مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحراء الغربية: تأجيل جديد.

تمديد مهمة المينورسو ثلاثة اشهر اخرة في انتظار حصول توافق في المواقف بين الاطراف المعنية في نزاع الصحراء الغربية اوو حسم مجلس الامن للملف Keystone

جاء تأجيل اقرار الامم المتحدة مشروعا حول مستقبل الصحراء الغربية قدمته الولايات المتحدة الاسبوع الماضي الى مجلس الامن بمثابة محاولة من واشنطن لارضاء كل اطراف النزاع الصحراوي. والتاجيل ليس هزيمة للدبلوماسية الامريكية.

اصدر مجلس الامن صباح الاربعاء 1 مايو قراره رقم 1506 المتضمن، كما كان متوقعا، تمديد ولاية بعثة الامم المتحدة وقواتها المنتشرة بالصحراء الغربية (المينورسيو) لمدة ثلاثة اشهر وابقاء ملف التسوية النهائية مفتوحا للتشاور بين اعضائه، داعيا الامين العام لمواصلة مشاورته مع الاطراف المعنية للتوافق على صيغة مقبولة للجميع.

كان على مجلس الامن، بناء على طلب من كوفي انان، ان يتبنى خيارا من خيارات تضمنها تقريره المقدم للمجلس في التاسع عشر من فبراير الماضي، وهي خيارات لا يلقى أي منها اجماعا من اطراف النزاع، وذهب انان في طلبه الى ان يتبنى المجلس أي خيار دون اشتراط موافقة الاطراف المعنية.

كان طلب انان عسيرا وكان على المجلس ان يجد مخرجا دون ان يضع أي طرف في الزاوية. كان انان يطلب من المجلس ان يختار الى حين تقديم تقريره التالي، خيارا من اربعة خيارات وهي العودة الى مخطط السلام الدولي المقر منذ 1991 وبينت تجربة السنوات العشر الماضية بتعثره، وهو تقره ايضا اطراف النزاع بدرجات متفاوتة.

الخيارات الاخرى التي اوردها انان في تقريره هي مقترح مبعوثه جيمس بيكر بمنح المناطق الصحراوية المتنازع عليها حكما ذاتيا مؤقتا تحت السيادة المغربية وهو ما رفضته الجزائر وجبهة البوليزاريو، ومقترح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بتقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليزاريو وهو ما رفضه المغرب بشدة والخيار الاخير ان ترفع الامم المتحدة يدها عن الملف وتسحب بعثتها من المنطقة وهو ما يخالف الاهداف التي وجدت الامم المتحدة من اجلها، أي حفظ السلام العالمي وسحب البعثة يعني اعادة المواجهة المسلحة الى المنطقة.

قدم انان تقريره الجديد للمجلس في الثاني والعشرين من ابريل الماضي، مؤكدا على خياراته، المدرك لعدم واقعية أي منها، لكن منصبه الدولي يفرض عليه ان يقترح وواشنطن دعما لمواطنها جيمس بيكر، وزير الخارجية السابق للرئيس جورج بوش الاب، وتعويضا عن عدم توليه أي منصب في ادارة بوش الابن، وتشجيعا له على الاستمرار بعد ان تردد تلويحه بإستقالته. وكذلك منها حرصا على تقديم شيء لارضاء المغرب، اعلنت تقديمها لمجلس الامن بمشروع قرار يمنح الصحراويين حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، وفي الوقت نفسه، ولارضاء الجزائر، اعلنت عن ادخال تعديلات على مقترح بيكر رغم طلب انان بعدم ادخال اية تعديلات على أي من المقترحات التي قدمها.

موقف واشنطن

الوضع الدولي وطبيعة نزاع الصحراء الغربية واطرافه لا يشكلون حافزا للولايات المتحدة لخوض معركة دبلوماسية مع هذا الطرف او ذاك ضد هذا الطرف او ذاك، فالنزاع ليس على ابواب انفجار يهدد السلم العالمي او الاقليمي وأطرافه ليست محسوبة على المعسكر المعادي لواشنطن لتستعمله ورقة ضغط عليه، فكل الاطراف تسعى لتقديم نفسها في هذه المرحلة كجزء اساسي في معركة الادارة الامريكية ضد “الارهاب”.

لذلك قدمت واشنطن مبادرتها بتبني مقترح الحكم الذاتي دون ان تبذل جهدا لدفع مجلس الامن لتبنيه، ارادت ان تذكر العالم واطراف النزاع بحضورها وايضا تريد ان تقول لاطراف النزاع ان لا وقت لديها الان لتصرف جهدا قد يكون ملفا اخر اكثر حاجة اليها من هذا النزاع مثل ملف الشرق الاوسط او الملف العراقي.

كانت الادارة الامريكية ومعها الدول الاعضاء في مجلس الامن، يقضون وقتا مع قراءة مذكرات هذا الطرف او ذاك في اطول نزاع في العالم بعد النزاع العربي الاسرائيلي. فالسنوات الخمس وعشرين الماضية، بينت لكل المتابعين لهذا الملف، ان اطرافه تتنازع على ملفات اخرى، وملف الصحراء الغربية يشكل واجهة هذه الملفات لا اكثر.

والمغرب الذي وجد في المقترح الجزائري بتقسيم الصحراء الغربية، بناء على حدود اتفاقية مدريد، اقليم وادي الذهب للبوليزاريو واقليم الساقية الحمراء للمغرب، فرصة ليرسخ بأذهان مواطنيه ما يردده عن روح الهيمنة الجزائرية على المنطقة وان الجزائر تريد اقامة الجزائر الكبرى لا المغرب العربي الكبير. والجزائر التي جدد مندوبها في الامم المتحدة امكانية تطبيق فكرة التقسيم، اكدت رفضها لمقترح الحكم الذاتي لانه يحرم الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير. اما البوليزاريو الساعية لاقامة دولة مستقلة بالصحراء الغربية فتعلن رفضها لمقترح الحكم الذاتي وللتقسيم ولا زالت تقول بتطبيق المخطط الدولي.

وبين كل هذه المطالب والافكار يعود مجلس الامن خلال الشهور الثلاثة القادمة لمناقشة ما يجدّ على الملف من تطورات ويخلص كما خلص الاربعاء الى تمديد ولاية بعثة الامم المتحدة في المنطقة ومواصلة دعم جهود الامين العام ومبعوثه بالاتصال بالاطراف المعنية لايجاد تسوية، تحظى بموافقة الجميع وهو ما لن يتحقق في المدى المنظور.

محمود معروف – الرباط

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية