العالم العربي والإنترنت
يصنف العالم العربي في مؤخرة الترتيب العالمي من حيث نسبة استخدام الإنترنت وحجم التجارة الإلكترونية وذلك لأسباب عديدة مادية وثقافية وسياسية.
لكن هذا لا ينفي وجود بعض الاستثناءات مثلما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تشير إحصائيات الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2001 إلى أن نسبة مواطني العالم العربي، الذين سبق أن استخدموا شبكة الإنترنت، لا يتعدى 1% رغم أن سكان العالم العربي ال 170 مليون نسمة يشكلون 5% من مجموع سكان العالم.
وإذا ما قارنا ذلك بنسبة الأوروبيين والأمريكيين التي تفوق 58 في المائة فإن ذلك يدفع البعض إلى وصف تجربة العالم العربي في مجال تكنولوجيا الاتصالات والإنترنت بأنها في مرحلتها “الجنينية”.
حواجز متعددة
ومن العوامل التي أدت إلى تأخر المنطقة العربية عن ركوب قطار تكنولوجيا الاتصالات، أي منذ نهاية التسعينات، اتخاذ الأنظمة العربية موقفا متحفظا إن لم يكن معاديا منها، إما لأسباب أخلاقية، كاعتبارها وسيلة لنشر الفساد والإباحة، أو لأسباب سياسية لمنع الأصوات المعارضة من التعبير عن آرائها وسد الطريق أمام المواطن كي لا يطلع على مصادر إخبارية غير رسمية.
وإذا لم يكن الحاجز أخلاقيا او سياسيا فقد يكون تقنيا او ماليا. إذ ُتعدُ معظم شبكات الاتصال في العالم العربي غير متطورة وملكا للقطاع العام. كما تتباين نسبة توفير خدمات الاتصال من بلد عربي لآخر، ففي الوقت الذي نجد فيه أكثر من 100 خط هاتفي لكل 100 منزل في الإمارات والكويت، لا تتعدى النسبة في سوريا ومصر والمغرب حيث الكثافة السكانية كبيرة، خمسين خط هاتفي لكل مائة عائلة.
كما أن نفقات الاتصال لا تزال عالية في بلدان العالم العربي مما يحول دون التشجيع على استخدام الإنترنت بشكل مكثف. فقد تبلغ تكلفة ثلاثين ساعة اتصال بالإنترنت شهريا في سوريا 47 دولارا أمريكيا، وفي السعودية 41 دولارا، و 24 دولارا في الإمارات العربية المتحدة، وعشر دولارات في مصر. ويضاف إلى هذه العوامل افتقار الشبكة إلى مواضيع باللغة العربية.
هوة رقمية داخل العالم العربي
لكن النظر إلى واقع استخدام تكنولوجيا الاتصالات في العالم العربي، يكشف عن وجود هوة رقمية بين بلدان طورت نسيج تكنولوجيا الاتصالات فيها وأغلبها في منطقة الخليج، وبلدان لا زالت متعثرة في هذا المجال.
فوفقاً لدراسةٍ، أُعدت لصالح منتدى دافوس الاقتصادي الدولي حول تحديات تطور تكنولوجيا الاتصالات والإعلام في العالم العربي، تم تصنيف الدول العربية إلى مجموعات ثلاث: مجموعة التطور السريع وتشمل الكويت والإمارات العربية المتحدة، و مجموعة الدول الصاعدة وتشمل كلا من مصر والأردن ولبنان والسعودية ، ومجموعة الدول السائرة في طريق النمو وتضم المغرب وعمان وسوريا.
وبالنظر إلى التطور الذي قطعته دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال إقامتها لمدينة الإنترنت، وسعيها إلى رفع نسبة استخدام الشبكة الإليكترونية بين سكانها إلى 38% مع مطلع عام 2005، في وقت لا تتعدى فيه نسبة الحاسبات الشخصية في سوريا 1.6 % بالنسبة لكل 100 ساكن أو 36 مستعملا للإنترنت من بين كل عشرة آلاف مواطن، بالنظر إلى كل هذا يتضح عمق الهوة الرقمية التي على العالم العربي استدراكها.
هذا وتتصدر الإمارات العربية المتحدة الدول العربية من حيث نسبة مستخدمي الإنترنت من بين سكانها حيث بلغت لديها 29،9% ، لتتبعها البحرين بنسبة 18،17% ، ثم قطر بنسبة 12،81 %، فالكويت بنسبة 11،29%. على حين يقف في أخر القائمة العراق بنسبة 0،08%، وقبله السودان ب 0،10%.
وعلى الرغم من ارتفاع مستوى المعيشة في العربية السعودية، نجد أنها تأتي في المرتبة التاسعة بعد تونس وقبل فلسطين، حيث لا تتجاوز النسبة لديها 2،68% من مجموع السكان.
أما المغرب ومصر والجزائر وليبيا فتتابع في التصنيف انطلاقا من المرتبة الحادية عشرة، بينما نجد في مؤخرة الترتيب كلا من سوريا واليمن والسودان وانتهاء بالعراق.
تطور رغم العراقيل
وعلى الرغم من الصعوبات التي يعرفها العالم العربي، التقنية منها والسياسية، تشير جميع التوقعات إلى أن المنطقة العربية ستشهد تضاعفاً في نسبة مستخدمي الإنترنت خلال العامين القادمين.
بعضها يمليه تسارع انضمام الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية، وبالتالي تحرير العديد من القطاعات المؤثرة وفي مقدمتها قطاع الاتصالات.
كما أن العديد من القطاعات التجارية في العالم العربي ستُضطر لاستخدام تكنولوجيا الاتصال إما في مجال التجارة الإلكترونية الذي لا يتجاوز نسبة 0،2% من مجموع المبادلات التجارية الإلكترونية العالمية، أو للقيام باتصالاتها العادية، وهو ما قد يعطي دفعا لتطوير شبكة الإنترنت.
ويبدو أن تجربة بلدان الخليج أصبحت تُحدث شبه عدوى في باقي البلدان العربية من حيث الإقبال على تطوير شبكة الإنترنت، بحيث يخطط لبنان لإقامة مدينة إنترنت شبيهة بمدينة دبي.
وبنفس النسق، حدد الأردن من ضمن أهدافه رفع نسبة مستخدمي الإنترنت لديه إلى 80% مع حلول عام 2020، على حين تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بإدخال سوريا إلى حقبة الكمبيوتر.
وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول مثل العربية السعودية تجاوز تحفظاتها بخصوص استعمال شبكة الإنترنت بشكل معقول ومقبول، وذلك من خلال التخطيط لربط كل المدارس السعودية بالشبكة ضمن ما يعرف بالمشروع الوطني السعودي، نجد أن دولا مثل تونس لا زالت تفرض قيودا شتى على استعمال الشبكة.
حيث ترى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في تقريرها للعام 2003 أنها “تقطع الطريق أمام العديد من المواقع الوطنية والعالمية حتى لا يصل إليها مستعملو الشبكة. ويستهدف القطع مواقع تونسيّة لجمعيّات مستقلّة و أحزاب معارضة ومخالفين في الرّأي و مواقع شبابيّة نقديّة و ساخرة و مواقع منظّمات غير حكوميّة دوليّة و مواقع إعلامية عربيّة و دوليّة تختلف في تغطيتها للأحداث الوطنيّة “….
أما العراق فقد كان نظام الرئيس صدام حسين السابق يبرر منع استعمال شبكة الإنترنت لكونها ” وسيلة دعاية أمريكية”.
ولا شك أن المواطن العربي يعد من أكثر مواطني العالم تطلعا لمعرفة مدى تأثير قمة مجتمع المعلومات على واقعه اليومي، ليس فقط من خلال الانفتاح على تكنولوجيا الاتصال، بل أيضا في ضمان حقوقه الأساسية وفي مقدمتها حقه في الحصول بحرية على المعلومات.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
حسب إحصائيات العام 2001
عدد مستخدمي الإنترنت في العالم 500 مليون
58% منهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا
0،7 % فقط في العالم العربي
أول بلد عربي الإمارات العربية المتحدة 29،9%
آخر بلد العراق بنسبة 0،08%.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.