الحامض النووي هو السبيل الوحيد..
بدأت الشرطة السويسرية في جمع عينات تحمل آثارا للمفقودين في كارثة تسونامي، لإجراء تحاليل الحامض النووي عليها، في خطوة قد تساعد في التعرف على هوية الضحايا السويسريين.
في الوقت نفسه، ستشارك سويسرا في الاجتماع الطارئ للشرطة الدولية “انتربول”، لمناقشة كيفية التعرف على هوية الضحايا وتداعيات الكارثة.
لا يزال عدد كبير من السائحين الأجانب في عداد المفقودين في تايلاندا وسريلانكا، ولا يعرف أحد مصيرهم، إن كانوا على قيد الحياة في مكان ما يبحثون عن وسيلة للإتصال بذويهم، أم قضوا وتشوهت معالم جثثهم، فأصبح من الصعب التعرف عليهم من الشكل الخارجي.
وعلى الرغم من إعلان الرئيس السويسري صامويل شميد في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 4 يناير 2005 في العاصمة برن، بأن الكثيرين من المفقودين لن يعودوا على الأرجح إلى ديارهم، إلا أن العدد الرسمي للضحايا السويسريين، كان حتى مساء نفس اليوم 23 قتيلا، و 105 في عداد الأموات، في مقابل 400 لم يتثن للسلطات السويسرية الإتصال بهم.
ويقول أرنولد بوليغر نائب مدير مكتب الشرطة الفدرالية ورئيس فريق العلاقات الدولية وإدارة الأزمات في حديثه إلى سويس انفو، إن قائمة تضم 105 إسما لمن يـُعتقد أنهم لقوا حتفهم، قد تم إرسالها إلى شرطة الكانتونات.
ويتواجد حاليا في المناطق المنكوبة ما لا يقل عن 300 خبير جنائي من عشرين دولة من بينها سويسرا، منهمكين في جمع عينات من الجثث التي يتم العثور عليها، تمهيدا لتحليلها والتعرف على خريطة الحامض النووي DNA لصاحبها، ثم تسجيل تلك البيانات على شكل بنك للمعطيات، للمساعدة في التعرف على هوية الضحية.
البحث بين سويسرا والمنطقة المنكوبة
وسيتوجه الخبراء الجنائيون مع أعضاء من “الشبكة السويسرية للتعرف على ضحايا الكوارث DVI”، إلى أقارب المفقودين في سويسرا لجمع ما يساعد في التعرف على هويتهم، مثل فرشاة أسنان أو ملابس تم استخدامها قبل الرحيل وتحمل آثارا من أجسادهم كبقايا شعر أو ما شابه ذلك، أو حتى عينات من دم الأقارب، وهي مهمة إنسانية ولكنها في نفس الوقت صعبة.
ويضيف بوليغير، أن الشرطة الفدرالية حصلت على قائمة أخرى تضم 420 إسما لسويسريين مسجلين كمفقودين، وسيتم توزيعها على الكانتونات في غضون أيام، لقناعته بأن تلك الأرقام ستنخفض يوما بعد يوم.
ولا يعول الخبراء السويسريون على إمكانية استكمال سريع لبنك معطيات، يضم صورة متكاملة عن تحاليل الحامض النووي للضحايا، ويربطها بتلك التي يحصلون عليها من أقارب الضحايا، إذ قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع إن لم يكن أشهر، حسب قول السيد بوليغر في حديثه مع سويس انفو.
بنك معطيات من مخلفات الضحايا
ومن المتوقع أن يكون موضوع بنك المعطيات، الذي تقوم فرق التحليل الجنائي الدولية في المناطق المنكوبة بتجميع بياناته وسط ضغوط نفسية وعصبية كبيرة، هو أحد الموضوعات الهامة التي سيتم مناقشتها في اجتماع الشرطة الدولية “انتربول”، في مقرها الرئيس في مدينة ليون الفرنسية، إذ سيتم دراسة المقترحات المقدمة حول كيفية التعاطي مع كل البيانات التي حصل عليها الخبراء حتى الآن.
ويقول بوليغر إن أحد المقترحات يرى ضرورة إنشاء بنك المعطيات هذا في تايلاندا، وآخرون يعتقدون أنه من الأفضل أن يكون في كل من تايلاندا ومدينة ليون، بصفتها المقر الرئيس للشرطة الدولية “انتربول”.
ويؤكد الخبير الفدرالي على أن سويسرا لديها الإمكانيات التقنية المناسبة لتلك الخطوة، إلا أن القرار النهائي يعتمد على ما ستحدده الحكومة التايلاندية.
1500 كيلو من المعدات والأجهزة السويسرية
وكانت سويسرا من أول الدول التي بعثت بـ 24 خبيرا جنائيا متخصصين في الطب الشرعي، محملين بألف كيلوغرام من الأجهزة، تضم أدوات تشريح ومعدات جراحية حديثة وأجهزة تعقيم وتحليل سريعة.
وقد قررت الشرطة الفدرالية مساء الثلاثاء 4 يناير، إيفاد أحد الخبراء المتخصصين في معالجة وإدارة الأزمات من العاملين في “الشبكة السويسرية للتعرف على ضحايا الكوارث” DVI ، إلى تايلاندا حاملا 500 كيلو غرام إضافية من المعدات التي يحتاجها خبراء التحليل الجنائي.
ويشكو بعض الخبراء من التأخير في أداء المهمة المنوطة بهم، بسبب مراجعة السلطات التايلاندية للإجراءات المتبعة، وحرصها على أن يتطابق إسلوب العمل مع المواصفات المعترف بها دوليا والمعتمدة من الشرطة الدولية “انتربول”.
ويجمع الخبراء على أن التعرف على الجثث بعد أيام من العثور عليها، يتطلب مجهودا نفسيا شاقا، لاسيما وأن التعرف على من قضوا من أبناء المنطقة وغيرهم من السائحين عن طريق لون البشرة أو نوعية الملابس، لم يعد ممكنا، حسب رأي البروفيسور تيموتي هاردينغ مدير معهد الطب الشرعي في جنيف.
ومن بين الحلول التي يلجأ الخبراء إليها في مثل تلك الظروف، هو اقتلاع أحد أسنان المتوفي، للحصول على جزء من خلايا العظام، وهي التي تعطي الصورة الكاملة عن تركيب الحامض النووي بعد تحليلها.
ويقول البروفيسور هاردينغ إنه من الصعب التعرف على هويات جميع من قضوا، وذلك استنادا إلى خبرته في مجال التحليل الجنائي، حيث تولى مسؤولية التعرف على ضحايا الطائرة السويسرية المنكوبة عام 1998 على السواحل الكندية، والتي قضى فيها 229 شخصا نحبهم.
ويرى البروفيسور هاردينغ في حديثه إلى سويس انفو، بأن كل شخص يرغب في التعرف على الضحايا، للتأكد من أن هذا الغائب قد رحل بالفعل عن الدنيا أو لتجديد آماله بإمكانية عودته، إلا أن المرء لا يمكنه تحقيق كل ما يصبوا إليه في ظل كارثة بمثل هذا الحجم.
ومن الواضح أن أعضاء “الشبكة السويسرية للتعرف على ضحايا الكوارث” DVI على دراية بصعوبة المهمة التي يقومون بها في المنطقة المنكوبة، ويستعدون للبقاء هناك لعدة أشهر، قد ينجحون بعدها في وضع الصورة الكاملة لعدد الضحايا والتعرف على هوياتهم.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.