السنغاليون يتّجهون بشكل متزايد إلى اختيار الملابس المصنوعة محليا
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2025/02/50532f4fd85bd3622ea5c66166a98786-88879898.jpg?ver=d29545d7)
تبدي فاطمة با، وهي مصممة شهيرة لماركة ملابس “مصنوعة في السنغال”، إعجابها بفستان تجرّبه إحدى الزبونات في متجرها الواسع في وسط دكار.
القطعة عبارة عن فستان فضفاض أنيق ذي ياقة على شكل حرف “في” V، بقماش حريري بلون المغرة مع نقشات ذهبية.
نجحت الشابة السنغالية، وهي مؤسِسة ماركة “سو فاتو” So Fatoo، كغيرها من رواد الأعمال الشباب، في إثبات خطّها من الملابس المصنوعة محليا في البلاد وخارجها، رغم أنّ قطاع النسيج السنغالي يواجه صعوبة للخروج من حالة الركود.
يشتري الزبائن، وهم عموما من الطبقة الوسطى الميسورة، قطع الملابس التي تصممها من فساتين وبدلات تقليدية أنيقة للرجال وقمصان وسترات صوفية وأوشحة.
تقول فاطمة با بفخر لوكالة فرانس برس “قبل عشر سنوات، لم يكن الناس يرتدون بشكل كبير الملابس المصنوعة محليا”.
يقول عمر نيانغ، وهو مصمم أزياء يبلغ 51 عاما يبيع قطع بوبو تقليدية لكن بلمسة عصرية يعرضها في سوق دكار “إنّها رائجة جدا حاليا”. ويشير إلى أنّ إيراداته ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
تشهد الملابس المصنوعة محليا ازدهارا متزايدا منذ سنوات.
وقد تعزز هذا الاتجاه منذ وصول الرئيس باسيرو ديوماي فاي ورئيس وزرائه عثمان سونكو إلى السلطة في آذار/مارس 2024.
لا يفوّت الرجلان القويان فرصة إلا ويظهران دوليا ومحليا بملابس “مصنوعة في السنغال”، فإما يرتديان ثوب بوبو تقليديا مطرّزا أو آخر مصمّما خصيصا مع ياقة ماو أو ياقة مستديرة.
– عقبات كثيرة –
بات عدد كبير من السنغاليين يختارون أكثر من قبل الأسلوب المحلي والماركات السنغالية، في مختلف الأماكن التي يرتادونها أكان في المكاتب أو الشوارع او خلال الاجتماعات الرسمية.
رغم ذلك، ثمة عقبات كثيرة تواجه الشركات المصنعة، فالضرائب مرتفعة، والمنافسة قوية من الملابس والأقمشة المستوردة، وتكاليف الإنتاج مرتفعة، وثمة نقص في تدريب الفاعلين في القطاع، فضلا عن صعوبات الحصول على الدعم المالي.
يمثل قطاع النسيج 11,3% من الشركات الخاصة السنغالية، ويحتل المركز الثاني في النشاط الاقتصادي للبلاد بعد التجارة، بحسب تقرير صادر عن الوكالة الوطنية للإحصاء والديموغرافيا في السنغال (ANSD) عام 2017.
ومع ذلك، سجّل هذا القطاع أدنى أداء اقتصادي، إذ بلغت عائداته 1,2% من إجمالي إيرادات الشركات، بحسب التقرير.
وثمة عقبة أخرى هي أنّ الأسعار مرتفعة والجودة ليست متوفرة دائما، بحسب عدد كبير من السنغاليين ما زالوا يفضّلون اللجوء إلى المنتجات الأجنبية.
لدى “سو فاتو”، تتراوح الأسعار بين 30 ألف فرنك إفريقي (46,45 دولارا) للسترة الصوفية وما يصل إلى أكثر من 300 ألف فرنك إفريقي (472 دولارا) لفساتين السهرات، في حين يبلغ متوسط الراتب 54 ألف فرنك إفريقي (84,72 دولارا) شهريا.
وترى فاطمة أن قطع الملابس “تستهدف خصوصا الطبقة الثرية”.
في حين يسهل العثور على ما يرغبه الشخص من ملابس تقليدية، لا تزال السوق في بداياتها عندما يتعلق الأمر بتصنيع ملابس مريحة أكثر كسراويل الجينز أو المخصصة للركض أو قمصان الـ”تي شيرت”.
وتوضح فاطمة أنّ كل ذلك يعود إلى عدم قدرة قطاع النسيج على إمداد السوق بما يكفي من القماش، ولكن أيضا إلى مشكلة تقنية وتوحيد سلسلة القيم.
وكانت السنغال، وهي منتج رئيسي للقطن، معروفة في الماضي بأنها مركز لتصنيع النسيج، لكنّ هذا القطاع انهار تماما في الثمانينات.
بعد أن عملت في مجال النسيج لـ30 عاما، أنشأت أيسا ديونه حديثا وحدة لإنتاج النسيج ميكانيكيا، بالإضافة إلى مشغل للتصنيع الحرفي اليدوي.
يقع المصنع ضمن مساحة واسعة في ضواحي داكار معرّضة للغبار وفيها بقايا سيارات ونفايات.
في صباح هذا اليوم، كانت آلتان فقط من أربعة تعملان، وهما من طراز قديم. بأقصى سرعة، تلفّان أمتارا من القماش.
– منافسة –
تبدو الأمتار الثلاثون التي يتم إنتاجها يوميا مثيرة للاستهزاء، في حين أن إمكانية إنجاز الأفضل هي في متناول اليد، بحسب ديونه.
وتشير إلى أن “السنغال تنتج قطنا عالي الجودة، لكنها غير قادرة على معالجة موادها الخام”. ومع ذلك، يُعتبر التصنيع “الحل الوحيد لتحقيق السيادة” في ما يخص النسيج.
ولتنشيط القطاع، أعادت السلطات الجديدة إطلاق مصنع سابق لإنتاج المنسوجات في منطقة كاولاك (وسط) في تموز/يوليو. وأبدت حديثا رغبتها في حظر استيراد الملابس المستعملة في المستقبل، وهو نشاط تجاري يوظف عددا كبيرا من السنغاليين.
إلا أنّ هذا الإعلان أثار استنكار لاعبين في هذا القطاع، في حين أنّ السنغال تستورد سنويا آلاف الأطنان من الملابس المستعملة التي تُعدّ أرخص بكثير.
سجد/رك/جك