عملة الـخمسة سنتات في سويسرا… طفرة عفا عليها الزمن
لا شك أن عملة الـخمسة سنتات، من أقل العملات المعدنية استخداماً في المحافظ السويسرية، فينتهي بها المطاف في أغلب الأحيان مخزنة في الأدراج، لعدم وجود فائدة عملية منها. ورغم ذلك، ازداد تداول هذه العملة خلال السنوات العشر الماضية، أكثر من جميع العملات السويسرية الأخرى.
الشعب السويسري يعشق المال، ولدى سكّان البلاد الكثير منه. يواجه الشعب السويسريّ في أغلبه هاتين الصورتين النمطيتين. وفي حين يمكن قول الكثير عن الثانية، تطابق الأولى الواقع، خاصة إذا تعلّق الأمر بحبّ المال في ذاته، ولا سيما بالفرنك السويسري.
ويتأكد ذلك في كلّ مرّة تُتناوَل فيها مجموعة جديدة من الأوراق النقدية بالنقاش، ويقدّم فيها موقع دار سكّ العملة الوطنية “سويس مينت”، الحكايات والقصص المتعلقة بعملية إنتاجها بدقّة.
ومع ذلك، لا تحظى كل العملات المعدنية والأوراق النقدية، بنفس الشعبية والسمعة الجيدة. فتُعدّ عملة 5 فرنكات ضخمة، وقد تبدو في موقعها الطبيعي في خزنة القراصنة بجانب كوبلونات الذهب، ما قد يؤدي إلى انتفاخ مفاجئ حتى لأكبر المحافظ.
وتوجد أيضا عملة من فئة نصف فرنك غير التقليدية، نُقش عليها ½ فرنك.
كما حقّقت قطعة 10 سنتات المعدنية، الأقلّ انتشارا في البداية، شهرة واسعة عام 2021، عندما آُدرجت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأقدم عملة أصلية ما زالت متداولة. إذ تُسَكّ بالطريقة نفسها منذ عام 1879، ولا تزال نسخها الأولى تُستخدم حتى الآن.
وتتميز ورقة 1000 فرنك بهالة ساحرة تجعلها أثمن ورقة نقدية في العالم. لكن يشير البعض إلى أنها قد تسهل عمليات غسيل الأموال؛ إذ يمكن أن تعادل المبالغ التي تحتويها حقيبة مليئة بها، ما تحتويه نحو خمس حقائب من أوراق 200 يورو. ولكن لم تنجح محاولات إلغائها إطلاقا.
حتى الموزعون لا يريدونها
تُعدّ الخمسة سنتات العملة الأرخص في سويسرا، رغم طلائها الذهبي المميز. وقد تكون الأقل شعبية أيضا، لافتقارها إلى النجاعة طبعا. فلا تقبلها آلات البيع، وينظر إليك الناس باستغراب إذا أضعت الوقت في عدّها في طابور الخروج في السوبر ماركت. وهي تُعجب الأطفال بسبب لونها المميز، ليس أكثر.
وتتداول حاليا 1،34 مليار فرنك سويسري كعملة من فئة الخمسة سنتات، بزيادة تبلغ نسبتها 25% عن السنوات العشر السابقة، وفق التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF).
أُنتجت خصيصا لكونها غير عملية
وتلقى هذه الفئة من العملة المعدنيّة، على خلاف العملات المعدنية الأخرى التي تدخل بسهولة في التداول وتروج في الأسواق، مصيرا مختلفًا وحزينًا. فكثيرا ما يُُحتفظ بها في الأدراج حيث يتكدس عليها الغبار، أو يُلقى بها في حصالات الأطفال. أو قد تُستخرج من جيوب المجموعات السياحية الباحثة عن تذكار بسيط. فتظل في كلّ الأحوال خاملة، دون استخدام في مكان ما.
وستنتج دار سك العملة السويسرية هذا العام، ما قيمته 26 مليون فرنك منها. وتبلغ تكلفة إنتاج عملة معدنية واحدة عام 2024، حوالي 4،8 سنتات. يا لها من حقيقة ممتعة! فقد تجاوزت هذه التكاليف القيمة الاسمية عام 2023، ووصلت إلى 6،9 سنتات لكل عملة معدنية.
قريبا نودّع الـخمسة سنتات
سيرحّب البعض بإلغاء العملات المعدنية من فئة 5 سنتات، على الأقل من أجل ذلك.
وقد طُرحت هذه المسألة للنقاش السياسي سابقا، منذ عشر سنوات لآخر مرة، عندما قُدّم اقتراح بهذا المعنى في مجلس النواب، بدعم من رابطة الشركات السويسرية (إيكونومي سويس) الممثلة لمجال العمال، وكذلك الهيئة السويسرية الفدرالية للسكك الحديدية (SBB). ولكن عارضته مجموعات حماية المستهلك خشية ارتفاع الأسعار. ورُفض المقترح في نهاية المطاف.
وقد نعود للحديث عنه قريبا، لأن المعاملات النقدية اليومية في سويسرا، لم تعد تتجاوز 36%، مقابل 70% عام 2017.
وعموما، قد تمتلئ أدراج الأسر السويسريّة بالعملة من فئة 5 سنتات لفترة طويلة قادمة، نظرا لبطء العملية السياسية (لاحتمال اهتمامها بمشاكل أخرى أكثر أهمية)، ومقاومة جزء من القطاع التجاري.
تحرير: سامويل جابيرغ
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
مراجعة: مي المهدي/أم
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.