السياحة السويسرية: رياح باردة
أظهرت الإحصائيات الرسمية تراجعا ملحوظا في الحركة السياحية إلى سويسرا خلال النصف الأول من هذا العام، مما دعا إلى تحرك عاجل وسريع لتدارك الموقف.
ويأخذ هذا التحرك عدة اتجاهات على الصعيد الداخلي والخارجي لاستعادة النشاط في هذا القطاع الهام.
من المعروف أن الموسم السياحي في سويسرا يتواصل على مدار العام. لذا، يعد هذا القطاع أحد أعمدة الاقتصاد الرئيسية. وبالتالي، فإن أي تراجع في عوائده يتطلب تدخلا سريعا ومباشرا للتعرف على أسباب هذا التراجع ومعالجتها.
فقد أظهرت مؤشرات الحركة السياحية في النصف الأول من هذا العام تقلصا في عدد السائحين القادمين إلى سويسرا بنسبة 10% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وانخفض الإقبال على الفنادق بنسبة 6% عن نفس الفترة.
وتوضح الإحصائيات تراجع أعداد السواح من دول هامة مثل ألمانيا، التي أحجم 13% ممن تعودوا على قضاء عطلهم في ربوع جبال الألب عن زيارتها هذا العام، وتراجع 22% من الأمريكيين عن الحضور إلى سويسرا.
عوامل حساسة
ويعتقد القائمون على القطاع السياحي أن ثلاثة عوامل رئيسية تقف وراء تراجع مردود موسم هذا العام، بداية من ارتفاع سعر صرف الفرنك ومرورا بتقلب الأحوال الجوية والكوارث الطبيعية التي شهدها وسط أوروبا هذا العام وصولا إلى الخوف وعدم استقرار الأوضاع السياسية في العالم.
فقوة الفرنك السويسري مقابل العملات الأجنبية المختلفة جعلت قضاء العطلة في سويسرا باهظا بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى، وتأثر بهذا العامل السواح من الشباب الذين لهم ميزانية متواضعة لقضاء فصل الصيف، وكلما ارتفع سعر صرف الفرنك رجحت كفة الدول المتعاملة باليورو في استقطابهم.
إلى جانب هذا، لعب الطقس المتقلب في الصيف دوره في عزوف الكثيرين عن الحضور إلى الكنفدرالية، خوفا من أن تلحق بها الفيضانات المدمرة مثلما حدث في بقية دول وسط أوروبا. وإن كانت سويسرا قد أفلتت من مأساة فيضانات القرن، فإنها تأثرت بها من خلال تراجع السواح الخائفين من ملاقاة الفيضانات في سويسرا.
ويبدو أن الكثيرين ربطوا العامل الاقتصادي بالأحوال الجوية غير المستقرة وفضلوا في النهاية إما التحول إلى دول جنوب أوروبا أو المكوث في بلادهم، وهو الحال مع الأمريكيين.
برنامج عملي وهادف
لم يكن متوقعا أن تمر السياحة السويسرية بهذه الأزمة دون أن تتحرك الحكومة بشكل عاجل، لمحاولة تقييم الموقف في وقت مناسب لتحديد نقاط الضعف واستعدادا للعام القادم.
ويعتقد جهاز متابعة الاقتصاد الداخلي في الحكومة الفدرالية أن هناك ضعفا في التركيبة الهيكلية لطبيعة عمل الفنادق ينعكس بصورة سلبية على القطاع السياحي السويسري.
ولمعالجة هذا الخلل، أعد خبراء السياحة برنامجا انتقاليا يستمر لمدة خمس سنوات بمشاركة الخبراء الاقتصاديين والأطراف المعنية بالأمر، التي ستساهم بالطبع في تكاليف إعداد هذه البرنامج.
فمن بين برامج الدعم الحكومي لقطاع الفنادق، تخصيص مبلغ مائة مليون فرنك حتى عام 2007 كقروض بدون فوائد يمكن استخدامها في برامج التطوير وتحسين الأداء والخدمات الفندقية.
تطلعات … وصعوبات
في المقابل، يرى المسؤولون عن القطاع السياحي في سويسرا أن هناك العديد من الإمكانيات لم يتم الاستفادة منها بشكل كامل أو أنها ليست مستغلة على الإطلاق.
لذلك، ترحب الحكومة بجميع الأفكار والمقترحات والبرامج الجديدة التي من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة في عالم السياحة في سويسرا، لا سيما على الصعيد الداخلي، بينما سيسعى فريق آخر إلى استقطاب زائرين جدد إذا استعصى استعادة قدامى الزبائن.
إلا أن ارتفاع مستوى المعيشة في سويسرا وغلو أسعار الخدمات فيها بالمقارنة مع دول أوروبية كثيرة، يشكل حاجزا أمام رغبة الكثيرين في زيارة بلاد جبال الألب. لذا، تتجه أنظار الباحثين عن السواح الأجانب أولا إلى الدول الغنية مثل شمال أوروبا وكندا والولايات المتحدة أو اليابان أو دول مجلس التعاون الخليجي، التي جاء منها عشرات آلاف السواح إلى سويسرا في موسم الصيف.
تامر أبوالعينين – سويس انفو
تأتي السياحة بالنسبة للاقتصاد السويسري في المرتبة الثالثة بعد الصناعات الآلية والكيماويات.
بلغت عائدات سويسرا من السياحة في العام الماضي 22.4 مليار فرنك.
يوفر القطاع السياحي فرص عمل لـمائة وتسعين ألف شخص بشكل مباشر و لتسعين ألف بشكل غير مباشر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.