السعودية تؤكد أن لا تطبيع مع اسرائيل بدون سلام مع الفلسطينيين
أعلن وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان الاربعاء أن المملكة لن تحذو حذو الامارات في تطبيع العلاقات مع اسرائيل في ظل عدم التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
وأصبحت الإمارات الاسبوع الماضي أوّل دولة خليجية تطبّع العلاقات مع إسرائيل، في خطوة أدانها الفلسطينيون باعتبارها “خيانة” لقضيتهم، بينما اعتبرتها واشنطن مقدمة لاتفاقات عربية مماثلة مع الدولة العبرية.
وبعد أيام من الصمت، استعبد وزير الخارجية السعودي تطبيعا مع إسرائيل قبل التوصل إلى اتفاق السلام.
وقال وزير الخارجية السعودي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الالماني هايكو ماس في برلين إن “المملكة العربية السعودية تؤكد التزامها بالسلام خياراً استراتيجياً واستناده على مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية”.
وأضاف “حين يتحقّق ذلك، تصبح كل الأمور ممكنة”.
والاتفاق الذي أُعلن الأسبوع الماضي بين إسرائيل والإمارات هو الثالث من نوعه الذي تبرمه إسرائيل مع دولة عربية، بعد مصر والأردن، ويعزز احتمال التوصل إلى اتفاقات مشابهة مع دول خليجية أخرى.
وهذا أول رد فعل للرياض على الاتفاق.
وأضاف وزير الخارجية السعودي “تعتبر المملكة أن أي إجراءات أحادية إسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية تقوض حل الدولتين”.
وعن اتفاق الإمارات وإسرائيل، قال الأمير “أي جهود تؤدي إلى وقف التهديد بالضم (أراضي فلسطينية) يمكن اعتبارها إيجابية”.
وتعهدت إسرائيل بموجب الاتفاق بتعليق خطتها لضم أراض فلسطينية في تنازل رحبت به أوروبا وبعض الحكومات العربية التي رأت أنه يعزز الآمال بتحقيق السلام في المنطقة.
لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو شدد على أن حكومته لن تتخلى عن خطط ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وكانت السعودية قد رعت مبادرة لحل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني أطلقت عام 2002 تدعو فيها إسرائيل إلى الانسحاب من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 مقابل السلام والتطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية.
والتزمت السعودية الصمت منذ إعلان الرئيس الأميركي دونال ترامب الخميس الماضي الاتفاق على توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل خلال ثلاثة أسابيع.
والاثنين حث جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي السعودية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، معتبرا أنّ هذه الخطوة ستصب في صالح اقتصاد ودفاع المملكة، وستساهم في الحد من قوة إيران في المنطقة.
كما أعلن نتانياهو أنه يعمل على تسيير رحلات جوية مباشرة تربط تل أبيب بالامارات وتحديدا بدبي وأبوظبي عبر الأجواء السعودية.
– “قائدة العالم الاسلامي”-
لكن كوشنر أكد في تصريحات لصحافيين عبر الهاتف أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد أبلغاه بأنهما يريدان رؤية دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب فرص اقتصادية للفلسطينيين.
وقال كوشنر عن احتمال تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل “سيكون أمرا مفيدا جدا للأعمال السعودية، وسيكون مفيدا جدا لقطاع الدفاع السعودي”.
وتابع “إذا فكّرت في الأشخاص الذين لا يريدون أن تتوصل السعودية وإسرائيل إلى اتفاق سلام، فإن الرافض الأول لذلك هو إيران. وهذا يدل على أنه ربما يكون الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.
وإيران عدو مشترك لإسرائيل والسعودية، حليفة إدارة ترامب، بينما تتّهم معظم الدول الخليجية الجمهورية الإسلامية بالتدخل في شؤونها ودعم جماعات مسلحة على أراضيها.
غير أنّ المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، وموطن الكعبة، تواجه حسابات سياسية أكثر حساسية من الإمارات.
ولن ينظر الفلسطينيون ومؤيدوهم إلى الاعتراف الرسمي بإسرائيل على أنه خيانة لقضيتهم فحسب، بل سيضر أيضًا بصورة المملكة كقائدة للعالم الإسلامي.
وقال عزيز الغشيان الاستاذ في جامعة “إسيكس” والمتخصص في سياسة المملكة تجاه إسرائيل “فكرة أن المملكة العربية السعودية ستكون أقرب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هي أمر بعيد المنال”.
وأضاف لوكالة فرانس برس أنّ “السعودية ترى أنّه من الضروري عدم تطبيع العلاقات خارج إطار مبادرة السلام العربية التي دعت الى حل القضية الفلسطينية، إذا كانت لا تزال تريد أن يُنظر اليها على أنها قائدة العالمين الاسلامي والعربي”.
وتبدو المملكة وكأنها بدأت بالفعل تقاربا مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، وهو تحوّل قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حتى عندما أعرب والده العاهل السعودي الملك سلمان عن دعمه الثابت لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقد يدفع العداء المشترك تجاه إيران إلى جانب محاولات جذب الاستثمار الأجنبي لتمويل خطة التحول الاقتصادي “رؤية 2030” الخاصة بالأمير محمد، المملكة إلى الاقتراب من إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.
واحدى الركائز الأساسية في “رؤية 2030” هي “نيوم”، المنطقة الضخمة باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار على الساحل الغربي للمملكة، إذ يقول خبراء إن إسرائيل قد يكون لها دور فيها في مجالات تشمل التصنيع والتكنولوجيا والأمن السيبرياني.