الدعوة إلى عفو ضريبي في سويسرا!
وافق مجلس الشيوخ السويسري بأغلبية واضحة على اقتراح برلماني يدعو إلى إصدار عفو عام عن الذين لم يعلنوا عن كامل ثرواتهم في الاستمارات الضريبية.
وتأمل الأوساط المؤيدة للمشروع في الإعلان عن مبالغ كبيرة لم يتم الإعلان عنها، وقد تساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني.
السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان لدى الحديث عن عفو ضريبي ولا يستطيع أحد الإجابة عليه، يتعلق بحجم الأموال والثروات النائمة في خزائن خاصة ولم يُعلن عنها منذ العفو الضريبي العام والأخير في عام 1969.
فالتكهنات حول هذا الموضوع تذهب مذاهب مختلفة، علما بأن التقديرات القائمة على التحليلات الفنية المالية والضريبية العامة، تتحدث عن مبالغ لا يقل مجموعها عن 30 مليار فرنك سويسري.
ويقول أنصار المبادرة البرلمانية، إن هذه الأموال أو جزءا منها على الأقل، قد يعود لتغذية شرايين الشبكة الاقتصادية الوطنية بطريقة تعود بالفائدة على الجميع.
ويُبرر مؤيدو المبادرة هذه النظرية بالإشارة لإيجابيات العفو الضريبي العام الذي صدر مؤخرا في إيطاليا وسمح بعودة مبالغ تزيد على 60 مليار أورو، أي ما يعادل 90 مليار فرنك سويسري تقريبا، من الخارج إلى إيطاليا والأسواق المالية الإيطالية.
ويؤكدون أن نفس الظاهرة ستتكرر، لو صدر عفو عام مماثل في ألمانيا المجاورة، حيث يدور الحديث منذ حين عن هذه الإمكانية كوسيلة لإعادة توطين الأموال الفارة من ألمانيا، تجنبا لدفع الضرائب على الثروات وعوائدها المالية.
لكن المعارضين للاقتراح في مجلس الشيوخ الفدرالي ومعظمهم من اليسار، يؤكدون أن العفو العام والتام بكل بساطة، لا يعود بالنفع والفائدة إلا على المزيفين أو وَرَثة المزيفين للمعلومات الضريبية التي طُلبت منهم طيلة العقود الثلاثة الماضية، ويعاقب في ذلك المواطنين الأمناء الذين أعلنوا في استمارات الضرائب عن كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالدخل أو الثروة.
المسامحة والعقاب
هذا هو أيضا موقف وزير المالية الفدرالي كاسبار فيليغر الذي أعرب عن تحفظات الحكومة إزاء المشروع لأسباب أخلاقية. لكن تحفظات الوزير ترجع أيضا للخوف من المضاعفات الفنية لمثل هذا العفو العام المقترح، أي الخوف من اعتبار تزييف الضرائب شطارة على الدولة وأجهزتها الضريبية، مرهونة بالعفو العام الذي يتعاقب جيلا بعد جيل.
وبين موقف الوزير الرافض للمبادرة، وموقف السناتور سيمون إيبني S. Epiney، ممثل كانتون الفاليه في مجلس الشيوخ، اختارت أغلبية الأعضاء في المجلس موقف السيد أيبني الذي أكد أن عودة عشرات المليارات من الفرنكات الراقدة في خزائن خاصة للشرايين الاقتصادية، تعود بالنفع والفائدة على الجميع.
ويضيف عضو مجلس الشيوخ، أنه إلى جانب المبررات الاقتصادية، هنالك عدة مبررات أخلاقية أيضا لتأييد العفو الضريبي العام المقترح، ومن ضمنها إعطاء الفرصة للمُتسترين على الأموال والثروات ولا يدفعون الضرائب عليها، للعودة إلى السبيل الصحيح وإلى طريق الأمانة والنزاهة.
ولا يعتبر إخفاء المعلومات عن دوائر جباية الضرائب في سويسرا جناية تقع تحت طائل قانون الجنايات، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، وإنما جُنحة إدارية تترتب عليها غرامات مالية دون عقوبة الاحتجاز أو السجن.
وحسب معظم المراقبين للمسرح السياسي السويسري، فان المبادرة سوف لن تمر إلا بصعوبة كبيرة في مجلس النواب، لأن بعض الأوساط تشترط إرفاق العفو العام بغرامة ما، كإنذار أو تحذير لجميع هؤلاء الذين امتنعوا أو يمتنعون عن تقديم كامل المعلومات المطلوبة منهم في الاستمارات الضريبية وعن دفع الضرائب كاملة وغير منقوصة للسلطات المعنية.
سويس إنفو
وافق مجلس الشيوخ السويسري بأغلبية 22 صوتا مقابل 13 ومع امتناع 7 أعضاء عن التصويت، على مشروع قانون يدعو إلى إصدار عفو ضريبي عام في سويسرا، على نحو ذلك الذي صدر في عام 1969 وكشف النقاب عن أموال دفينة وغير مُعلنة زادت آنذاك على 11 مليار فرنك سويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.