السقف الوظيفي ليس الهاجس الأوحد للمرأة في عيدها
محاور عديدة تركز عليهااهتمام المنظمات غير الحكومية في سويسرا في مناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة. تراوحت بين المطالبة بحضور اكبر للنساء في مواقع القرار الاقتصادي وبين دعوة الحكومة السويسرية الى عدم تحميل النساء نتائج السياسات اللبرالية في بلدان الجنوب.
كالمعتاد، تحتفل المعمورة في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة. العديد من المنظمات الدولية اتخذت من هذا اليوم مناسبة للتذكير بأوضاع سلبية تعايشها المرأة، وسويسرا اعتبرت المناسبة سبيلا للقضاء على السقف الوظيفي الذي تواجهه النساء العاملات في حياتهن الوظيفية.
لو عاشت الألمانية كلارا زيتكين (1857-1933) حتى اليوم لربما شعرت بالسعادة. فهذه المرأة لتي عاشت حياتها مدافعة عن حقوق المرأة كانت صاحبة فكرة الاحتفال بيوم الثامن من مارس عيدا عالميا للمرأة. اقترحت زيتكين هذه الفكرة في المؤتمر الدولي للنساء الاشتراكيات الذي عقد عام 1910 في كوبنهاجن. و اليوم و بعد اكثر من تسعين عاما تحول الثامن من مارس يوما عالميا تحتفي به المعمورة لتذكر المرأة. لكن هل يكفى يوم واحد للمرأة من بين 365 يوما، هل يكفى لعلاج جذور الأوضاع السلبية التي تعايشها؟ هو يوم وسيمر.
سويسرا والسقف الوظيفي
الحكومة السويسرية، وعملا على ما يبدو بمضمون الحملة التي تبنتها منظمة العمل الدولية لهذا العام، اتخذت من هذا اليوم مناسبة للتذكير بالأوضاع الوظيفية للنساء العاملات السويسريات والمطالبة بدعم الجهود المبذولة لتوفير فرص المساواة الوظيفية لهن مع نظرائهم من الرجال. المرأة العاملة لازالت تواجه سقفا وظيفيا يمنعها من الوصول إلى الكوادر العليا ومواقع المسئولية في أماكن العمل وهى تظل الأقل أجرا مقابل نظيرها الرجل.
تدعم الإحصائيات الرسمية موقف الحكومة. إذ لا تزيد نسبة النساء السويسريات العاملات في مواقع المسئولية والكوادر العليا الحكومية عن 12% وهى نسبة لم تتغير منذ عامين. وتسعى الحكومة إلى أن تصل هذه النسبة إلى 17% مع حلول عام 2003. توضح باتريشيا شولتز مديرة المكتب الفيدرالي للمساواة بين الرجل والمرأة، أنه بالرغم من حدوث تحسن في نسبة المرأة العاملة في الكوادر المتوسطة فإنها تكاد تكون غير ممثله عند النظر إلى الكوادر الحاصلة على أعلى المرتبات في الكونفدرالية.
أما أسباب استمرارية هذا السقف الوظيفي فلم تتغير منذ دخول المرأة مجال العمل. فلازالت أوضاع العمل اليوم مثلها مثل ألامس لا تسمح للمرأة بالجمع بصورة عادلة بين العمل والمنزل. هناك ضرورة حتمية لتبنى نماذج أخرى للعمل، يطالب التقرير الصادر عن المكتب الفيدرالي للمساواة بين الرجل والمرأة، تسمح للمرأة بتقسيم وقتها بصورة متوازنة والمشاركة في مواقع المسئولية العليا. لكن الخلل الحادث لا يمكن رده فقط إلى طبيعة الحياة الوظيفية ومطالب سوق العمل. فمن الصعب تجاهل الواقع الذي يشير إلى قلة عدد النساء المتوفرات على الخبرة والكفاءة الضروريتين للوصول إلى مواقع المسئولية العليا.
المنظمات الدولية: تمييز مضاعف ضد المرأة
إذا كان السقف الوظيفي هو خيار الحكومة السويسرية في الثامن من مارس، فهذا الهاجس كان بعيدا كل البعد عن هواجس أخرى طرحت بهذه المناسبة. نحو 20% من كل نساء العالم تعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي، يقول التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية. في الولايات المتحدة تتعرض امرأة للضرب كل 15 ثانية على حين تغتصب نحو 700.000 ألف امرأة كل عام؛ وفى الهند تتعرض اكثر من 40% من النساء المتزوجات للركل، والصفع، والاستغلال الجنسي.
منظمة العفو الدولية طالبت الحكومات الدولية بمواجهة أعمال التعذيب التي تتعرض لها المرأة والتي في أحايين كثيرة تتسبب فيها ذات هذه الحكومات. فالمرأة تقتل بسبب ما يسمى بجرائم الشرف ويتاجر بها في سوق العمل القسري ويتم استهدافها في النزاعات المسلحة والحروب.
أمااللجنة الدولية للصليب الأحمر فقد اتخذت من استهداف المرأة في الحروب محورا لحملتها هذا العام بمناسبة الثامن من مارس. اغتصاب المرأة، يقول تقرير للجنة، تحول إلى سلاح يستخدم في الحرب “لإذلال وإخافة وهزيمة الطرف العدو في النزاع”. ورغم أن قلة من النساء يشاركن في الحروب أو يأسرن إلا أنهن والأطفال يشكلون نسبة 80% من اللاجئين، وهن الطرف الأساسي الذي يتحمل أعباء الأسرة بعد مقتل أو غياب رجالهن ويتعرضن للعنف الجنسي.
والمرأة الفلسطينية؟
وصول المرأة إلى مراكز القرار الوظيفية ليس الهاجس الأول للمرأة الفلسطينية رغم دعمها الواضح لهذه المطالب، تقول السيدة أمل خريشه مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية، في حديث لسويس إنفو. فواقع المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال أنعكس على طبيعة أولوياتها: “الثامن من آذار نستقبله بمقتل امرأة فلسطينية أم لثلاثة أطفال قتلت وهى في طريقها إلى بيتها في الرابع من الشهر الجاري”.
لكن سقوط المرأة قتيلة ليس الثمن الوحيد الذي تدفعه. فالمرأة الفلسطينية، تقول السيدة امل خريشه في رأى هو صدى لما ورد في تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تدفع ثمن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الأراضي المحتلة والمواجهات المستمرة الجارية مع انتفاضة الأقصى:” المرأة الفلسطينية تتأثر يوميا بشكل مباشر وغير مباشر بالسياسات الإسرائيلية. فهناك الآلاف من المعاقين، مئات القتلى، والآلاف من الجرحى، ونحن نعلم أن المرأة، ألام والأخت والزوجة، هي التي تقوم بالدعم المجتمعي وهى التي تتحمل النتائج البعيدة المدى على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي”.
في ظل هذه الأوضاع، هل تلقى المطالب الداعية لدعم وصول المرأة إلى مراكز اتخاذ القرار صدى ووقع لديها؟ ترد السيدة امل خريشة بالقول: ” نحن شاركنا في وضع هذه الدعوات كنساء فلسطينيات وكان لدينا حضور واضح في مؤتمر بكين وفى هيئات الأمم المتحدة الخاصة بقضايا النساء…. لكن وضع النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال يبعدهن عن الاهتمام بالقضايا الاجتماعية الديمقراطية، وهذا خطأ تاريخي في رأيي … فلا يمكن مواجهة إسرائيل بالبعدين العسكري والسياسي فقط، بل هناك أيضا فوراق و تحديات حضارية يجب أن نراها في عالمنا العربي”.
إلهام مانع
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.