الجدار يُحدث انقسامات في سويسرا أيضا
انقسمت منظمات سويسرية فلسطينية ويهودية في مواقفها من الجدار الذي تشيده إسرائيل في عمق الضفة الغربية.
وقد انتقدت برن والفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر عملية بناء هذا الجدار، الذي تنظر في شرعيتَه حاليا في لاهاي محكمةُ العدل الدولية.
كان يُُفترض أن تحسم محكمة العدل الدولية يوم الأربعاء 25 فبراير في لاهاي شرعية بناء جدار الفصل الإسرائيلي.
ويعتقد الفلسطينيون أن هذا الجدار يشكل تهديدا للسلام في إطار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويأمل الوفد الفلسطيني إلى لاهاي أن تحكم المحكمة بعدم شرعية الجدار.
ويقول المندوب العام لفلسطين في سويسرا أنيس القاق: “بجدار التمييز العنصري هذا، ستضم إسرائيل نصف مساحة الضفة الغربية. وسيُقصى أكثر من 200 ألف شخص من نظامي الصحة والتكوين”.
من جهتها، لا ترغب الدولة العبرية في التعبير عن موقفها مباشرة أمام محكمة العدل الدولية. إلا أن المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في سويسرا دانييل هاليفي-غوتشيل أوضح في تصريح لإذاعة سويسرا الروماندية بأن “إسرائيل لا تقاطع المحكمة”. وأضاف “نحن أرسلنا موقفنا من المسألة في وثيقة خطية ونعتقد أن هذه المحكمة ليست المنصة المناسبة لمناقشة الحاجز المناهض للإرهابيين”.
وعن شرعية بناء الجدار، قال المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية “نحن نعتقد أن هذا الحاجز يتماشى مع أهم الحقوق الأساسية لكل دولة. إنه حق الدفاع عن النفس المتأصل في القانون الدولي. ثم إن المسألة المطروحة على المحكمة ليست مسألة قانونية بل مسألة سياسية”.
“الجدار لن يضمن أمن إسرائيل”
وقد أثار الجدل حول شرعية الجدار الفاصل ردود فعل متباينة ومظاهرات عديدة حول العالم وخاصة في عدد من الدول العربية ولاهاي، مقر محكمة العدل الدولية، وسويسرا.
تجمُّع إغاثة فلسطين (Collectif Urgence Palestine)، الذي يضم أحزابا يسارية وعددا من الحركات المُساندة للشعب الفلسطيني في سويسرا دعا مساء الإثنين 23 فبراير في جنيف إلى المشاركة في مظاهرة احتجاجية ضد بناء الجدار العازل.
وصرح بيتر لوينبرغر من “جمعية سويسرا – فلسطين” التي تنتمي إلى التجمع “نحن نستنتج، بناء على القواعد الدولية، أن هذا الجدار غير مقبول. لا يمكن لدولة أن تدافع عن ترابها خارج حدودها”.
ويضيف السيد لوينبرغر “كنا سنعارض بناء هذا الجدار حتى إن أُقيم داخل إسرائيل. لا يمثل أي جدار حلا لضمان السلام. إن الوسيلة الوحيدة هي التوصل إلى اتفاق سلام يحترم حقوق كلا الشعبين”.
وانضم إلى المتظاهرين بجنيف “الميثاق من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط”، وهو حركة تضم مثقفين عرب ويهود في سويسرا يدعمون مساعي إحلال سلام عادل ودائم في المنطقة.
وصرح الرئيس المشارك للحركة ألآن بيطار “نحن ندعم فكرة دولتين مستقلتين وقابلتين للاستمرار. لكن مبدأ الجدار وبناءه يطرحان مشاكل عديدة من قبيل ضم الأراضي والتعايش المستقبلي بين شعبين. هذا بالإضافة إلى أن الجدار يبطل البحث عن حلول سلمية أخرى”.
وأعرب السيد بيطار عن قناعته بأن الجدار لن يضمن بأي شكل من الأشكال أمن إسرائيل حيث قال: “يمكنكم بناء كل الجدران التي ترغبون فيها، لكن مسألة أمن إسرائيل لن تُحل بالتأكيد بفضل جدار”.
وأضاف السيد بيطار أن “التفاهم بين الشعبين والإعتراف بالواقع الفلسطيني وحقه في العيش أيضا في إسرائيل هي أفضل الوسائل للحصول على السلام والأمن”.
آراء متباينة ليهود سويسرا
من ناحيتهم، لا يتفق يهود سويسرا على مسألة بناء الجدار العازل. وفي هذا السياق، يقول ألفريد دونات رئيس اتحاد الجاليات اليهودية في سويسرا: “إن جاليتنا ليست مُتجانسة، لدينا مُمثلين عن مختلف تيارات الرأي، من الدعم المُطلق لإسرائيل إلى وجهات النظر المُنتقدة (لسياساتها). لكن هذه التيارات المُختلفة تتلاقى في المسألة الخاصة بالجدار”.
وأوضح السيد دونات أن مُعظم يهود سويسرا يؤيدون على ما يبدو تشييد الجدار، حيث قال: “إن الرأي العام السائد هو أن هذا الجدار قانوني. فالأمر لا يتعلق بالحدود، بل بحاجز يُبنى خصيصا لحماية السكان الإسرائيليين من عمليات التسلل الإرهابية”.
أما السيد سيغي فيغل، رئيس شرف الجالية الإسرائيلية في زيوريخ فله رأي آخر حيث يقول في تصريح لـ”سويس انفو”: “إن الجدار لا يحل أي مشكلة. ثم إن رئيس الوزراء أرييل شارون لا يمتلك مع الأسف تصورا للسلام، ولا إرادة المجازفة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية”.
في المقابل، يتفق فيغل على أن بحث مشروعية الجدار ليس من صلاحيات محكمة العدل الدولية، مذكرا أن “لاهاي لم تتدخل لضمان حقوق إسرائيل”.
الحكومة السويسرية تتمسك بموقفها
على الصعيد الرسمي، لم تحد الحكومة السويسرية عن الموقف الذي أعلنته يوم 28 يناير الماضي، والمتمثل في أن “الحكومة الإسرائيلية، ببناءها لهذا الجدار ومواصلة تشييده، قد عدلت حدود الضفة الغربية وارتكبت بذلك مخالفة للقانون الإنساني الدولي”. وتأمل برن في أن تؤكد محكمة العدل الدولية هذا الموقف.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر أدانت بدورها السياسية الإسرائيلية حيث شددت على أن “الحاجز يحرم آلاف الفلسطينيين من الاستفادة بالشكل المناسب من الخدمات الأساسية، مثل التزود بالماء والحصول على الرعاية الطبية والتربية وموارد رزق أخرى كالزراعة وأنواع أخرى من العمل”.
نفس الموقف اتخذه الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية الذي ذكر، على لسان المتحدث باسمه يورغ كيللر أن “الجدار الذي تم بناءه عبر الأراضي المحتلة يخالف القانون الدولي وحقوق الإنسان”.
سويس انفو مع الوكالات
في 28 مايو 2002، عرض وزير الدفاع الإٍسرائيلي على رئيس الوزراء أرييل شارون خطة “فصل” تقضي ببناء حاجز على طول 350 كيلومترا بين إسرائيل والضفة الغربية.
قدرت مدة الأشغال بستة أشهر والتكاليف بـ200 مليون دولار.
يتضح من سير الأشغال الجارية أن الخط الفاصل سيمتد على طول أكثر من 700 كيلموتر بتكاليف تقدر بـ3,4 مليار دولار.
بدأت الأشغال يوم 16 يونيو 2002.
في 22 أكتوبر 2003، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يشترط وقف إسرائيل لأشغال بناء الجدار وهدم الجزء الذي تم تشييده.
يوم 23 فبراير 2004، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلساتها لبحث مشروعية الجدار.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.