البحث عن عولمة تخدم الفقراء أيضا
أعربت المنظمات غير الحكومية السويسرية عن خيبة أملها من النتائج المرتقبة لمؤتمر منظمة التجارة العالمية في هونغ كونغ، واعتبرت أنها ليست سوى واحدة من حلقات مسلسل الليبرالية الاقتصادية الكلاسيكية.
كما طالبت بأن تهتم القمة بمشكلات الدول النامية بشكل أكثر فعالية وواقعية.
توجه تحالف من 30 منظمة غير حكومية سويسرية إلى هونغ كونغ، حرصا منها على التواجد في مكان انعقاد المؤتمر السادس لمنظمة التجارة العالمية على مستوى الوزراء، وذلك في الفترة ما بين 13 و18 ديسمبر الجاري، وتعتقد تلك المنظمات بأن المؤتمر لن يسفر عن أية مفاجئات إيجابية ولن يتعدي تأثيره أكثر من المثل القائل “تمخض الجبل فولد فأرا”.
وستشارك المنظمات السويسرية في فعاليات مختلفة، مثل حلقات دراسية للتوعية من أخطار وسلبيات العولمة، ومظاهرات تطالب بالبحث في مشكلات الدول النامية والفقيرة، إلى جانب التواصل مع الجمعيات ذات الأهداف المشتركة.
وتقول ماريانا هوخولي من جمعية “إعلان برن” لسويس انفو، بأن المنظمات غير الحكومية “تتخوف من أن تفرض الدول الصناعية الكبرى على الدول النامية الحصول على تسهيلات أكبر في مجال تجارة الخدمات كشرط للتبادل التجاري معها”، ولذا يشير تحالف المنظمات السويسرية غير الحكومية المتواجد في هونغ كونغ دائما إلى أن جولة الدوحة هي في الأساس لرعاية اهتمامات الدول النامية والفقيرة، وليس من أجل حصول البلدان الصناعية الغنية على المزيد من المكاسب.
وتقول هوخلي بأن واجب المنظمات غير الحكومية أثناء تلك القمة هو إعادة التركيز على مطالبة الدول الصناعية بالتراجع عن السعي للحصول على المزيد من الإمتيازات من الدول النامية، مع التركيز على أهمية الملف الزراعي.
في الوقت نفسه يرى ميخائيل إيغر من اتحاد “Alliance Sud”، الذي يضم 6 من كبريات المنظمات السويسرية غير الحكومية، بأن منظمة التجارة العالمية تعتقد بأن الليبرالية الاقتصادية ستساعد الدول النامية على الخروج من دوامتها، لكنه من الوهم الاعتقاد بأن فتح أسواق الجنوب لبضائع الدول الصناعية كفيل بأن يحل مشكلات البلدان الفقيرة.
التنمية لا تتحقق بالترهيب
المنظمات غير الحكومية السويسرية تتفق في الرأي على أن حصول الدول الصناعية الغنية على امتيازات كبيرة في مجال تجارة الخدمات مع الدول النامية، لن يحل المشكلة بل ستكون له تبعات في ارتفاع معدلات البطالة وبالتالي زيادة نسبة الفقر، إلى جانب التأثير السلبي على القطاعات الصناعية في تلك البلدان، والتأثير السلبي على النشاط التجاري المحدود فيها.
وتشير تلك المنظمات إلى أنه من الصعب التعامل مع الدول النامية والفقيرة بمقياس واحد، نظرا لاختلاف الأنظمة الاقتصادية فيها، إلى جانب تباين اهتماماتها والمشكلات التي تعاني منها، وبالتالي فإن حلا واحدا للتعامل معها لا يمكن أن يكون إيجابيا للجميع، بل يجب مراعاة احتياجات الدول ذات المشكلات المشتركة والظروف المتشابهة.
ويصف إيغر الشروط التي تضعها منظمة التجارة العالمية للدول لنامية بأنها أشبه ما تكون بالإرغام على القبول بارتداء ثوب معين من اختيارها هي فقط، فليس من الممكن مع هذا الإجبار أن تحدث التنمية والتطور، في دول لا يوجد بها المناخ السياسي الملائم، لتحدد بنفسها نوعية الليبرالية الاقتصادية التي تحتاجها، أوأي نوع من حماية الاقتصاد المحلي تبحث عنه، ليساعدها بشكل إيجابي.
ولذا، تطالب المنظمات غير الحكومية السويسرية وفد الكنفدرالية الرسمي بالتراجع عن دعمه المطلق لتحرير جميع القطاعات الصناعية ومجالات الخدمات وفتح الأسواق من دون قيد أو شرط.
المطالبة بإستفتاء دولي
وتؤكد المنظمات غير الحكومية السويسرية على أن الملف الزراعي في مفاوضات منظمة التجارة العالمية على درجة عالية من الأهمية، إذ أن تحرير هذا القطاع من جميع القيود، يعني خسارة لشريحة عريضة من الفلاحين والمزارعين في مقابل استفادة عدد قليل من الدول المشهورة بتصدير المنتجات الزراعية.
وقد رحب تحالف المنظمات بموقف الحكومة الفدرالية الرسمي في هذا المجال تحديدا، حيث حرص الوفد السويسري على التأكيد بأنه سيطالب بأن تكون عملية تحرير قطاع الزراعة متوافقة مع اهتمامات العاملين في هذا المجال.
في المقابل، يعتقد اتحاد الفلاحين السويسريين أن موقف المنظمات غير الحكومية المؤيد لرفع المساعدات المالية على الصادرات السويسرية في المنتجات الزراعية لا يخدم مصالح المزارعين السويسريين، الذين يطالبون أيضا بضرورة زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية، ويرون بأن الإنتاج الزراعي والفلاحي السويسري لن يتمكن من البقاء على قيد الحياة، إذا واصلت الحكومة سياستها في شطب الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية المستوردة.
وتقول هايدي برافو من اتحاد الفلاحين السويسريين أن الإتحاد يؤيد وجود مفاوضات منطقية بمستوى عقلاني، يراعي مشكلات المناطق المختلفة.
وتشير المنظمات غير الحكومية السويسرية أيضا إلى ملف الحفاظ على البيئة، إذ أدت العولمة إلى تهديد خطير للغابات، لاسيما الاستوائية منها، التي تتعرض أجزاء كبيرة من أشجارها إلى الاستئصال، وكذلك الثروة السمكية التي تهددها مشكلات الإسراف في الصيد بشكل يؤثر سلبيا على التركيبة البيئية.
ولذا تطالب منظمة Pro Natura السويسرية باستبعاد الثروات الطبيعية من مفاوضات منظمة التجارة العالمية، حفاظا عليها من سوء الاستغلال.
في المقابل يؤكد الفرع السويسري لمنظمة ATTAC على لسان رئيسه اليساندرو بيليزاري في حديثه مع سويس انفو، بأن الدورة الحالية لمؤتمر منظمة التجارة العالمية لن تقدم شيئا مفيدا للفقراء في الدول النامية، ولن يستفيد من الفلاحون المهددون في دول الشمال بل ستستفيد منه فقط النخبة، ولذا تدعم المنظمة فكرة إجراء استفتاء دولي عام حول مفاوضات المنظمة بشأن الملف الزراعي.
سويس انفو
تستضيف هونغ كونغ المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية في الفترة ما بين 13 و 18 ديسمبر 2005 وتشارك فيه وفود 150 دولة.
يسعى المؤتمر لوضع الأطر الرئيسية لآليات اختتام جولة الدوحة في موعدها المحدد في نهاية 2006، والمتواصلة منذ 2001.
تتوجه المنظمات السويسرية غير الحكومية إلى هونغ كونغ في وفد يضم تحالفا من 30 ما بين نقابات وجمعيات وهيئات تعمل مجال حقوق الإنسان والبيئة واهتمامات المستهلكين وحماية المزارعين.
لا يتوقع الوفد السويسري أن يسفر المؤتمر عن نتائج إيجابية، ولكنه يطالب بمراعاة اهتمامات الدول النامية والفقيرة، والإهتمام بالحفاظ على الثروات الطبيعية، الحيوانية والنباتية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.