الصليب الأحمر لا يعتزمُ الاستسلام أمام واشنطن
في ختام زيارته للولايات المتحدة، أعرب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أسفه لرفض الإدارة الأمريكية زيارة مندوبي اللجنة للسجناء المعتقلين في مراكز سرية.
وأكد السيد جاكوب كيلينبرغر إثر لقاءه بوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يوم 11 مايو في واشنطن عدم وجود أي قانون يسمح بإخفاء مكان اعتقال أي شخص أو بنفي أَسْره.
كان الهدف الرئيسي من زيارة رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الولايات المتحدة التي استغرقت يومين ضمان زيارة مندوبي اللجنة لكافة الأشخاص الذين تعتقلهم واشنطن في إطار حربها ضد الإرهاب.
لكن السيد جاكوب كيلينبرغر اصطدم مجددا بالرفض الأمريكي وأعرب عن عميق أسفه لغياب تقدم في ملف الاحتجاز السري الذي سبق وأثارته اللجنة مع الحكومة الأمريكية قبل عامين.
وعبر السيد كيلينبرغر في بيان نُشرته اللجنة إثر لقاءه بوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في ختام زيارته لواشنطن يوم 11 مايو الجاري عن “الأسف لعدم تحول موقف السلطات الأمريكية نحو منح اللجنة الدولية للصليب الأحمر حق مقابلة الأشخاص المعتقلين في أماكن غير معروفة”.
وأكد بهذا الشأن أنه “بغض النظر عن مدى شرعية أساب الاحتجاز، لا يحق لأحد إخفاء مكان وجود أي شخص أو إنكار احتجازه”.
كما شدد على أن اللجنة الدولية ستواصل المطالبة بزيارة كافة السجناء أينما وُجدوا وستواصل إعطاء الأولوية لهذه المساعي، رغم “خيبة الأمل لعدم التوصل إلى أية نتائج”، ورغم الموقف الحالي للولايات المتحدة. وأضاف السيد كيلينبرغر أنه “من حق كافة الأشخاص الذين تحتجزهم الولايات المتحدة أن يُمنحوا وضعا قانونيا واضحا وضمانات إجرائية صريحة”.
الحوار من أجل التوصل إلى التوازن
وعن القنوات التي قد تستخدمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لضمان لقاء المعتقلين في المراكز السرية، قالت السيدة أنطونيلا نوتاري، المتحدثة باسم اللجنة في مقرها الرئيسي بجنيف، “إن الحوار سيتواصل”.
وأوضحت في تصريحات لسويس انفو صبيحة الجمعة 12 مايو “سنواصل تقديم مُبررات موقفنا من القضية. نحن ندرك بأن المسألة مرتبطة بأمن الولايات المتحدة في إطار مكافحتها للإرهاب، وأنه عليها أن تحمي شعبها، لكننا مقتنعون، وهذا أمر كرره الرئيس (كيلينبرغر)، أن هنالك طريقة لإيجاد التوازن بين القلق المشروع على الأمن وما يصاحبه من إجراءات أمنية، وبين احترام الإجراءات القانونية، خاصة لدى احتجاز الأشخاص”.
ويشار هنا إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تعتمد في عملها على اتفاقيات جنيف حول النزاعات المسلحة، هي المنظمة المستقلة الوحيدة التي تسمح لها الولايات المتحدة بزيارة المُشتبهين بالتورط في عمليات إرهابية والمحتجزين في كل من العراق وأفغانستان وقاعدة غوانتانامو الأمريكية في كوبا. لكنها مازالت تطالب واشنطن بزيارة المعتقلات السرية.
تحديات وإصرار
ونوهت المتحدثة أنطونيلا نوتاري إلى صعوبة مأمورية اللجنة قائلة “نحن نواجه تحديات كثيرة في مجال القانون الإنساني الدولي في أي مكان نزاول فيه نشاطنا. نحن نعمل تقريبا في 80 بلدا حول العالم حيث توجد نزاعات مسلحة وحالات عنف داخلي”.
وأضافت في هذا السياق بأن اللجنة تعودت على مواجهة “مواقف متصلبة” من طرف حكومات أو أطراف أخرى معنية بتلك النزاعات. لكنها حرصت على التذكير “نحن أيضا تعودنا على التحلي بقدر كبير من الإصرار والعناد لمواصلة جهودنا. وهذا ما سنقوم به في هذه الحالة. وقد أعلن رئيسنا ذلك بوضوح”.
يشار في الأخير إلى أن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر التقى أيضا في واشنطن بعدد من المسؤولين الأمريكيين الرفيعي المستوى مثل مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ونائب وزير الدفاع غوردن إنغلاند.
ويذكر أن الزيارة السابقة للسيد كيلينبرغر إلى واشنطن كانت قد تمت في فبراير 2005، حيث التقى بالرئيس الأمريكي جورج بوش.
سويس انفو
تأسست اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1863 على يد السويسري هنري دونان.
تعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر نفسها كـ:”منظمة مستقلة ومحايدة تقوم بمهام الحماية الإنسانية وتقديم المساعدة لضحايا الحرب والعنف المسلح”.
أوكلت إلى اللجنة الدولية، بموجب القانون الدولي، مهمة دائمة بالعمل غير المتحيز لصالح السجناء والجرحى والمرضى والسكان المدنيين المتضررين من النزاعات .
وإلى جانب مقرها الرئيسي في جنيف، تتوفر اللجنة على مراكز في حوالي 80 بلداً وتوظف أكثر من 12000 شخص.
وفي حالات النزاع، تتولى اللجنة الدولية تنسيق العمل الذي تقوم به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتحادها العام.
اللجنة الدولية هي مؤسس الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومصدر إنشاء القانون الدولي الإنساني لاسيما اتفاقيات جنيف.
في عام 2004، بلغت ميزانية اللجنة الدولية للصليب الأحمر 940 مليون فرنك سويسري.
كانت الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة إذ بلغت مساهمتها167 مليون فرنك.
أما سويسرا فكانت ثاني أكبر مانح حيث تبرعت بـ92 مليون فرنك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.