التعاون التنموي يحتاج إلى مزيد من الصرامة والنجاعة
"يجب على الحكومة الفدرالية وعلى وزيرة الشؤون الخارجية ميشلين كالمي – ري أن يديرا بشكل أفضل التعاون التنموي والتركيز على البلدان الأشد فقرا وعلى إفريقيا".
هذه هي الخلاصة، التي توصلت إليها لجنة التصرف التابعة لمجلس الشيوخ، بعد تحقيق أجرته على أداء الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.
توصلت اللجنة، التي نشرت تقريرها يوم الاثنين 11 ديسمبر في برن، إلى أن الوكالة تُـدير مشاريع في عدد كبير من القطاعات ومناطق العالم، واعتبرت أن هذا التوسع ينسجم مع المهمة التي كُـلِّـفت بها. من جهة أخرى، أقر التحقيق أن استراتيجيات التعاون، التي وُضِـعت أو المشاريع الميدانية، التي يتم إنجازها، تتّـسم بقدر كبير من الانسجام عموما.
هاتان الملاحظتان أوردتهما اللجنة البرلمانية في معرض الرد على الانتقادات الموجّـهة في الفترة الأخيرة إلى الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون من طرف بعض وسائل الإعلام، وبعض الأوساط السياسية والعلمية.
نواقص على مستوى الإستراتيجية
في المقابل، يشدد التقرير على وجود هِـنات على مستوى التسيير الاستراتيجي، حيث ترى اللجنة البرلمانية أن الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون تعتبر بمثابة شركة كبيرة، تتوفّـر على مجال مناورة مالي واسع.
فعلى سبيل المثال، عادة ما يكون توقيع وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري (وهو أمر ضروري بالنسبة للتمويلات التي تتراوح قيمتها ما بين 5 و20 مليون فرنك)، مجرد إجراء شكلي، الأمر الذي يمنح، عمليا، لمدير الوكالة فالتر فوست، حرية تصرف مالي بحجم 20 مليون فرنك.
في هذا السياق، أشارت اللجنة أيضا إلى أن توجيهات الحكومة الفدرالية المتعلقة بالتمويلات الإطارية (وهي المبالغ التي تُـرصد إلى بلد معين أو منطقة جغرافية محددة أو محور اهتمام ما)، لا تشتمل على أهداف يُـمكن أن تسمح بقياس دقيق لنجاعة عمل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وتيسّـر المناقشات بشأنها في البرلمان.
إشكالية أخرى تتمثل في نقص التركيز الموضوعي والجغرافي للمساعدات التنموية، الأمر الذي يؤدّي إلى تكاليف مرتفعة وينال من انسجام ونجاعة التعاون الدولي، لذلك، ترى لجنة التصرف، التابعة لمجلس الشيوخ، أن المسألة تتعلق بمعرفة كيف وفي أي الحالات، يُـمكن الوصول إلى ما يُـعتبر “الحجم الحاسم”.
في هذا الصدد، طالبت اللجنة في عريضة أولى موجّـهة إلى الحكومة، إجراء مراجعة نقدية للأسس القانونية ولمجمل الآليات الإستراتيجية المنظمة للتعاون الدولي، ذلك أن القانون الحالي حول التعاون من أجل التنمية والمساعدة الإنسانية المعتمد في عام 1976، أصبح قديما جدا ويحتاج لإعادة تقييم سريعة.
منح الأولوية لإفريقيا
سعيا منها لتدارك هذا الخلل، ترى اللجنة أنه لابد من تركيز أفضل للوسائل المالية لفائدة بلدان تحظى بالأولوية (وعددها اليوم 17)، وخاصة لـ “فائدة البلدان الأشد فقرا في إفريقيا”، كما تدعو إلى تركيز الوسائل والموارد المتاحة في المجالات التي تتوفّـر فيها سويسرا على خِـبرات خاصة.
وفي عريضة ثانية، كلّـفت اللجنة، الحكومة الفدرالية بتحديد المجالات والمناطق، التي تتمتّـع فيها سويسرا بـ “ميزات أفضلية مقارنة” ومراجعة محفظة الأنشطة، التي تقوم بها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية، تبعا لذلك.
وكانت وزيرة الخارجية، التي استُـجوبت من طرف اللجنة البرلمانية، قد اعتبرت أنه لا يجب المبالغة في تقليص حضور سويسرا على المستوى الجغرافي، ولكن لابد في المقابل، من تركيز المساعدات، حسب مجالات محدّدة.
المزيد
الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون
تنسيق أفضل
توصل التقرير أيضا، إلى أنه على الرغم من التحسين الذي طرأ على التنسيق القائم بين الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية، إلا أنه من الضروري بذل المزيد من الجهود من أجل استغلال أفضل للطاقات والخِـبرات والإمكانيات المتوفرة، لذلك، حثت اللجنة البرلمانية، الحكومة الفدرالية على توضيح توزيع الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهتين.
ففي الوقت الحاضر، تختص الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون لوحدها بملف المساعدات الإنسانية، في حين تشترك الوكالة وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية في تنفيذ كل الخطط والبرامج المتعلقة بالتعاون من أجل التنمية والتعاون مع أوروبا الشرقية.
في هذا الإطار، تتصرف كتابة الدولة في 260 مليون فرنك، في حين تبلغ موارد الوكالة 1،3 مليار فرنك، وهو مبلغ يناهز 66% من ميزانية وزارة الخارجية السويسرية.
أخيرا، أعربت لجنة التصرف، التابعة لمجلس الشيوخ عن ارتياحها لمشاطرة وزيرة الخارجية للعديد من الأفكار التي توصلت إليها، وقالت إن الوزيرة اتخذت بعدُ بعض الإجراءات، كما دعت الحكومة الفدرالية إلى اتخاذ موقف من خلاصات هذا التقرير ومن التوصيات الواردة فيه، قبل منتصف شهر مارس 2007.
المزيد
كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية
سويس انفو مع الوكالات
تُـعتبر الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون الذراع الإنساني والتنموي لوزارة الخارجية السويسرية.
تقوم الوكالة بتنفيذ عمليات ومشاريع مباشرة، وتموّل برامج تنفِّـذها منظمات إنسانية سويسرية ودولية في المجال التنموي والمساعدة الإنسانية والتعاون مع أوروبا الشرقية.
تركّـز الوكالة اهتمامها حاليا، على 17 بلد تحظى بالأولوية وعلى تنفيذ 6 برامج خاصة.
تبلغ ميزانية الوكالة 1،3 مليار فرنك، أي ثلثي ميزانية وزارة الخارجية السويسرية.
توظف الوكالة حوالي 650 شخص في برن وفي الخارج و1150 متعاون محلي في شتى أنحاء العالم.
البينين وبوركينافاسو ومالي والنيجر وتشاد وموزمبيق وتانزانيا وبوليفيا والإكوادور وبيرو ونيكاراغوا وبنغلاديش وبوتهان والهند ونيبال وباكستان وفيتنام.
تنفذ الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون عددا من البرامج الخاصة في البلدان التالية والمناطق التالية:
الضفة الغربية وغزة وإفريقيا الجنوبية ورواندا ومدغشفر وكوبا وكوريا الشمالية ومنغوليا وأفغانستان وشمال القوقاز بالفدرالية الروسية وملدوفا وأقليم كوسوفو.
تتدخل الوكالة أيضا في مجال المساعدة الإنسانية في سبع مناطق رئيسية:
سيراليون ومنطقة البحيرات الكبرى (ومن بينها شرق الكونغو) والسودان والقوقاز وفلسطين “برنامج لفائدة اللاجئين الفلسطينيين في إطار الأنروا” ومنطقة كارثة تسونامي في آسيا ومنطقة الزلزال في باكستان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.