مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التحرش الجنسي ظاهرة واسعة الانتشار في سويسرا

كشفت الدراسة أن الرجال مسؤولون عن 64% من حالات التحرش الجنسي vario images

كشفت دراسة، أنجزت للمرة الأولى في سويسرا، أن نصف العمال تعرضوا لنوع من أنواع التحرش الجنسي خلال حياتهم العملية، وأفادت بأن الضحايا هم في أغلب الحالات من النساء والموظفين العاملين لفترات محدودة، ومن مزدوجي الجنسية، والمتعاقدين الملتحقين حديثا بمجال العمل.

وبينت الدراسة التي شملت 2020 حالة، وعرض نتائجها المكتب الفدرالي للمساواة بين الرجال والنساء، وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية خلال ندوة صحفية مشتركة عقدت يوم 15 يناير الجاري في برن أن العنف والاغتصاب يبقيان أسوأ حالات التحرش الجنسي، لكنهما نادرا الحدوث.

وتشتكي النساء خاصة من التعليقات والنكات الخادشة للحياء، ويقلن إنهن يتعرضن إلى الأذى بسبب النظرات المريبة والتعليقات غير الودية، ويصل الأمر إلى حد التحرش الجسدي في بعض المواقف.

أما الرجال، فيشتكون من المكالمات الهاتفية والرسائل البريدية والإلكترونية غير المرغوب فيها، ويتعرضون لبعض التصرفات المخلة بالآداب، ولإشارات وتلميحات مبطنة ذات طبيعة جنسية.

وخلال الأشهر الإثنيْ عشر السابقة، أكد 10% من النساء و4% من الرجال تعرضهم لتحرش جنسي خلال حياتهم الوظيفية، لكن هذه النسبة سرعان ما ارتفعت إلى 28% من النساء و10% في صفوف الرجال. ويقف الذكور وراء 64% من هذه الحالات، فرادى ومجموعات، وأما النساء فهن مسؤولات عن 15% من الحالات التي شملتها الدراسة.

من مفاجأة إلى أخرى

وأعربت باتريسيا شولز، مديرة المكتب الفدرالي للمساواة بين المرأة والرجل عن صدمتها لمدى انتشار هذه الظاهرة خاصة في صفوف الرجال، وقالت في تصريح لسويس انفو: “لقد فوجئت بالنسبة العالية للرجال بين ضحايا التحرش الجنسي، ومقارنة بنتائج دراسات دولية أنجزت في الموضوع، تعتبر هذه النسب عالية جدا”.

والأمر الثاني المثير للغرابة، حسب المسؤولة الفدرالية، يتمثل في الفرق بين المنطقة المتحدثة بالفرنسية والأنحاء الناطقة بالألمانية من البلاد، إذ يشعر السويسريين من أصل ألماني أنهم عرضة أكثر من غيرهم للتحرش الجنسي.

وحول الانعكاسات النفسية لهذا الوضع، تقول شولز: “أحد نتائج هذه الظاهرة، الرغبة في الانقطاع عن العمل لأن الضحايا لم يعودوا يحتملون الوضع السائد، ويشعرون بأن كرامتهم قد خدشت ويشعرون بالإهانة والإذلال”.

الضريبة الاقتصادية

اقتصاديا، لا يقل الأمر خطورة، وهو ما أكده هانس أولريخ شايدغر، المسؤول بكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية، الذي حضر الندوة الصحفية أيضا، وقال في الأثناء: “نحن مسؤولون على حماية العمال، ونعلم أن التحرش الجنسي والضغط التعسفي أو mobbing يؤثران تأثيرا كبيرا على الإنتاج، ونعلم أيضا أنها تكلف الشركات وأرباب العمل خسائر طائلة”.

وفي هذا السياق، تبيّن الدراسة “الحاجة الماسة لاعتماد إجراءات وقائية” مثلما يقول أورليخ شايدغر، من كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية الذي يضيف “ولقد اتخذنا في هذا الإطار العديد من الخطوات، منها تدشين موقع إلكتروني يشتمل على كثير من المعلومات، وأعددنا مطويتين، الأولى موجهة للعمال والثانية لأرباب العمل، وفي الأثناء نقوم بإعداد مفتّشين في المجال الوظيفي على مستوى الكانتونات لتأهيلهم لمناقشة قضية التحرش الجنسي على مستوى الشركات”، .

باسكال كوشبان، الرئيس الحالي للكنفدرالية ووزير الشؤون الداخلية نبّه من جانبه إلى التبعات الاقتصادية السلبية لهذا النمط من السلوك، ودعا أرباب الأعمال إلى المبادرة لمعالجة الوضع. واعتبر أن تراخيهم في اتخاذ الخطوات الضرورية، يمكن أن يكلفهم منح تعويضات مالية للمتضررين قد تصل إلى ما يعادل أجر ستة أشهر من العمل، دون نسيان الغيابات المتكررة، وتشويه صورة شركاتهم.

سويس انفو

(نقله إلى العربية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

يدعو المكتب الفدرالي للمساواة بين الرجل والمرأة وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية العمال والموظفين إلى تحمل مسؤولياتهم في إيجاد ظروف عمل خالية من التحرش والضغوط النفسية.

وينصح ضحايا التحرش الجنسي خاصة بالدفاع عن أنفسهم ضد السلوكات المشينة الصادرة عن بعض زملائهم في العمل، وذلك من خلال إعلامهم بأن تلك السلوكات مرفوضة وغير مقبولة، وقد يكون ذلك بطريقة شفوية أو مكتوبة.

وإذا ما أصر مرتكبو هذه الأعمال على أفعالهم، يكون من المفيد الاحتفاظ بتسجيل للأحداث ولزمن وقوعها وللمشاركين فيها، والشهود عليها.

ومن النصائح المفيدة أيضا التي توجهها هاتان الجهتان مناقشة الموضوع مع الزملاء وإعلام المسؤولين في موقع العمل. وإذا ما أحس الضحية أنه لم يحصل على الحماية والدعم الضروريين من صاحب العمل، عليه التوجه إلى طلب المساعدة من ممثلي النقابات ومن مكاتب العمل والجمعيات.

ولا يعرف بالضبط عدد الحالات التي تمت معالجتها في موقع العمل، لكن الأرجح أن الضحايا يتجنبون اللجوء إلى المحاكم، خوفا من تعقد الإجراءات، وتجنبا للإهانة والفضيحة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية