الجرافات الإسرائيلية “دمرت كل شيء” مع توسيع العملية العسكرية في جنين ومخيمها
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2025/02/d6c7fbb15c2bb133e26486161bb0692a-88878492.jpg?ver=91849e87)
أجبرت الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثّفة الفلسطيني قصي فرحات على الفرار من منزله في مخيم جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، إلا أن الهجوم سرعان ما اتّسع نطاقه ليشمل منزل قريبه الذي لجأ إليه في المدينة القريبة.
الحملة التي تقول إسرائيل إنها ترمي إلى تفكيك “بنية تحتية إرهابية” تستهدف مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية والذي كان فرحات البالغ 22 عاما يعيش فيه.
لكن منذ إطلاقها في 21 كانون الثاني/يناير، لا ينفك يتّسع نطاق الحملة الإسرائيلية إلى مدن وبلدات أخرى.
وقال فرحات متفقدا الركام أمام منزل أقاربه في مدينة جنين إلى حيث لجأ مع عائلته، إن الوضع أشبه بوضع المخيم.
جرفت آلية تابعة للجيش الشارع، في مشهد يتكرر خلال الحملة العسكرية ويقول الجيش إنه يهدف إلى تعطيل أي متفجرات قد تكون مزروعة على الطرق.
وقال فرحات “عندما أتت الجرافة، دمّرت كل شيء ونحن ما زلنا بداخل البيت … أطلقنا صيحات استغاثة”، مشيرا إلى أنه وأفراد عائلته جميعا “حوصروا” بعدما دمّرت الآلية الواجهة الأمامية للمنزل.
تسببت الجرافة العسكرية بسد مدخل المنزل بعدما دفعت باتجاهه حطام سيارة وكمية من الركام، كما جرفت الطريق ودمّرت واجهات المتاجر والجدران.
تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ العام 1967 وتشن بانتظام حملات ضد فلسطينيين ينشطون في مقاومة الاحتلال، لكن الهجوم الحالي في شمال الضفة هو الأطول، في خلال عقدين من العمليات العسكرية.
وتفيد الأمم المتحدة، أن الحملة العسكرية تسبّبت بمقتل 39 فلسطينيا على الأقل ونزوح 40 ألفا. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل نحو 90 فلسطينيا في الأسبوع الماضي.
منذ الشهر الماضي، وفقا لأرقام الأمم المتحدة، اضطُر نحو 18 ألف شخص للفرار من مخيم جنين الذي يضم أكثر من 24 ألف لاجئ، بين هؤلاء عائلة فرحات.
وبسبب الأضرار والدمار التي لحقت بمعظم أنحاء المخيم والتي خلفته القوات الإسرائيلية التي ما زالت متواجدة فيه، تمكن قلة من الفلسطينيين من العودة.
– دهم مكاتب –
في الحي الشرقي من مدينة جنين، في الجهة المقابلة للمخيم، يحاول رجل مسنّ بصعوبة صعود تلة على متن دراجة هوائية على الطريق الموحلة التي خلّفتها الجرافات فيما تشق امرأة طريقها حاملة أكياس البقالة وسط أكوام الركام.
وقال صاحب أحد المحال في تصريح لوكالة فرانس برس أثناء محاولته تصليح الباب الحديدي لمتجره، إنه أصلحه قبل ستة أشهر، بعد حملة إسرائيلية سابقة.
والخميس استهدفت غارة بواسطة مسيّرة سيارة في الحي، ما تسبب باندلاع حريق استمر ساعات.
وجرى تحذير الأطفال من الاقتراب من الموقع خوفا من وجود أي ذخائر غير منفجرة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته “رصدت سيارة مشبوهة وقامت بتفكيكها” وقد نشر تسجيل فيديو للضربة التي نفّذت بواسطة مسيّرة.
في أحد الأبراج المطلة على المخيم، قال سكان إن جنودا إسرائيليين دهموا مكاتب وفتّشوها وربما يستخدمونها نقطة استطلاع، على غرار ما فعلوا في السابق في تلك المنطقة.
وأفاد صحافيون في فرانس برس أنهم شاهدوا خزنات تعرضت للخلع وقد تبعثرت محتوياتها أرضا وسط بقايا الزجاج المحطم.
في أحد المكاتب، تم إحراق علم فلسطيني وتمزيق آخر. وفي غرفة أخرى تم تخريب صور معلّقة للشاعر محمود درويش بواسطة أختام المكتب.
– “لم يتبقَّ شيء” –
في مخيم جنين، جابت سيارات تابعة للجيش طريقا ترابيا حيث تحولت المنازل التي كانت على جانبيه إلى أكوام.
وقال فرحات إنه محظوظ لأنه تمكن من الخروج حيا من المخيم.
وأشار إلى أنه في الأيام الأولى للحملة “حوصرنا وفجأة وصلت قوات خاصة إسرائيلية وراحت تطلق النار بشكل مكثف”.
وتابع “مات أشخاص وفر آخرون”، وأضاف “نجونا بأعجوبة”.
تتلقى صبحة بني غرة البالغة 95 عاما والمقيمة في المخيم العلاج في مستشفى في مدينة جنين من كسر تعرضت له في بداية الحملة.
وهي مذّاك الحين غير قادرة على العودة إلى منزلها، وتقيم في مشغل للحياكة تابع لجمعية خيرية يقع مقرها خارج المخيم، حيث عرفت من فيديو التقطه أحد الجيران أن منزلها قد دُمّر.
وقالت “هدوا البيت. كل ما لدي ثوب واحد، هو ما أرتديه”، وتابعت “لم يتبقَّ لي شيء، إلا لطف الغرباء الذين يساعدونني على أن أعيش كل يوم بيومه”.
لبا/ود/ص ك