أسترالية متبناة تستعيد جنسيتها السويسرية في العقد السادس من عمرها
بعد حرمانها منها خطأً، استعادت كيت رايلي، المولودة لأبوين سويسريين، والمتبناة من زوجين أستراليين، جنسيتها السويسريّة بعد كفاح طويل.
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
كادت الأستراليّة كيت رايلي تستسلم، بعد كفاح طويل خاضته، لتصل إلى نهاية سعيدة. لقد أيّدت المحكمة الإدارية في كانتون زيورخ حقها في الحصول على الجنسية السويسرية. فهاتفت من أستراليا قائلة: “لا أستطيع تصديق ذلك بسهولة”. فماذا حدث؟
بدأت قصة حياة رايلي في سيدني عام 1970، حيث ولدت باسم مارغريت، لوالديْن سويسريين، ربطتهما علاقة قصيرة الأمد. وقد ازدهرت آنذاك حالات التبني في أستراليا؛ فقد بلغت عام 1970 وحدها، 10 آلاف حالة. وحثت السلطات النساء غير المتزوجات على التخلي عن أطفالهن وطفلاتهن عبر التبني، وحرمهن المجتمع من رعاية من أنجبن بمفردهن.
ولم يكن أمام الأم السويسرية العازبة من خيار آخر، سوى التخلي عن ابنتها. وقالت رايلي في تصريح لسوس إنفو (swissinfo.ch) عام 2023: “حينئذ، كان يمكن لهؤلاء الأمهات نسيان أطفالهن، وطفلاتهن، ومواصلة العيش وكأن شيئًا لم يكن”.
جواز السفر السويسري… رغبة صادقة
سافرت رايلي إلى سويسرا مع عائلتها في شتاء عام 2023، لزيارة موطنها الأصلي. ومثّلت هذه الزيارة نقطة الانطلاق لتحقيق رغبة راودتها منذ زمن، فقد أرادت الحصول على المواطنة السويسرية.
بدت فكرة ميؤوسا منها تماما، فقد تلقّت خلال هذه المرحلة، ردودا عدّة من السلطات السويسرية، في مستويات متعددة. فقد كتبت إلى القنصلية العامة السويسرية في سيدني عام 2017 مثلا، لكنها رفضت طلبها، ولم تمكّنها من الجنسية السويسرية، نتيجة تبنيها الكامل من قبل أسرة أسترالية.
حدث ذلك عام 1971، عندما حلت رايلي بمنزل والديها بالتبني الأستراليين، اللذين أطلقا عليها اسم كاثرين نيكول. ورغم علمها سابقا أن والديها البيولوجيين ليسا من أستراليا، لم تتح لها الفرصة للاطلاع على ملفات التبني حتى عام 1991.
فبدأت البحث عن والديها البيولوجيين حالا؛ فاتصلت أولا بمكتب السياحة الوطني السويسري، وأرفقت شهادة ميلادها، وطلبت معلومات عن أصلها، وقد بلغت حينها من العمر 20 عاما. وقد استغرق الأمر خمس سنوات لتجد والدتها الأصلية، وتمكّنت بعد عام من تحديد مكان والدها البيولوجي.
رفض متكرر
استقبلتها عائلتها البيولوجيّة الموسّعة بالترحاب، ولا تزال والدتها البيولوجية تعيش في أستراليا، بينما عاد والدها البيولوجي إلى سويسرا. لكنه سافر للقائها والتعرف عليها.
وأدركت رايلي خلال لقاء عائلتها السويسرية في أستراليا، أنّ نصف أخواتها غير الشقيقات سويسريات، مما عزّز رغبتها وإصرارها في الحصول على الجنسية السويسرية، لتصبح جزءا من العائلة…
لكن لم يثمر ما بذلته من بحث وجهد. فلجأت بعد رفض القنصلية السويسرية عام 2017، إلى دائرة الأحوال المدنية والمواطنة في كانتون برن عام 2022، التي أحالت الاستفسار إلى مكتب بلدية كانتون زيورخ لأن مسقط رأس الأم هناك. فقوبلت بالرفض أيضاً، ولكن هذه المرة لسبب مختلف: “فُقِدَت الجنسية السويسرية في خريف عام 1992”.
كادت رايلي تستسلم وتركن إلى اليأس. ولكن على مر السنين، نما لديها شعور عميق بالظلم. تقول “أنا سويسرية دما ولحما، ولم يتغيّر من ذلك شيء بعد التبني”. ولم ترد الاستسلام.
السلطات كانت مخطئة
تولى المحامي السويسري ماراد فيدمر، قضية رايلي. وقد رفضت السلطات مطلب موكلته في كثير من الأحيان للأسباب نفسها. فقال: “تم تبني رايلي في أستراليا، ومن ثم فقدت جنسيتها السويسرية. ومع ذلك، كان أول إدراك قانوني لي هو أن التبني في أستراليا لم يكن له أية صلة بهذه القضية. كانت السلطات جميعها على خطأ”.
ولم يترتّب على التبني عند ميلاد رايلي عام 1970، اكتساب الجنسية السويسرية أو فقدانها. ومن ثم ظلت رغم التبني، سويسريّة، لأنّ الصلة بالعائلة الأصليّة ظلّت سليمة في حالة التبني حتى عام 1973، وفقًا لقانون الجنسية السويسرية، واحتفظ بها الأشخاص. بل يحق لهم حتى أن يرثوا، ما يسمى بالتبني البسيط. عندها فقط تغير القانون. وأصبح التبني الكامل يطبق الآن، مما يمنح الأطفال المتبنين نفس الوضع القانوني للأطفال البيولوجيين.
ومع ذلك، لم تكن السلطات السويسرية على علم بهذا التطور في التشريع. فيقول فيدمر:” كان عليهم أن يثبتوا أن رايلي لم تفقد جنسيتها السويسرية أبداً”. ورغم رفض مكتب بلدية زيورخ طلبها ذاك، اعترف بأنها سويسرية حتى عيد ميلادها الثاني والعشرين. يقول المحامي: “كان ذلك بمثابة عزاء صغير لموكلتي”.
هذه المرة كان النجاح في الموعد
تقدمت رايلي بطلب الاستئناف، لكن رفضت المديرية القضائية في كانتون زيورخ طلب المرأة البالغة من العمر 54 عاما، التي قدمت بعد ذلك شكوى إلى المحكمة الإدارية. فظهرت هناك وثيقة، تبدو غير ذات أهمية. وقد احتفظت رايلي بظرف من مكتب السياحة الوطني السويسري، الذي كان جزءًا من القنصلية السويسرية العامة في إيدجكليف، على مدى سنين، يحتوي على خريطة سويسرية تحدد مسقط رأس والدتها البيولوجية في زيوريخ.
أثبتت هذه الوثيقة أن رايلي قد سجلت لدى السلطات السويسرية في الوقت المحدد. وبينما قضت المحاكم الابتدائية بأن هذا الاتصال لا يفي بمتطلبات الإخطار، وأيدت محكمة كانتون زيورخ الإداريّة استئناف رايلي في أغسطس 2024.
وينص القرار وفقا للقانون المعمول به آنذاك، على عدم توضُّح ماهية “الإخطار الكافي” بشكل قاطع. وينبغي وفق المحكمة الإدارية، في حالة الشك، افتراض استمرار وجود الحقوق المدنية”. وهكذا أصدرت المحكمة الإدارية قرارا يقضي بحمل رايلي الجنسية السويسرية، وأصبح القرار ملزما الآن قانونا.
عبّرت رايلي عن سعادتها الكبيرة بذلك. وقالت: “لكنني لن أدرك ذلك حتى يكون جواز السفر في يدي”. لقد كانت رحلة طويلة وخطوة أخرى في البحث عن جذورها وهويتها. وأضافت: “الآن لم أعد مجرد سائحة عندما آتي إلى سويسرا، بل أنا الآن جزء منها”.
الدليل الحاسم
يقول المحامي فيدمر إن الظرف الذي أرسله مكتب السياحة هو “دليل مهم للغاية”، لكن التبرير القانوني الصحيح هو الذي أدى إلى نجاح الدعوى القانونية.
ويقول رجل القانون إن رايلي سعت كثيرا إلى إقامة اتصال مع عائلتها السويسرية، ومع سويسرا واستمرت على هاته الحالة. ومن ثم، لم يجانب قرار المحكمة الإدارية في زيورخ الصواب من الناحية القانونية فحسب، بل من الناحية الإنسانية أيضاً.
المزيد
اِمرأةٌ أسترالية في رحلة أوروبية لاستعادة هويتها السويسرية
تحرير: بالتس ريغيندينغر
ترجمة: ماجدة بوعزة
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.