التصحر تهديد يمس الجميع
في اجتماع ينعقد حاليا بقصر الأمم المتحدة بجنيف للتحضير لقمة الأرض الثانية او مرور عشر سنوات على مؤتمر ريو ركز المتدخلون على ضرورة القيام بعمل جاد لمحاربة التصحر.
وقد استخلص البعض العبر من الأحداث الأخيرة لجلب الانتباه لما لذلك من تأثير على الجميع بتحول هذه المناطق إلى مناطق لإنتاج التطرف والإرهاب مثلما حدث في أفغانستان.
لقد مر على معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة التصحر أكثر من سبع سنوات ومع ذلك لم تحقق المجموعة الدولية أي تقدم يذكر في محاربة تقدم الصحراء في العديد من أنحاء العالم، بل أن ظاهرة التصحر بدأت تتخذ أبعادا خطيرة في بعض المناطق مما يعرض أكثر من 250 مليون شخص إلى خطر مباشر.
وقد وضع السكرتير التنفيذي للمعاهدة المالي حاما أربا ديالو الإصبع على الجرح بتصريحه في ندوة صحفية يوم الاثنين في جنيف “أن نقص الإرادة السياسية للحكومات جعل الأموال الموضوعة تحت تصرف سكرتارية المعاهدة الدولية لمحاربة التصحر غير كافية”.
وقد سبق أن أشرنا إلى أن الدول التي صادقت على المعاهدة الدولية لمحاربة التصحر قد فخختها بعدم المصادقة على ميكانزمات تمويل إجبارية . بل تركت المجال مفتوحا أمام التبرعات الطوعية أو المساهمة في برنامج بحاله.
بل أن بعض الدول المتقدمة المطالبة بالتمويل قبل غيرها رددت دوما “بأن على الدول التي تعاني من التصحر أن تشرع في تطبيق برامج وطنية بإمكانياتها المحلية، وعند رؤية نجاح هذه التجارب يمكن للدول المتقدمة أن تساهم في هذه المشاريع”. فلا استغراب أن يصرح السيد ديالو اليوم “بأن التقدم الذي تم إحرازه في مجال محاربة التصحر بطيء جدا”.
ظاهرة التصحر من خلال الأرقام
تمس ظاهرة التصحر بشكل مباشر أكثر من 250 مليون نسمة في 110 بلدا من مختلف بقاع العالم. وتؤدي هذه الظاهرة سنويا إلى اختفاء ستة ملايين هكتار إضافية من الأراضي الصالحة للزراعة . وهذا يمثل فقدان دخل يقدر بحوالي اثنين وأربعين مليون دولار سنويا.
ولمواجهة ظاهرة التصحر بشكل معقول يجب توفر ميزانية تقدر بعشرين مليار دولار سنويا لكن ميزانية سكرتارية معاهدة محاربة التصحر لا تتعدى في الوقت الحالي 1،4 مليون دولار . ويطالب المسؤولون في محاربة التصحر برفع هذه الميزانية في العام القادم إلى 2،8 مليون لكي تصل في العام 2003 إلى 3،1 مليون دولار.
خطر يهدد الجميع
يبدو أن الأحداث الأخيرة بدأت توعي البعض بأن تأثيرات التصحر ليست محصورة في المناطق الجغرافية التي تعاني من هذه الظاهرة بل إن وقعها قد يمس الجميع . وهذا ما حاول بعض المشاركين في الاجتماع المنعقد حاليا في جنيف جلب الانتباه إليه . بحيث صرح السكرتير التنفيذي للمعاهدة السيد حاما أربا ديالو ” بأن التطرف قد يجد مصدرا سهلا للتجنيد في المناطق التي تعاني من الفقر ” واستشهد في ذلك بوضع أفغانستان التي عانت من أثنين وعشرين عاما من الحروب ومن أكثر من ثلاث سنوات من الجفاف.
أما وزير الخارجية السويسري السيد جوزيف دايس فيرى أن ظاهرة التصحر إذا ما أضيفت إلى مشاكل أخرى لم تعالج بالجدية المطلوبة مثل الفقر وتعاظم الصراعات المسلحة وعدم احترام حقوق الإنسان وتدهور البيئة ” قد يعمل على تعريض الإنسانية للخطر” . ولذلك ناشد وزير الخارجية السويسري المشاركين في اجتماع جنيف ” باقتراح حل شامل ” على قمة الأرض الثانية في جوهانسبورغ في العام القادم. كما عبر عن أمله في آن يتم التطرق إلى موضوع التمويل بطريقة اكثر موضوعية وأن تولى عناية كبيرة لموضوع البحث العلمي في ميدان محاربة التصحر.
وستكون مختلف هذه النقاط محط نقاش في هذا الاجتماع التحضيري الذي سيستمر في جنيف حتى الثاني عشر من الشهر بحضور ممثلي البلدان الأعضاء في المعاهدة المائة والستة والسبعين .
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.