوقراط.
في داخل الأغلبية الحالية المكوّنة من ستة أحزاب، وفي الوقت الذي يطمح ثلاثة منها (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والحركة الشعبية) لاحتلال المرتبة الأولى ليكون له نصيب رئاسة الحكومة، تتوجّـه أنظار كل منهم إلى حزب العدالة والتنمية الأصولي المعتدل، والذي حقق نتائج إيجابية في انتخابات 2002، وتقدّر دراسات غربية احتلاله للمرتبة الأولى في انتخابات 2007، وهو ما يُـؤهله لرئاسة أول حكومة في مرحلة الاستقرار.
عزوف المواطنين عن المشاركة
وإذا كان الاقتراع والمرتبة تشغل الأحزاب السياسية، فإن ما يشغل الفاعل السياسي هو عزوف المواطنين عن المشاركة في هذه الانتخابات لدرجة أن اقتراحا نوقش، وإن لم يتم الأخذ به، يقول بإجبارية الاقتراع.
ومن المفارقات، أنه في الوقت الذي يعزف به المواطنون عن المشاركة يرتفع عدد الأحزاب المكوّنة للمشهد السياسي المغربي، وهو ارتفاع يُـلحظ كلّـما اقترب موعد الانتخابات، إن كان نتيجة انشقاقات داخل الأحزاب أو رغبة فاعلين في أن تكون لهم مكانتهم وحصّـتهم بالمشهد بعد أن تلاشت نسبيا الفروقات السياسية والفكرية والأيديولوجية بين مكوِّنات المشهد.
وحسب المصادر الرسمية، فإن عدد الأحزاب المسجّـلة رسميا والتي أعلنت مشاركتها في الانتخابات حتى الآن، بلغ 33 حزبا فيما يتوقّـع أن يرتفع هذا العدد بعد استكمال مجموعات لإجراءات قانونية للحصول على رُخصة قانونية للنشاط الحزبي.
وتجري الاستعدادات للانتخابات التشريعية وِفق برنامج زمني يبدأ في عملية إيداع التصريحات بالترشيح خلال الفترة الممتدة من 17 أغسطس إلى 24 منه انطلاق الحملة الانتخابية، الفترة الممتدة ما بين 25 أغسطس إلى 6 سبتمبر وإجراء الاقتراع يوم السابع من سبتمبر.
إلا أن هذه الاستعدادات تجري والفاعل السياسي المغربي منشغل في مكافحة الإرهاب والتهديدات بشنّ جماعات أصولية متشددة، هجمات مسلحة ضد أهداف مغربية وأجنبية بمدن مغربية، أعلنت السلطات المغربية أنها تهديدات جدية، وأيضا تسويق مقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية كحل وتسوية سِـلمية للنزاع المتفجِّـر بالمنطقة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، وهو النزاع الذي استندت إليه تقارير للحديث عن تأجيل الانتخابات إلى مرحلة لاحقة لتسوية النزاع.
وإذا كان المسؤول المغربي حرص على الإسراع لنفي هذه التقارير لأنه يدرك أن مواجهة الهجمات التي تستهدف البلاد وتطورات نزاع الصحراء الغربية قضايا تتطلب انتباها وتدبيرا دقيقا، فإن ما يشغل المواطن المغربي هو حياته اليومية وأزماتها من شعل وسكن وصحة، ويأمل الفاعل السياسي والأحزاب السياسية بإقناع المواطن أن الديمقراطية والانتخابات حلقة منها، طريقا سليما وضروريا لحل هذه الأزمات، إن كانت وطنية أو شخصية.
محمود معروف – الرباط
الرباط (رويترز) – أعلن حقوقيون مغاربة يوم الجمعة 23 فبراير عن انشاء هيئة لمحاربة الرشوة في الانتخابات في خطوة تهدف الى محاربة الفساد وضمان انتخابات شفافة ونزيهة، وذلك قبل اشهر من الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من سبتمبر المقبل.
وقال اعضاء “الهيئة الوطنية لحماية المال العام”، وهي هيئة حقوقية مستقلة في ندوة، إن انشاء “مرصد وطني لمراقبة المال العام في الانتخابات”، يتكفل بمراقبة “تحركات جميع المرشحين والمؤسسات العمومية التي ستسخر وسائلها المادية والمعنوية لمساندة مرشح آخر”.
وقال محمد طارق السباعي، رئيس هيئة حماية المال العام إن هذا المرصد “سيكون بمثابة بنك للمعلومات يستقبل جميع الشكايات، كما سيقوم بدوره برفع شكايات في حالة تسجيل خروقات”.
واشتكى سياسيون وحقوقيون في السابق من استعمال المال والغش وتدخل الادارة في الانتخابات.
وطالب السباعي في الندوة، السلطات المغربية التي سبق ومنعت تجار المخدرات من خوض الانتخابات، بنشر لائحة باسمائهم، كما قال إن الهيئة ستعلن لائحة باسماء “ناهبي المال العام وتطالب بمنعهم من الترشح”، وذلك قبل موعد الانتخابات.
وتعتبر الهيئة التي تأسست في عام 2001 “لفضح التجاوزات والاختلاسات التي تطال المال العام”، أن الفساد المالي والاقتصادي هو العائق الاساسي امام التنمية في المغرب.
ولايتوفر لدى الهيئة احصاءات دقيقة عن الاموال المنهوبة في المغرب منذ استقلاله في عام 1956 بسبب ما تعتبره “اعاقة الوصول الى المعلومة”، لكنها تقدر الاموال المنهوبة بعشرات المليارات من الدولارات.
وكان القضاء المغربي قد اصدر احكاما في نهاية العام الماضي في حق نواب اتهموا بالفساد وشراء الاصوات بعد انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين في سبتمبر الماضي، وهو ما اعتبره محللون مؤشرا على رغبة المغرب في وضع حد فاصل مع الماضي والتعامل بصرامة مع الفساد وتزوير الانتخابات.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 23 فبراير 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.