الروبوت السويسري في خدمة سباق الجمال!
في المستقبل سيحل "القائد الآلي"، وهو الاختراع الجديد ابتكرته شركة سويسرية بطلب من دولة قطر، محل الأطفال في قيادة الجمال المتسابقة.
أما الهدف من اللجوء إلى هذا الإختراع، فهو تلافي انتهاكات حقوق الإنسان التي كان الأطفال الآسيويون يتعرضون لها بسبب سباق الجمال الشعبية في دول الخليج.
كانت قطر قد كلفت شركة K-team السويسرية بإبتكار روبوت آلي يتم إستخدامه في قيادة الجمال. وتزامن طلبها مع قرارها بداية هذا العام منع الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 16 عاماً من العمل كقائدين للجمال، كما يشمل الحظر أيضاً الصبية ممن تقل أوزانهم عن 50 كيلوجراماً.
وقد تمكنت الشركة فعلاً من صنع قائد آلي للجمال، والذي شارك (بعد تجارب عديدة لاختبار صلاحيته) لأول مرة في سباق للجمال في الدوحة بداية شهر أبريل الماضي، وحقق وقتاً قريباً جداً من الرقم القياسي المسجل في سباقات دولة قطر.
ورغم الحماس الذي استقبلت به الجماهير فوز القائد الآلي على منافسه الوحيد، إلا أن مبتكر الروبوت السويسري ومدير شركة K-team ألكسندر كولوت الذي كان حاضراً لتقييم أداء الروبوت الجديد، لم يكن مندهشاً من هذه النتيجة.
وفي وقت لاحق، صرح السيد كولوت لسويس انفو في وقت لاحق قائلاً: “على مسلك يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات، تمكن القائد الآلي من السباق بسرعة قصوى بلغت 40 كلم في الساعة. وقد أجرينا أيضاً سباقاً كاملاً على مسار من خمسة كيلومترات، وكنا على مسافة 10 ثوان فقط من تحقيق أفضل وقت قياسي (تم تسجيله على ذلك المضمار)”.
حماية حقوق الطفل!
لم يكن الدافع وراء تكليف قطر للشركة السويسرية علمياً، بل كان الهدف من اختراع القائد الآلي حماية للأطفال (المستقدمين عادة من بلدان جنوب آسيا) الذين دأب منظمو السباق على إستخدامهم في هذه الرياضة الخليجية، بلا مراعاة لحقوقهم الإنسانية.
وكانت بعض جماعات حقوق الإنسان قد قدرت أن نحو 40 ألف طفل – بعضهم لا يزيد عمره عن 4 سنوات – قد تم شرائهم أو إختطافهم من ذويهم في دول جنوب آسيا مثل بنغلاديش وباكستان، وإجبارهم بعد ذلك على العمل كقائدين للجمال.
وتقول هذه الجماعات إن الأطفال يتم وضعهم في بيوت ضمن أوضاع مزرية، ولا يأكلون إلا ما يكفي لإبقائهم على قيد الحياة، وذلك بهدف الحفاظ على وزنهم منخفضاً لأقصى حد، ضماناً لسرعة المتسابق.
وفيما عدى قطر، فإن الإمارات العربية المتحدة قد وضعت هي الأخرى قيوداً على مشاركة الصبية في سباق الجمال، لكن الانتهاكات المتواصلة للقواعد الموضوعة دفع الجهات المعنية دفعا إلى البحث عن بدائل عملية للأطفال.
بــدائــل!
بدأت شركة K-team في المساهمة في المشروع القطري للبحث عن بدائل للأطفال في سباق الجمال في عام 2003.
وقد استغرق الأمر عاماً واحداً ومليون دولار أمريكي لإبتكار الروبوت الآلي، الذي أُطلق عليه أسم Kamel (أي الجمل باللغة الألمانية)، في صورته الراهنة. ورغم أن المشروع تم إستكماله في ديسمبر عام 2004 إلا أنه كان على مبتكريه الانتظار إلى أن يتم تسجيل براءة الإختراع قبل الإعلان عنه.
ويوضح السيد كولوت في حديثه مع سويس انفو: “كان لدينا 10 مهندسين يعملون على هذا المشروع، إضافة إلى عالمين أثنين في الأحياء، ومصمم واحد، ولذا فإن العمل الذي أجريناه في عام واحد كان حجمه كبيراً جداً”.
وجاءت النتيجة رجلا آليا تم تصميمه ليبدو كما لو كان إنساناً صغيرَ الحجم. ويمكن وضعه في سراج تم صنعه خصيصاً له، وله ذراعان قادرتان على تحريك عنان الجمل، كما أن بإمكانه تحريك السوط وضرب الجمل به.
ويتم إرسال الأوامر إلى القائد الآلي بواسطة جهاز للتحكم عن بعد، وجهاز للإرسال والإستقبال “الوالكي تالكي”، والتي يتحكم فيهما مدرب للجمال يتبع المتسابقين في سيارة.
كما أن الروبوت مجهز أيضاً بنظام شامل لتحديد المكان عبر الأقمار الصناعية، إضافة إلى نظام لإمتصاص الهزات والصدمات.
ومن المقرر أن يتم تجهيز 20 قائداً آلياً للجمال (والتي يتكلف صنع كل واحد منهم 5 آلاف دولار) للمشاركة في موسم السباق الذي سيبدأ في شهر أكتوبر المقبل في قطر.
وأفاد السيد كولوت أنه قد تم البدء في اتخاذ الخطوات اللازمة لتأسيس مصنع تركيب، ومركز للصيانة، ومعهد للتدريب، ضمن مشروع مشترك بين دولة قطر وشركته.
حماس!
من جهة أخرى، أوضح مدير الشركة السويسرية أن دولة قطر، التي تمتلك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالروبوت، تدرس حاليا إمكانية بيع الفكرة إلى دول عربية أخرى، التي تلقى فيها هذه الرياضة شعبية كبيرة.
لكن المهندس يقول إنه بالرغم من حماس السلطات لهذا المشروع، وعزمهم على استبدال كل الأطفال العاملين في هذا المجال بروبوهات مع حلول عام 2007، إلا أن الفكرة لا تلقى ترحيباً من الجميع.
ومع أن الجمال نفسها قد تقبلت قائدها الآلي بعد فترة صعبة من التدريب، لكن الشيء نفسه لا يمكن قوله عن بعض البشر العاملين في صناعة سباق الجمال. فقد عبر البعض عن قلقه من أن القائد الآلي للجمال سوف “يتسبب في تدمير هذه الرياضة المربحة”، التي يحصل فيها الرابحون (أصحاب الجمال لا الأطفال) على الآلاف من الدولارات.
ويقول السيد كولوت “المسألة ستأخذ بعض الوقت قبل أن يدير كل السباقات قواد آليون”. لكنه بدا – في نفس الوقت – واثقا من أن الرجل الآلي سيكون قادراً مع الوقت على كسب قلوب محبي هذه الرياضة.
ويختتم السيد كولوت حديثه مع سويس إنفو بالقول: “في قطر، قائد الجمل البشري لا يمكن أن يقل وزنه عن 50 كيلوجراماً. القائد الآلي يبلغ وزنه 25 كيلوجراماً مع السراج، لذلك سيكون من المثير أكثر استخدام القواد الآليون”، على حد تعبيره.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.