مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التعويل على المشتركين أولا وأخيرا!

ضغوط متزايدة على وزير الداخلية السويسرية حول تكاليف التامينات الصحية Keystone

تمخّض الاجتماع المغلق الذي عقده وزراء الحكومة الفدرالية السويسرية السبعة يوم الخميس في إحدى ضواحي مدينة برن لبحث النظام الصحي السويسري، عن التسليم بموقف وزيرة الداخلية القائل بأن النظام في حاجة للإصلاح.

تدعو وزيرة الداخلية رووت درايفوس منذ سنوات لإدخال تعديلات جذرية على النظام الصحي السويسري الذي أصبح من الشواغل الرئيسية لرجالات السياسة والرأي العام منذ أوائل التسعينات بسبب الارتفاع اللولبي في التكاليف الصحية التي تزيد حاليا على الأربعين مليار فرنك سويسري سنويا.

لكن الوزيرة كانت تصطدم دائما بالكتل السياسية التي تقف وراء المصالح التي تتقاسم هذه الكعكة الاقتصادية الهامة، وفي مقدمتها نقابات الأطباء والصيادلة وتنظيمات المستشفيات وصناعات الأدوية والمستحضرات الطبية أو شركات التأمين الصحي وغيرها من المصالح النشيطة في هذا القطاع والتي تتراشق بالاتهامات حول اسباب الغلاء الفاحش في التكاليف الصحية.

وأخذت هذه القضية طابعا سياسيا محضا عندما توجهت أصابع الاتهام إلى سلطات بعض الكانتونات التي يقال إنها تخلت عن سحب نصيبها من العلاوات الفدرالية الصحية، كي لا تكون ملزمة بدورها بتقديم قدر من العلاوات الصحية لسكان أراضيها يعادل العلاوات الفدرالية.

الحكومة ترفض خفض الرسوم للأطفال

وعلى هذا الصعيد، تدعو وزيرة الداخلية روت درايفوس منذ مطلع العام، لتوزيع نصف مليار فرنك بقيت في صندوق العلاوات الصحية الفدرالية العام الماضي لأن بعض الكانتونات لم يستغل تلك العلاوات، كهدايا للأطفال بشكل مساهمة في تغطية تكاليف الاشتراك في التأمينات الصحية. لكن زملاءها الستة الآخرين في الحكومة الفيدرالية رفضوا هذا المطلب في حينه، وأكدوا هذا الرفض مجددا خلال الاجتماع المغلق بضاحية Ittigen البرناوية.

وتقول صحيفة دير بوند الصادرة في برن: إنه من السهل تحميل وزيرة الداخلية مسؤولية الغلاء الفاحش في التكاليف الصحية، لكنه من الصعب الوقوف في وجه الأطراف التي تتقاسم الأسواق الصحية السويسرية أو في وجه البُنية الفدرالية التي تضمن للكانتونات الاستقلالية التامة في معالجة الشؤون الصحية في أراضيها.

ومن الصعب أيضا، حسب الصحيفة، الوقوف في وجه حرية المريض في اختيار طبيبه الخاص أو وسائل العلاج الأفضل من وجهة نظره، لأن فرض القيود على مثل هذه الحرية يجازف باستفزاز نقابات الأطباء والصيادلة من جهة، وبتمهيد السبيل لنشأة نظام صحي ذي طبقتين مختلفتين، للقادرين ولغير القادرين على تغطية التكاليف وأية تكاليف.

من يدفع ثمن جودة النظام الصحي؟

وتقول الأطراف التي تقتسم تكاليف الكعكة الصحية الدسمة، إنه لا جدوى من التراشق بالتهم إذا أخذ المرء بعين الاعتبار أن النظام الصحي السويسري هو من أرقى الأنظمة في العالم وأنه لا مجال للحصول على مثل هذه الجودة دون ثمن.

لكن وزراء الحكومة الفدرالية اقورا في نهاية الأمر، خلال اجتماع Ittigen يوم الخميس، بموقف خبراء الدائرة الصحية الفدرالية الخاضعة لوزيرة الداخلية روت درايفوس والقائل بأن هنالك إمكانيات عدة وضرورية على أي حال، لخفض التكاليف مع الاحتفاظ بالجودة.

ومن بين هذه الإمكانيات جاءت الإشارة لصياغة اتفاقيات جديدة بين شركات التأمين الصحي من جهة ونقابات الأطباء والصيادلة من جهة أخرى، تفكك مفاهيم الالتزام العضوي بين الطبيب وشركة التأمين الصحي وتوصي الطبيب والصيدلي معا، بوصف العلاج الأرخص للمريض وهو عادة العلاج المنسوخ بعد انتهاء مفعول براءة الاختراع للعلاج الأصلي.

 “المشتركون” بين نوايا الإصلاح وارتفاع التكاليف

وتتضمن الإمكانيات التي تقترحها الحكومة الفدرالية أن يتم تدريجيا، تزويد كل مريض من المرضى بمُفكرة خاصة تحتوي جميع الخدمات والفحوصات الصحية التي تلقاها من الطبيب تجنبا لتكرارها مرة أخرى، أو إعداد جدول بالخدمات الصحية المكلفة التي تستوجب استشارة طبيب ثاني قبل تقديمها للمريض، تفاديا لما لا لزوم له ولخفض التكاليف بهذه الطريقة.

وترى صحيفة لوتون « Le Temps » الصادرة في جنيف، أن جميع هذه الإصلاحات المقترحة ستترك دون شك تأثيرات على التكاليف الصحية. لكن الصحيفة تستعجب لحقيقة أن الحكومة الفدرالية لا تبدو على عجل في تطبيق هذه الإصلاحات خاصة وأن الأوضاع أصبحت طارئة ولا تسمح بأي تأخير.

بكلمة أخرى، لا مجال لتوقع الحد من حركة ارتفاع التكاليف الصحية عاجلا في سويسرا. وأقرب مؤشر على ذلك الزيادة الهامة التي قد تتراوح بين العشرة والإثنتي عشرة في المائة في رسوم الاشتراك التي أعلنتها شركات التأمين للخريف القادم.

سويس إنفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية