البابا يدعو في تيمور الشرقية إلى “منع الشر الاجتماعي”
دعا البابا فرنسيس الذي استُقبل الاثنين بحفاوة بالغة في تيمور الشرقية المسؤولين في هذا البلد الذي يدين غالبية سكانه بالكاثوليكية، إلى”منع الشر الاجتماعي”، في مواجهة ملف الاعتداءات الجنسية على أطفال داخل الكنيسة التي تسترت عليها لفترة طويلة.
وبعد زيارته إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة، حطت طائرة البابا عند الساعة 14,20 (05,20 بتوقيت غرينتش) في ديلي، المحطة الثالثة من جولة طويلة يقوم بها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يتوجه بعدها الأربعاء إلى سنغافورة وتختتم الجمعة.
في أول كلمة له أمام المسؤولين والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي، قال البابا “كلنا مدعوون إلى أن نعمل بمسؤولية لمنع هذا الشر الاجتماعي” ضد “الأطفال والمراهقين”.
وفي ذلك إشارة إلى جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال في كنيسة هذا البلد الذي يعتنق 98 في المئة من سكانه الكاثوليكية، وتتعلق هذه القضية الحساسة خصوصا بالأسقف كارلوس بيلو، الحائز جائزة نوبل للسلام في العام 1996 لنضاله من أجل الاستقلال عن إندونيسيا في 2002، والمتهم بارتكاب اعتداءات جنسية ضد قصّر على مدى حوالى 20 عاما، في جرائم عاقبه عليها الفاتيكان في 2020.
وطالبت مجموعات حقوقية البابا بالتحدث علنا عن هذه القضية، لكن رأس الكنيسة الكاثوليكية الذي وعد “بعدم التسامح” مع هذه الآفة، لم يعتذر للضحايا ولم يعترف بالدور الهيكلي للكنيسة في هذه القضية.
كذلك، لا يتضمن برنامجه حتى الآن أي لقاء مع الضحايا، لكن من المقرر أن يلتقي رجال دين صباح الثلاثاء.
– استقبال حافل –
كان الرئيس جوزيه راموس هورتا في استقبال البابا الذي بدا في صحة جيدة رغم أسبوع حافل، وقُلد وشاحا للترحيب به في المطار الذي أغلق أمام الرحلات الجوية المدنية لمدة ثلاثة أيام.
وانتشر على الطرق التي مر عبرها البابا، عشرات الآلاف من الأشخاص حاملين الأعلام ومظلات باللونين الأصفر والأبيض، مثل علم الفاتيكان، وطبع عليها شعاري الدولتين.
وقالت ماغدالينا تاغنيبيس التي جاءت من أستراليا لوكالة فرانس برس “تأثرت كثيرا لدى رؤيته، (…) لأنني على يقين من أن وجوده يحمل السلام والأمل”.
وأضافت هذه الفيليبينية البالغة 49 عاما “أشعر أن الشعب في تيمور بذل كل ما في وسعه لاستقبال البابا. لقد عبروا عن الحب وأظن أن البابا شعر بذلك”.
وأثارت زيارة البابا حماسا منقطع النظير في هذا البلد.
ففي ديلي البالغ عدد سكانها 200 ألف نسمة والتي تقع بين الجبال ومضيق أومباي، قامت السلطات بتنظيف الطرق وإيواء المشردين وعلقت صور البابا في كل مكان، على السيارات وواجهات المحلات.
وطبع تاريخ أحدث دولة في جنوب شرق آسيا، وهي ديموقراطية ناشئة تعد 1,3 مليون نسمة، باستعمار برتغالي استمر قرونا عدة واحتلال إندونيسي بين العامين 1975 و1999 واستفتاء برعاية الأمم المتحدة.
وأضاف البابا في كلمته “لم تفقدوا الأمل مع مروركم بهذه الفترة المأسويّة من تاريخكم، ولأنكم، بعد أيام الظلام والصعاب، أشرق عليكم فجر السلام والحرية”.
ومنذ استقلال البلاد بعد احتلال خلف أكثر من 200 ألف قتيل، يُعتبر قادة “جيل الـ 75” أبطال الاستقلال، وفي مقدمهم الرئيس جوزيه راموس هورتا الحائز جائزة نوبل.
– فقر وفساد –
وسيقام خلال هذه الزيارة البابوية، وهي الأولى منذ استقلال البلاد في 2002 والتي نقل المبشرون الكاثوليكية إليها في القرن السادس عشر، قداس في الهواء الطلق من المتوقع أن يحضره 700 ألف مؤمن.
وتعود آخر زيارة بابوية إلى تيمور الشرقية إلى عام 1989، وقام بها البابا يوحنا بولس الثاني إبان خضوعها للاحتلال الإندونيسي.
وتعتمد البلاد، وهي من أفقر دول العالم، بشكل كبير على عائدات النفط والغاز التي، بحسب خبراء، قد تنفد في غضون سنوات.
ومن أجل تحسين وضعه المعيشي، أقام سيلفيريو تيلمان، وهو مدرس يبلغ 58 عاما، منصة في أحد شوارع ديلي لبيع سلع تحمل صورة البابا، وجمع 600 دولار خلال يومين، أي أكثر من ضعف متوسط الراتب الشهري.
وسيتناول البابا القضايا الاقتصادية أو الاجتماعية التي تواجه البلاد، خصوصا انتهاكات حقوق الإنسان.
وتعاني تيمور الشرقية الفساد المستشري والعنف القائم على الجنس والعنف الأسري ضد الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، ولا تزال عمالة الأطفال شائعة.
بور-جفس/ريم/غ ر