البنوك تحذر من رفع السرية المصرفية
على خلفية الضغوط الخارجية المتصاعدة على سويسرا لحملها على التخلي جزئيا أو كليا عن السرية المصرفية، تحذر البنوك من العواقب الوخيمة لمثل هذه الخطوة.
وتقول الرابطة السويسرية للبنوك والمصارف، إن رفع السرية المصرفية قد يكلف الكونفدرالية عشرات الآلاف من مواطن العمل.
من الواضح أن الرابطة السويسرية للبنوك والمصارف، لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي حيال الضغوط المتصاعدة على برن من الخارج، لإرغامها على التضحية بالسرية المصرفية السويسرية، بدعوة المعاملة بالمثل أو مقابل امتيازات أخرى.
وكانت الهجمة الأخيرة الأسبوع الماضي، على شكل رسالة مفتوحة بتوقيع مندوب الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية فرتس بولكنشتاين، في صحيفة فاينانشال تايمز التي نشرت هذه الرسالة بعنوان بدا كتحذير صريح لسويسرا، علما بأن الرسالة توجه الانتقادات في نفس الوقت، لعدد من البلدان الأعضاء التي تمارس السرية المصرفية في الاتحاد الأوروبي بالذات.
وعلى الرغم من محاولات الاتحاد الأوروبي التخفيف من لهجة العنوان الذي استهدف سويسرا بالذات، أعربت برن رسميا عن رفض هذا الموقف، باعتباره موقفا يتهجم على دولة صديقة وصاحبة سيادة، لا تنتمي للاتحاد الأوروبي ولا تدور في فلكه.
وبعد التقليل من شأن هذه الرسالة، التي تستهدف بلدانا أخرى كالنمسا ولوكسمبورغ أو جزر تشانِل آيلاندز العضوة في الاتحاد الأوروبي، عادت الرابطة السويسرية للبنوك والمصارف لموقف جديد، يعرب عن القلق الشديد ويحضّ الحكومة الفدرالية في برن على عدم الاستسلام للضغوط الأوروبية أو الأمريكية وغيرهما.
فالرابطة حذرت يوم الاثنين، من أن عدد مواطن العمل في البنوك والمصارف السويسرية قد يتراجع من 000 106 في أواخر عام 2001 إلى أقل من 000 100 في أواخر العام الجاري، وأن رفع السرية المصرفية سيعني ضياع عشرات الآلاف الأخرى من مواطن العمل في هذا القطاع الحيوي للاقتصاد السويسري بكامله.
لا ! لتدمير الساحة المالية السويسرية
وتقول الرابطة في بيانها الصادر يوم الاثنين، إن رضوخ السلطات الفدرالية في هذه القضية، سيؤدي إلى تقلص خطير في حجم الإيداعات والاستثمارات الأجنبية، لأن أصحاب الثروات لن يروا جدوى بعد ذلك من إيداع الأموال والثروات في سويسرا.
وتؤكد الرابطة أن عدم توفير الحماية الضرورية لتلك الإيداعات والاستثمارات الأجنبية، سيكون بمثابة الحكم بالإعدام، ليس على البنوك السويسرية فحسب، وإنما على فروعها في الخارج، وعلى فروع البنوك الأجنبية في سويسرا، حيث أن عدد هذه الفروع الأجنبية يبلغ حوالي ثمانين مؤسسة من المائة والعشرين المتواجدة في جنيف وحدها.
ولإيضاح خطورة رفع السرية المصرفية، تشير الرابطة السويسرية للبنوك والمصارف إلى أن الحجم الإجمالي، أي السويسري والأجنبي للثروات التي تديرها البنوك المسجلة في سويسرا، يزيد قليلا على 3000 مليار فرنك سويسري، وإلى أن إدارة هذه الثروات توفر عددا من مواطن العمل في البنوك والمصارف يتراوح بين 40 و50 ألفا.
ويُذكّر هذا الرقم بعدد مواطن العمل التي كانت في العام الماضي مهددة تماما ساعة انهيار مجموعة “سويس إير” شركة الخطوط الجوية الوطنية السويسرية القديمة. فقد كان لتلك الأزمة وقع الكارثة الوطنية حينذاك، مما دفع بالسلطات الفدرالية على اتخاذ قرار غريب على مفاهيم الاقتصاد الحر، حينما تدخلت ماليا وبطريقة مباشرة لإنقاذ المشروع من الإفلاس الرسمي.
السرية والسيادة ومواطن العمل !
ومما لا شك فيه، هو أن برن لا ترغب على الإطلاق في سيناريو مماثل في الساحة المالية والمصرفية، في هذه اللحظات التي تتميّز بجفاف أسواق العمل وباستغناء الشركات والمشاريع أسبوعيا عن مئات العمال والموظفين، وحيث لا يتوقع الخبراء أي انتعاش اقتصادي ملموس قبل الرُبع الثالث من العام المقبل، أو حتى أواسط عام 2004.
وعلى هذه الخلفية، يأخذ بيان الرابطة السويسرية أبعادا هامة، إذ يضع السلطات الفدرالية بين مطرقة الضغوط الخارجية وسندان البطالة الداخلية، علاوة على تحميلها بصفة مبطنة، مسؤوليات الدفاع عن اثنتين من العلامات التقليدية المميّزة للبنوك في سويسرا، وهما التكتم والمصداقية في المعاملات من الزبائن.
لكن هذا لا يعني التساهل مع عمليات غسل الأموال أو تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة أو مد يد العون للفارين من دفع الضرائب في بلدانهم الأصلية، إذ تقترح برن تعزيز التعاون القانوني حيث أمكن، في جميع هذه المجالات، شريطة ألا يمس ذلك السرية المصرفية والسيادة الوطنية.
جورج أنضوني – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.