مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الحل الوسط” في المفاوضات الزراعية لا يُـرضـي أحدا

يرى لوزيوس فاسيشا أن الحل الوسط الحالي حول الزراعة غير إيجابي تماما بالنسبة لسويسرا Keystone

الاقتراح الوسط حول المفاوضات الزراعية بمنظمة التجارة العالمية لإخراج جولة الدوحة من المأزق القائم لا يرضي أحدا بالرغم من أن كل الأطراف تجمع على انه يمثل تقدما مقارنة بالاقتراح السابق.

الاختلافات تتعلق بحجم التخفيض الذي يجب أن يدخل على الدعم المقدم من قبل بعض الدول كما ان البعض يرغب في ربط ذلك بمدى التسهيلات التي ستدخل على قطاع المنتجات الصناعية في المقابل.

في مجهود أخير يرمي لتجاوز الخلافات القائمة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية بخصوص ملف الزراعة وبهدف غلق ملف مفاوضات جولة الدوحة التي كان من المفروض أن تختتم في موفى عام 2004، تم يوم الثلاثاء 24 يوليو في جنيف عرض نص “حل وسط” أجمعت كل الأطراف على تضمنه لنقاط إيجابية تتيح له أن يكون أساسا جيدا للمفاوضات القادمة، إلا أن كل طرف ينتقد فيه ما يراه مخالفا لتطلعاته.

وهذا المقترح هو الحل الوسط الذي توصلت إليه الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية المائة وواحد وخمسين (151) بعد مرور أسبوع على طرح فكرة التوصل الى مشروع اتفاق حول ملف الزراعة وملف المنتجات الصناعية.

تقدم قد يُخرج من المأزق

فالولايات المتحدة – التي تعتبر إحدى العقبات بوجه توصل منظمة التجارة العالمية لإتفاق بخصوص ملف الزراعة بسبب الدعم الذي تقدمه لمزارعيها – رأت على لسان مفاوضها المكلف بالملف الزراعي جورزيف غلاوبر أن “الاقتراح يشكل تقدما بالنسبة لنص العام الماضي، ويشكل قاعدة تسمح بالخروج من المأزق”، الذي آلت إليه المفاوضات.

لكن واشنطن تعتقد أن ما يُطلب منها أكثر بكثير مما قد تحصل عليه في إطار التنازلات المنتظرة، إذ اعتبر مفاوضها أن “التركيز تم بشكل كبير على الدعم المقدم للصادرات الزراعية والدعم الداخلي المقدم للمزارعين، وهذا في تناقض مع ما أنجز في ملف حرية الوصول الى الأسواق”.

ومع أن المفاوض الأمريكي عبر عن استعداد الولايات المتحدة لتقديم تنازلات في مجال الدعم الداخلي المقدم للمزارعين في بلاده، إلا أنه حدد ذلك بالتأكيد على أن “واشنطن تعتبر التخفيض في حدود 13 مليار دولار أمرا غير مقبول”، حيث أن الاقتراح المتداول يطالبها بتخفيض قيمة هذا الدعم بما بين 12،8 و 16،2 مليار دولار.

تفاؤل في انتظار باقي الملفات

دول الاتحاد الأوروبي التي تشكل الطرف الثاني الهام في تعثر هذه المفاوضات التجارية، رأت أنها “قدمت ما يكفي من التنازلات في مجال الزراعة”. كما اعتبرت أن الحل الوسط المعروض في مجال الزراعة “يتجاوز في بعض بنوده الخطوط الحمر”.

أما مجموعة الدول الصاعدة أو المعروفة بمجموعة العشرين، التي تضم كلا من البرازيل والهند والصين، ذهبت في بيان صادر بالمناسبة إلى أن “الاقتراح المعروض يشكل أرضية جيدة للمفاوضات القادمة في سبتمبر”، لكنها استمرت في مطالبة كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بتقديم المزيد من التنازلات في مجال الدعم للقطاع الزراعي.

وترى هذه الدول النامية الصاعدة بان “الاقتراح يشتمل على العديد من الهفوات التي يجب تسويتها، وأنه في انتظار معرفة الاقتراحات المعروضة في مجال تخفيض رسوم المنتجات الصناعية، قد يصعب تكوين فكرة شاملة”.

ومن المنتظر أن يتم الإعلان قريبا عن تفاصيل الاقتراح الوسط الذي تم التوصل إليه بشأن تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصناعية، وأن تعرف طبيعة وتفاصيل ردود الفعل الخاصة به.

حل جيد لكي يُرفض وسيء لكي يُقبل

سويسرا وعلى لسان كبير مفاوضيها بمنظمة التجارة العالمية لوسيوس فاسيشا عبرت عن موقف متضارب من هذا الحل الوسط تمثل في الإعراب عن الإرتياح لما تم تحقيقه والتعبير عن الإستعداد لخوض معركة ضارية في المفاوضات القادمة في شهر سبتمبر لتصحيح “ما تراه ضروريا للتصحيح”.

فقد اعتبر المفاوض السويسري أن الاقتراحين المعروضين منذ الأسبوع الماضي من طرف فريقي العمل (المكلف بالملف الزراعي برئاسة سفير نيو زيلندا، والمكلف بملف المنتجات الصناعية برئاسة سفير كندا) يشكلان “قاعدة جيدة لمواصلة المفاوضات”.

ولكنه يرى في المقابل أن سويسرا – على غرار بقية البلدان الأعضاء في مجموعة العشر – التي تعتبر البلدان المعتمدة بشكل كبير على استيراد المنتجات الزراعية “ستخوض مفاوضات مكثفة في شهر سبتمبر القادم لتصحيح المسار”، بل يذهب إلى أن ما هو مقترح اليوم، وبالأخص في ملف الزراعة يعتبر “دواء مرا لا يمكن تجرعه”.

ويقصد لوسيوس فاسيشا بالدرجة الأولى الإقتراح الداعي إلى تخفيض الرسوم العالية بنسبة تتراوح ما بين 65 و 75%. إذ تعتبر سويسرا أن حوالي 44% من أسعارها هي في فئة الأسعار العالية. يضاف الى ذلك أن في ملف المنتجات الحساسة التي يمكن استثناؤها من الإعفاءات الجمركية إذا ما فرض على سويسرا قبول حصة 6% فقط فإن ذلك يشكل في نظر المفاوض السويسري “خطرا على الإنتاج الداخلي”.

ويرى السيد فاسيشا أن “الدول النامية ترغب في الحصول على كل التنازلات في الملف الزراعي دون أن تقدم اية تنازلات في ملف المنتجات الصناعية”.

سويس انفو – محمد شريف – برن

جولة مفاوضات الدوحة التي عقدت في عام 2001 كان من المفروض أن تنتهي في عام 2004

ونظرا لتعثر ملف الزراعة والخدمات ورغبة بعض الدول في فتح ملفات أخرى كتنازل بديل تم تمديد المفاوضات بدون الاهتداء لأي حل وسط لحد اليوم بعد أن فشلت عدة مؤتمرات وزارية وشبه وزراية في تحقيق تقدم.

المفاوضات الجارية حاليا في جنيف تدخل في إطار آخر المحاولات المبذولة لتحقيق تقدم بحيث تم تشكيل فريقي عمل يسعى الأول لتقديم حل وسط في ملف الزراعة ويهتم الثاني بملف المنتجات الصناعية.

ردود الفعل الحالية الصادرة عن أهم الأطراف المعنية بهذه الملفات ستشكل قاعدة تفاوض عند استئناف المفاوضات يوم 3 سبتمبر القادم، أي بعد العطلة الصيفية للمنظمة.

المواعيد الجديدة المحتملة للتوصل الي تسوية ملف مفاوضات جولة الدوحة هي نهاية العام الحالي على أن يتم التوصل الى اللمسات النهائية في ربيع عام 2008 أي قبل موعد إجراء الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية