البرلمان الفدرالي يهبّ لنجدة غير المدخنين
تتجه سويسرا للمزيد من التضييق على التدخين في الأماكن العامة، مقتفية في ذلك السياسات التي بدأ العمل بها في عدد من البلدان الأوروبية الأخرى.
البرلمان الفدرالي يفتح النقاش يوم الأربعاء 3 أكتوبر حول مشروع قانون يرمي إلى حماية السكان من التدخين السلبي في أماكن العمل وفي المطاعم والمقاصف.
جاءت نتائج استطلاع سريع لآراء المارة في شوارع مدينة برن صبيحة يوم أحد خريفي، لتؤكد بسهولة ما سبق أن كشفت عنه العديد من استطلاعات الرأي بخصوص الموقف العام من السجارة.
ففي ذلك اليوم، ومن بين عشرات المستجوبين، لم يزد عدد الرافضين لفكرة حظر التدخين في الأماكن العمومية عن شخصين، أما البقية الذين يمثلون الأغلبية الساحقة، فهم مؤيدون لقرار من هذا القبيل، حتى ولو أمسكوا بسجارة بين أصابعهم.
وتقول هايكي روتنبوهلر، “لا شك في أنه يجب منع التدخين في فضاءات العمل، فأنا مدخنة، لكنني أفضل الجلوس مع غير المدخنين، سواء كان ذلك في مكان العمل أو في المطعم”، لكنها تودّ في المقابل أن تُـخصص غرف للتدخين للذين يحتاجون إلى جرعتهم المعتادة من النيكوتين، وهو رأي يشاطره معظم الذين استجوبتهم سويس انفو.
ذهنية عامة
مجلس النواب، الذي سينظر في هذه القضية يوم الأربعاء 3 أكتوبر، يبدو على وعي تام بوجهة النظر هذه، بل إن طوني بورتولوتزي، عضو حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) والمعارض الشديد لحظر التدخين، يعترف بأنه سيخسر المعركة.
النائب البرلماني يشدد على أن المسألة ذات طابع مبدئي بالنسبة له، ويقول “إنه من الخطأ حظر استعمال مُـنتَـج شرعي”، كما أن “الدولة تتدخل في الشؤون الخاصة، عندما تحدد قواعد استهلاك التبغ في مطعم أو في حانة خاصة”، على حد تعبيره.
ويرى بورتولوتزي، أنه لا توجد ضرورة لسّـن قانون جديد، فمن المفترض أن يكفي المنطق السليم والاحترام والتسامح لحل المشكل.
مع ذلك، يفضل عضو البرلمان أن توضع قاعدة موحدة لكامل سويسرا، بدل التعاطي مع مزيج متعدد من القوانين تختلف حسب مزاج الكانتونات الست والعشرين، التي تتألف منها الكنفدرالية، إذ أن القرارات المتعلقة بالتدخين، ظلت إلى حد الآن من اختصاص السلطات المحلية في الكانتونات.
سياحة
من جهتها، ترى روت هامبل، من الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين)، أن إقرار تشريع في هذا المجال على المستوى الوطني، ليس في مصلحة الفنادق والمطاعم فحسب، بل سيساهم في تحسين صورة سويسرا باعتبارها وجهة سياحية.
وتشير روت هامبل، التي تشارك في الحملة المؤيدة للحظر، إلى أن الوضع في البلدان المجاورة لسويسرا قد أثر على رؤية السكان هنا للتدخين، وتقول “لقد كان مفاجئا للجميع أن تكون إيطاليا إحدى البلدان الأولى التي قامت بفرض تضييقات، ثم تبعتها فرنسا مكذبة، حسب ما يبدو، ما اشتهرت به بأنها (أمة الاسترخاء)”.
ويبدو أن السبب الرئيسي الذي أدى إلى هذا التغيير في الموقف، يعود إلى الوعي المتنامي بالمخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين، وتذكّـر روت هامبل وطوني بورتولوتزي بأن مخاطر التدخين السلبي أضحت اليوم مسلّـَمة.
مواجهات أمام القضاء
في سياق متصل، اعتبرت روت هامبل أن فكرة تنظيم موجة من المحاكمات يقوم بإطلاقها أشخاص مصابون بمرض السرطان، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة، تثير بدورها المخاوف، وتقول “عندما يتعلق الأمر بالمال، فإن الناس يفكرون في الأمر مرتين”، في إشارة إلى المبالغ التعويضية الضخمة، التي تمكّـنت المحاكم الأمريكية من انتزاعها من شركات صنع السجائر.
مشروع القانون الجديد، الذي يُـفترض أن يدخل حيّـز التطبيق في عام 2009 على أقل تقدير، يحظر التدخين في المباني العمومية والمستشفيات والمدارس والمتاحف والمسارح وقاعات السينما ووسائل النقل العمومي، إضافة إلى المطاعم والمقاصف، لكن فضاءات منفصلة مخصصة للمدخنين وذات تهوية جيدة، ستكون مسموحا بها.
من جانبه، يشدد المكتب الفدرالي للصحة العمومية على أن تجرؤ غير المدخنين في سويسرا على المطالبة بحقهم في هواء نظيف، يعود جزئيا إلى نتائج الجهود الوقائية التي بُـذلت خلال السنوات الست الماضية.
وتقول كارين بيغي، المتحدثة باسم المكتب، “إننا نأمل أن يسمح التشريع الجديد بتقليص عدد الأشخاص المصابين في صحتهم بسبب التدخين السلبي وبتحسين صحة الأشخاص العاملين في قطاع المطاعم وبمزيد تخفيض عدد المدخنين في سويسرا”.
سويس انفو – أورس غايزر
(ترجمه وعالجه كمال الضيف)
في عام 2004، كانت جمهورية إيرلندا أول بلد في الاتحاد الأوروبي يحظر التدخين في أماكن العمل، بما في ذلك المطاعم والمقاصف.
فرضت العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، ومن بينها فرنسا وإيطاليا وبريطانيا، قرارات حظر مشابهة، وتسمح بعضها بوجود فضاءات منفصلة بتهوية جيدة للمدخنين.
في ألمانيا، يُـنتظر أن تعتمد المقاطعات (لاندر) تشريعا من هذا القبيل في منتصف العام القادم، استجابة لتوصيات الاتحاد الأوروبي.
حسب القانون الأمريكي، يمكن للولايات وللسلطات المحلية، اتخاذ قرار بحظر التدخين، وفي الوقت الحاضر، تنتهج أكثر من نصف الولايات الأمريكية سياسات صارمة لحظر التدخين في المطاعم والحانات.
منذ عام 1986، تقدمت كندا بقانون فدرالي يحمي غير المدخنين في أماكن العمل، ويسمح في الوقت نفسه بوجود فضاءات مخصصة للمدخنين.
في أبريل 2007، وعلى إثر تصويت شعبي جرى في عام 2006، أصبح كانتون تيتشينو (جنوب سويسرا)، أول كانتون سويسري يفرض حظر التدخين في الأماكن العامة.
طبقا لإحصائيات عام 2007، تبلغ نسبة المدخنين في سويسرا 29% من إجمالي عدد السكان.
أفاد تحقيق نُـشرته مؤخرا جامعة زيورخ، أن أغلبية الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و65 عاما يؤيدون حظر التدخين في المطاعم والمقاصف.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.