“الصباح الأزرق” يشرق على سويسرا الروماندية
أصبح لسويسرا الروماندية يوميتها المجانية بعد أن أطلقت مجموعة "إيديبريس" الإعلامية فجر 31 أكتوبر 2005 "لوماتان بْلُو" بـ100 ألف نسخة وُزعت في 44 مدينة وبلدة.
شكل ومضمون المولود الجديد ظلا وفيين لما أعلنته المجموعة في فترة المخاض. حلة شابة، مقالات متنوعة موجزة لا تحمل أي توقيع، غياب أي تحليل، وإعلانات بالجملة. يومية سهلة القراءة وشبه ترفيهية.
من لم يستيقظ باكرا يوم الإثنين 31 أكتوبر 2005 في سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، ربما فاتته فرصة الإطلاع – من بين الأوائل- على أول نسخة لأول يومية مجانية في هذه المنطقة المطلة على بحيرة ليمان، من جنيف إلى مدينة إيغل بكانتون فو.
النـّسخ الأولى من “لوماتان بلو” نفذت بسرعة هائلة في العديد من محطات القطار الروماندية، وخاصة في جنيف ولوزان حيث حرصت مجموعة “إيديبريس” الإعلامية على توزيع “مولودها” الجديد بشكل مُكثف.
تشوق أو فضول القراء له ما يُبرره. فيوميتهم المجانية جاءت بعد ست سنوات من إطلاق مجموعة “تاميديا” الإعلامية في زيورخ لـ”20 دقيقة” الناطقة بالألمانية، وهي أول يومية مجانية في سويسرا عموما وسويسرا المتحدثة بالألمانية خصوصا.
وقد نجحت هذه اليومية في تحقيق نجاح وانتشار كبيرين، حتى أنها احتلت في عام 2004 صدارة الترتيب من حيث عدد القراء، ومازالت لحد الآن الصحيفة الأكثر قراءة في سويسرا إذ يقارب عدد متصفحيها الأوفياء مليون شخص يوميا (948000).
مـثـلـما كـان مـتوقعا..
مجموعة “إيديبريس” كانت واضحة قبل إطلاق “لوماتان بلو” أو “الصباح الأزرق” – الذي سمّته كذلك لتُميزه عن يوميتها “لوماتان” الواسعة الانتشار والتي يطغى على تصميمها اللون البرتقالي.
اليومية المجانية الجديدة تتجه في المقام الأول، حسب “إيديبريس”، إلى جمهور شاب وحضري ومتيقظ لمستجدات عالم وتكنولوجيا الإنترنت، والموسيقى، والفن السابع، والموضة، والحياة الطلابية… فهي تستهدف فئة 15 إلى 35 عاما التي “لا تقرأ أو تقرأ قليلا فقط الصحف اليومية” على حد تعبير المجموعة الإعلامية التي تتخذ من لوزان مقرا لها.
كما يخصص “لوماتان بلو” صفحات للأحداث الروماندية والسويسرية والعالمية والاقتصادية والرياضية بشكل مختصر لا يهدف إلى مضاهاة اليوميات المدفوعة الأجر، بل وكما شددت على ذلك “إيديبريس”، تسعى اليومية المجانية الجديدة إلى أن تكون مُكملة للصحف المتواجدة على السوق أو نقطة بداية تشجع القراء على البحث عن المزيد من التفاصيل في اليوميات غير المجانية.
ولدى الإطلاع على النسخة الأولى من “لوماتان بلو”، سرعان ما يتضح أنها تعكس تماما فلسفة الـ”فاست فود” أو الوجبات السريعة. فمقالاتها القصيرة وأنباءها الموجزة والتلغرافية سهلة القراءة، لا تتعمق في التفاصيل ولا تعطي المجال لأي تحليل، وكثيرا ما تقوم الصورة بدور المُكمل للمعلومة.
وسواء تعلق الأمر بالأخبار الموجزة أو بالمقالات القصيرة، لا يوجد في الصحيفة أي توقيع يُحدد مصدر النبأ، فلا يعلم القارئ إن كان المقال لصحفيي اليومية أو من وكالات الأنباء أو شاهد عيان…
وقد أوضح مدير مجموعة “لوماتان” تيو بوشا بهذا الشأن يوم الإثنين في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية أنه ليس من المستبعد أن تحمل المقالات توقيعات الصحفيين أو الوكالات في أعداد لاحقة.
النسخة الأولى من “لوماتان بلو” جاءت في 48 صفحة ضمت حوالي 20 صفحة إعلانات (16 منها امتلأت كاملة بالإعلانات بينما توزعت الإعلانات المتبقية على نصف مساحة صفحتين وربع مساحة 11 صفحة). وليس غريبا الحيز الكبير الذي تأخذه الإعلانات في اليومية المجانية بما أنها الممول الوحيد لها.
وعلى مستوى المواضيع التحريرية، خصصت اليومية الجديدة في عددها الأول 3 صفحات للأحداث السويسرية، و4 للأحداث العالمية، وصفحة لمستجدات العلوم والتكنولوجيا، و3 للأخبار الاقتصادية، و4 للجديد في عالم التسوق والإنترنت والموضة والموسيقى، و2 للخدمات، و6 لإعلانات السينما والمسرح والحفلات الموسيقية، و2 للبرامج التلفزيونية، وصفحة لحالة الطقس، وصفحة ونصف لأخبار النجوم، و4 للرياضة، دون إغفال نصف صفحة للأبراج الفلكية…
وفي إطار صفحة أخبار النجوم، يتيح “لوماتان بلو” لقراءه فرصة التحول إلى نجوم ولو ليوم واحد، إذ يمكن للقارئ إرسال صورته مع بضعة كلمات ويجد نفسه إلى جانب النجوم في عدد لاحق. وهي فكرة تفاعلية قد تروق كثيرا للفئة المُستهدفة من الجمهور.
سعادة حذرة وأهداف طموحة
وفي ردود الفعل الأولى لمجموعة “لوماتان” بعد إطلاق “مولودها الأزرق”، أعرب مديرها بوشا – في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية بعد ظهر الإثنين- عن سعادته للحماس الذي أثارته اليومية الجديدة، مشيرا في المقابل إلى أنه من المبكر الخروج باستنتاجات بعد اليوم الأول من التوزيع. وقد حددت مجموعة “إيديبريس” فترة أسبوعين لجرد حصيلة شاملة للتجربة الفتية.
ولا شك أن الفريق التحريري لليومية سيبذل قصارى جهده لاستمالة القراء خاصة بعد إعلان مجموعة “تاميديا”، أكبر ناشر في سويسرا المتحدثة بالألمانية، يوم الإثنين 24 أكتوبر الماضي عن إطلاق النسخة الفرنسية من يومية “20 دقيقة” التي ستُنافس “لوماتان” بلو ابتداء من مارس المقبل بـ120 نسخة يوميا، مقابل 100 ألف لـ”لوماتان بلو”، وبثلاثين صحفيا مقابل 15 فقط لليومية الجديدة.
وعن فرص تعايش يوميتين مجانيتين في سويسرا الروماندية، أعرب الأستاذ جون فيدمير، مدير قسم علم الاجتماع والإعلام في كلية العلوم الإقتصادية والاجتماعية بجامعة فريبورغ، في تصريح لسويس انفو عن اعتقاده أن حجم سوق سويسرا الروماندية لا يسمح ببقاء سوى يومية مجانية واحدة.
وقال في هذا السياق: “في اعتقادي، لا يوجد مجال ليوميتين مجانيتين، إن سويسرا الروماندية تضم حوالي 1,3 مليون نسمة، وبالتالي فإن سوق الجرائد أضيق بكثير من نظيرتها في سويسرا المتحدثة بالألمانية. ثم إن الجمهور المستهدف ينحصر في نطاق جنيف ولوزان”.
ويذكر أن مدير مجموعة “لوماتان” تيو بوشا يأمل أن تنجح المجموعة في رفع عدد القراء إلى 500 ألف شخص بفضل “لوماتان بلو” ويومية “لوماتان” غير المجانية.
ويشار هنا إلى “لوماتان” هي حاليا الصحيفة اليومية الأكثر مبيعا في سويسرا الغربية (بـ350 ألف نسخة في اليوم).
الجودة ستكون عاملا “حاسما”
وعلى خلاف إيديبريس، تتمتع مجموعة “تاميديا” بتجربة جيدة في مجال اليوميات المجانية. ويعتقد البروفيسور فيدمر أن تلك التجربة قد تكون “حاسمة” في حرب اليوميات المجانية بين “تاميديا” و”ايديبريس” لكسب الجمهور الذي تتوجهان إليه، أي الشباب الحضري النشيط.
وصرح بهذا الشأن “إن جودة اليومية المجانية ستكون عاملا حاسما. وفي هذا المجال، قد تثبت “20 دقيقة” تفوقها لأن الفريق التحريري يضم عددا أكبر من الصحفيين وله تجربة”.
ويشاطر هذا الرأي كريستوف زيمرمان، المدير المشارك لمعهد “إراسم” للدراسات والبحوث التطبيقية في جنيف، إذ يتوقع أن تركز اليوميتان المجانيتان جهودهما على ضمان الجودة. ويعتقد السيد زيمرمان أن عامل “الإثارة” العام لكل نسخة سيحظى بأهمية كبيرة.
ويشك كل من فيدمير وزيمرمان في أن يمثل إصدار “لوماتان بلو” قبل أربعة أشهر من النسخة الفرنسية لـ”20 دقيقة” امتيازا حقيقيا لليومية الزرقاء لأن مجموعة “تاميديا” تربعت بوضوح على عرش اليوميات المجانية في سويسرا.
لكن الشيء الأكيد يظل الآتي: من سيستطيع كسب قلب وروح القارئ سيحظى حتما بثقة المُعلنين. وفي هذا المجال، ستتمكن “20 دقيقة” (بعد انتشارها أيضا في سويسرا الروماندية) من تقديم عروض مغرية لشركات الإعلانات إذ أنه سيصبح بوسعها القيام بتغطية وطنية ستكون بطبيعة الحال أكثر جاذبية على مستوى التكلفة والانتشار مقارنة مع “لوماتان بلو” المحدود في منطقة بحيرة ليمان.
ويعتقد السيد زيمرمان أن “الحرب لن تُكسب أو تُخسر اعتمادا على الصحة الاقتصادية للمجموعتين” لأن “كليهما له ما يكفي من القوة للصمود بعض الوقت، لكن إذا ما ظلت آفاق النمو لإحدى اليوميتين سلبية فسينتهي بها الأمر إلى الاستسلام”.
ويختتم توقعاته قائلا: “شخصيا، يبدو لي واضحا أن اليوميتين لن تظلا متنافستين بعد سنتين أو ثلاث. في المقابل، يستحيل اليوم قول من سيكسب المعركة”…
إصلاح بخات وآدم بومون – سويس انفو
يومية “لوماتان بلو” تُنشر من قبل مجموعة “إيديبريس” للنشر الصحفي في سويسرا الروماندية، وتوظف 15 صحفيا على الأقل.
بدأ توزيع اليومية المجانية الجديدة (100 ألف نسخة) يوم الإثنين 31 أكتوبر 2005 في 44 مدينة وبلدة في مناطق سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية).
تتوجه اليومية التي تصدر من الإثنين إلى الجمعة إلى جمهور “شاب وحضري نشط مهنيا”.
يرتقب صدور نسخة خاصة من “لوماتان بلو” في منطقة جنيف.
أعلنت مجموعة “تاميديا” الإعلامية في زيورخ أنها ستصدر في شهر مارس المقبل في سويسرا الروماندية النسخة الفرنسية من يومية “20 دقيقة” المجانية الواسعة الانتشار في المناطق المتحدثة بالألمانية. وستوظف النسخة الفرنسية التي ستنافس “لوماتان بلو” حوالي ثلاثين صحفيا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.