مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحكومة تقود حملة ضد المبادرة الداعية إلى منح الجنسية عبرالإقتراع

ردت الوزيرة فيدمر - شلومبف خلال الندوة الصحفية على إدعاء حزبها (حزب الشعب) بأن سويسرا مهددة بعمليات "تجنيس بالجملة" Keystone

أوصت الحكومة السويسرية برفض مبادرة حزب الشعب الداعية إلى منح الجنسية عن طريق الإقتراع المباشر. ورأت وزيرةالعدل والشرطة إيفلين فيدمر - شلومبف أن نص المبادرة لا يضمن الشفافية والنزاهة، ولا يحمي طالبي الجنسية من التمييز والقرارات المتسرعة.

جاء ذلك خلال ندوة صحفية عُقدت في برن يوم 24 أبريل بمناسبة إطلاق الوزيرة للحملة الحكومية الداعية إلى رفض مبادرة “من أجل عمليات تجنيس ديمقراطية” التي ستعرض في استفتاء عام في فاتح يونيو المقبل. وهذه أول معركة سياسية حقيقية تخوضها الوزيرة منذ انتخابها في ديسمبر الماضي، وتجعلها في مواجهة مباشرة مع الحزب الذي تنتمي إليه.

أشارت الوزيرة فيدمر – شلومبف خلال اللقاء الصحفي إلى أن الكثير من الحجج والمعطيات تدعم موقف الحكومة الداعي إلى رفض المبادرة، ومن ذلك أنها “لا تؤدي إلى أي تحسّن على المستوى الميداني، ولا تضمن اندماج الأجانب، المعيار الأساسي للحصول على صفة المواطنة”.

وذكّرت أيضا بأنه من واجب الحكومة ضمان الحقوق الدستورية لكل فرد، وعدم انتهاك القانون الدولي، وهما أمران لا تحترمهما مبادرة حزب الشعب (يمين متشدد). ونوهت في هذا الإطار إلى الحديث الوارد في المبادرة عن “قرار الشعب النهائي الغير قابل للمراجعة”، وتساءلت ما العمل إذا ثبت أن الحكم كان متسرعا وقائما على تمييز واضح!

وأضافت في هذا السياق: “إذا كان من غير المقبول حرمان أحدهم من الجنسية لمجرد انتماءه لهذا البلد أو ذاك، أو لإنتماءه لمجموعة ثقافية بعينها، فإنه لا يجب كذلك أن يمنح الجواز السويسري لأجانب غير مندمجين أو للذين لا يحترمون قانون البلاد”.

وذكّرت الوزيرة أن هذه المبادرة تأتي في وقت غير مناسب، ولا تحقق مصلحة منظورة، ومن الأفضل مواصلة العمل الذي تنكب عليه مؤسسات البلاد الآن، إذ من المتوقع أن يتم قريبا تمديد المدة المسموح بها بسحب الجنسية من خمس سنوات إلى ثمان سنوات لمن ثبت أنه أدلى بمعلومات غير صحيحة أثناء تقديمه للطلب أو أخفى معطيات كانت ستمنع منحه الجنسية.

زيادة عادية

وخصصت الوزيرة كذلك جزء من كلامها للرد على إدعاء حزب الشعب بأن سويسرا مهددة بعمليات “تجنيس بالجملة”، إذ ترى أن أصحاب المبادرة يثيرون مخاوف لا مبرر لها، وأن مطالب التجنيس تخضع إلى دراسة دقيقة قبل الرد عليها.

ومن ناحيته، أكد إدوارد غنيسا، مدير المكتب الفدرالي للهجرة، أن الزيادة في عدد الحاصلين على الجواز السويسري لا ترجع لوجود عمليات “تجنيس بالجملة”، بل إلى الزيادة المسجلة في عدد المهاجرين في البلاد منذ 1990، وإلى اعتماد بعض الكانتونات لإجراءات ميسرة في منح الجنسية للشباب الأجانب، واعتراف الحكومة السويسرية بازدواجية الجنسية، والتخلي عن نظام الضريبة بحسب مستوى الدخل.

وأشار المسؤول الفدرالي أيضا إلى أهمية الدور الذي يلعبه النمو الديمغرافي في هذا المجال، ويقول: “مقارنة بعدد الأجانب في البلاد، تعد سويسرا من البلدان المتشددة في منح الجنسية”.

وكان حزب الشعب قد أطلق مبادرته ردا على صدور قرارين من المحكمة الفدرالية في يوليو 2003، أكدت فيهما على أن التجنيس عن طريق الإقتراع العام مخالف للقانون. وأبطل الحكم الأول قرارا شعبيا في بلدية أيمّن الواقعة في ضواحي لوتسرن، لكونه غير مبرر. ويبطل الحكم الثاني إقتراعا شعبيا في زيورخ إعتبرته المحكمة مبنيا على التمييز .

وإذا كانت الوزيرة لا ترى في قراريْ المحكمة ما يجعل الحصول على جواز السفر في سويسرا حقا مكتسبا للأجانب، فإنها شددت على أن المحكمة الفدرالية “قد بيّنت بشكل واضح أنه من حق المرشحين أن تخضع مطالبهم لدراسة عميقة ومتأنية”.

مبادرة مخالفة للدستور ومنتهكة لحقوق الإنسان

المبادرة تلقى الاعتراض كذلك من عدة جهات سياسية ومدنية. ويرى بعض ممثلي الكانتونات أن القبول بمبادرة حزب الشعب تضع في الخطر توازن النظام الفدرالي القائم على تقاسم الصلاحيات بين الكانتونات والمجموعات المحلية.

وترى هايدي زغراغن، النائبة عن الحزب الديمقراطي المسيحي في مجلس الشيوخ ووزيرة العدل في كانتون أوري، أن “المبادرة تفتح الباب واسعا أمام ظاهرة التنقل من مكان إلى مكان من أجل الحصول على الجنسية بطريقة أيسر”.

من ناحيتها، دعا الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية المواطنين إلى رفض مبادرة حزب الشعب. وبحسب هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان “ينتهك نص المبادرة قيم المجتمع الديمقراطي، ومبادئ الدستور السويسري، والقوانين الدولية”.

وكان الأعضاء الثلاثة والخمسون المنضوون تحت فرع سويسرا قد صوّتوا بالإجماع ضد مبادرة حزب الشعب، بحسب بيان صدر عن الجمعية العمومية التي عقدتها المنظمة الأحد الماضي ببرن.

ومن ضمن ما ورد في البيان قول دانيال بولوماي، أمين عام المنظمة: “لا نستطيع القبول بحرمان أحد الأفراد من الجنسية لمجرد صعوبة نطق إسمه، أو لكون امرأة تلبس الحجاب، أو لاختلاف بشرة المتقدم بطلب التجنيس”.

كذلك عبّرت جمعية النساء البروتستانتيات بسويسرا عن رفضهن لمبادرة حزب الشعب، وذلك بالإجماع خلال جمعية عمومية عقدت السبت الماضي بكانتون زوغ. وبحسب البيان الختامي الصادر عن الجمعية العمومية فإن “التجنيس عن طريق التصويت الشعبي يفتح الباب واسعا للتمييز وللقرارات المتسرعة”.

سويس انفو مع الوكالات

لم تثن العراقيل التي تمنع الحصول على جواز السفر السويسري الاجانب عن تقديم طلبات التجنيس. وإذا كان عدد المرشحين في سنة 1980 دون 10.000 شخص، فإن هذا الرقم بلغ 45.000 سنة 2007. ويعود هذا الإرتفاع في العدد إلى عوامل كثيرة ومتنوعة.

وما بين سنة 1991 و1992، إرتفع عدد الحاصلين على الجنسية من 5872 أجنبي، وهي اقل نسبة سجلت خلال 25 سنة، إلى 10.203 مجنس. وتزامن ذلك مع سماح سويسرا للأجانب بالإحتفاظ بجنسيتهم الأصلية إلى جانب جنسيتهم السويسرية المكتسبة.

لكن أعلى نسبة لطالبي الجنسية سجّل سنة 2006، حيث حصل على الجنسية في تلك السنة 47.607 أجنبي، وهذا طبقا لإحصاءات المكتب الفدرالي للهجرة. وتزامن هذا أيضا مع تخلي سويسرا عن النظام الذي يحدد نسبة الضريبة بمستوى الدخل.

أصبح المستفيدون من التجنيس الميسّر (عن طريق الزواج ) يعدّون بالآلاف منذ 1991. ووصل عدد المستفيدين من هذا الإجراء سنة 1992 ما قدره 4500 من مجموع 5127 طلب. وأما في سنة 2007، لم يحصل على الجواز السويسري من مجموع 34.879 طلب سوى 9987 شخص فقط.

وخلال العشر سنوات الأخيرة، يوجد الإيطاليون والصرب على رأس قائمة الحاصلين على الجنسية السويسرية (17% من مجموع المجنسين).

وبلغ عدد الأجانب في سويسرا 1.571.000 نسمة سنة 2007. وتتوفر شروط الحصول على الجنسية في 900.000 شخص منهم أي 57% ، لكن 3.9% فقط حصلوا على الجنسية.

وبصفة عامة، تعد نسبة الحاصلين على الجنسية في سويسرا مقارنة بعدد الاجانب نسبة ضعيفة جدا مقارنة ببقية الدول الأوروبية المجاورة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية