مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السعي إلى آفاق اقتصادية أوسع

صيغ شعار اللقاء السنوي للمنتدى الاقتصادي السويسري: "استيقظ .. انهض.. اسع إليها " لتشجيع المؤسسات على التمسك بالفرص التجارية وتحفيز الهمم swissinfo.ch

شهد اللقاء السنوي للمنتدى الاقتصادي السويسري مشاركة غير مسبوقة من طرف ممثلي المؤسسات والشركات الصغرى والمتوسطة التي تمثل عـصُـب الإقتصاد في الكنفدرالية.

شعار منتدى هذا العام كان “استيقظ .. انهض .. اسع إليها”، وقد صيغ لحث الشركات على تخطي العقبات التي تعترضها داخل سويسرا وخارجها.

كان منطقيا أن يحث شعار منتدى هذا العام الذي انعقد في مدينة تـون يومي 6 و 7 مايو الجاري الشركات على المزيد من الإقدام، والتغلب على معوقات التقدم الاقتصادي، الذي تسعى إليه المؤسسات السويسرية على اختلاف توجهاتها الصناعية والتجارية، إلا أن جديد هذه المرة تمثل في الإهتمام بالقيم والمبادئ في التعاملات الاقتصادية، ومعالجة هذا المحور من أكثر من زاوية، بما فيها الإشارة إلى البعد الديني.

أكثر من 1000 مشارك ما بين رؤساء مجالس إدارة ومدراء تنفيذيين وأصحاب شركات استمعوا على مدي يومين إلى قصص النجاح والتغلب على التحديات، وتعرفوا أيضا على الصعوبات التي يواجهها البعض واستمعوا إلى نصائح الخبراء، وساهموا في اقتراح بعض الحلول من واقع التجارب العملية.

ما يقدمه هذا المنتدى يختلف عن حلقة دراسية نظرية أو مجرد حفل ترفيهي، فهو يجمع بين عرض الواقع العملي للمجالات المعنية وتبادل الخبرات الميدانية وكيفية تطبيقها في شتى التخصصات والمجالات، كما يُـعتبر فرصة مثالية لاجتماع صناع القرار السياسي والاقتصادي مع إدارات الشركات الصغرى والمتوسطة التي تمثل عصب الصناعة والإقتصاد والتجارة في سويسرا.

التركيز على البعد الأخلاقي !

لقد كان ملفتا أن يتم التركيز في منتدى هذا العام على البعد الأخلاقي في التعاملات الاقتصادية، باعتباره أحد عوامل النجاح، حيث تمت استضافة القس هيرمان تسوخه من الكنيسة الكاثوليكية الألمانية، المتخصص منذ سنوات في إعطاء دورات في أخلاقيات العمل في الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية،

القس الألماني أكد في مداخلته أن أغلب الشركات لا تعرف مبدأ ثابتا في التعامل بأخلاقيات التجارة أو أنها لا تنتهج سياسة واضحة المعالم في هذا الصدد، وهو ما اعتبره عاملا “يـؤثر بشكل سلبي على نجاح الشركات”. ومن خلال الإستشهاد بأمثلة متعددة من واقع الحياة، حث المشاركين ـ بأسلوب شيق وجذاب ـ على ضرورة وضع هذا الهدف كأحد العوامل الرئيسية المساعدة على النجاح.

من جهة أخرى، فوجئ به الحاضرون بنموذج ثان عرضته مديرة واحدة من كبريات شركات مستحضرات التجميل الأجنبية حيث قالت في مداخلتها إن نجاحها كان بسبب حرصها على تحديد قيم ومبادئ ثابتة لعملها التجاري، الذي بدأ كمحل صغير ثم تطور، حسبما شرحت إلى سلسلة كبيرة، لها مبادئها الخاصة، من أهمها عدم استغلال المرأة في الدعاية لمستحضرات التجميل.

كما أشارت في حديثها إلى أنها كانت تعارض بيع المنتجات التي تسبب أضرارا للبيئة، إما بسبب مخلفاتها أو طريقة تصنيعها، إضافة إلى حرصها على اختيار نوعيات من المنتجات والمستحضرات، لم يتم تجريبها على الحيوانات.

مـزيج فـريـد

وكما كان منتظرا في منتدى من هذا القبيل، تم التطرق إلى ملف العولمة. فقد أوضح الدكتور هيلبراند من المصرف الوطني السويسري في مداخلته بأن العولمة ليست في مضمونها جديدة تماما كما يتصور البعض، إلا أن الحديث عنها “كمصطلح” ازداد بقوة في السنوات الأخيرة بسبب التغيرات التي أحدثتها حقائق سياسية على الأرض، فرضت بدورها فتح أسواق جديدة وهو ما أضفى على هذا الملف بعدا دوليا.

وقال الدكتور هيلدبراند بأن سويسرا كانت تعرف العولمة منذ سنوات بعيدة، لذلك تقف بخبراتها في هذا المجال في وضع أفضل من دول أخرى، بسبب تعاملاتها مع الشركات متعددة الجنسيات وفي مجال التجارة الدولية إلى جانب التعليم والتأهيل الجيدين، والبنية التحتية المتفوقة تقنيا مقارنة مع بلدان أخرى، حتى في داخل أوروبا.

وبدا واضحا من سياق المداخلة أنها ترمي إلى حث الشركات على عدم التوقف عند السلبيات التي يمكن أن تنجم عن عدم انضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوربي، وإلى الرفع من معنويات المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تسرب لديها شعور بأن ما هو آت أسوأ مما عليه الحال الآن.

وفي هذا السياق حرص منظمو المنتدى على تقديم معلومات حول الأسواق الجديدة التي يمكن أن يتم فتحها للتسويق أو العمل التجاري، وقدم الصين نموذجا لذلك، إلا أن الحديث لم يكن ثريا كما توقع أغلب الحضور، حيث اكتفى الضيف الذي تحدث عن هذا الموضوع، وهو القنصل السويسري العام في الصين هانز ياكوب روت، بعرض مميزات وعيوب التعامل مع السوق الصينية مستخدما اسلوب “خير الكلام ما قل ودل”، مكتفيا بعرض حقائق وأرقام موجزة حول الاقتصاد الصيني، واسباب الفشل وسبل النجاح هناك.

أخيرا يمكن القول أن “المنتدى الاقتصادي السويسري” يتجه من عام إلى آخر إلى التحول إلى معبر حقيقي عن عالم المال والأعمال في الكنفدرالية. ومن المؤكد أن المشاركة الواسعة للشركات الصغرى والمتوسطة في أشغاله، حولته إلى بوتقة ينصهر فيها عصب الصناعة والتجارة في سويسرا مع صناع القرار السياسي والاقتصادي ليتشكل مزيج فريد يحمي كل طرف فيه الآخر.

تامر أبو العينين – سويس انفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية