العام الدولي للجبال وسكان المرتفعات
يحتفل العالم طوال هذه السنة بعام الجبال، ليس لتسليط الأنظار على هذه المرتفعات الطبيعية البالغة الحيوية وحسب وإنما على مشاكلها البيئية ومشاكل سكانها أيضا.
فالآكام الشاهقة كانت ولا تزال عند شعوب الأرض رمز الشموخ والعظمة ولكنها أيضا رمز الكفاح من أجل لقمة العيش ومصدر حيوي لمياه أنهر عديدة وخطر كامن عندما تنزلق كتلها الثلجية أو الجليدية وتأتي على بيوت أو قرى عديدة.
العام الدولي للجبال كأنه عام لسويسرا حيث تغطي مرتفعات الألب كامل الأنحاء الوسطى من البلاد وحيث يجد السائح حوالي أربعين أكمة فوق ثلاثة آلاف متر، من بينها اثنتا عشرة أكمة فوق أربعة آلاف متر عن سطح البحر.
ومن أشهر هذه القمم الشامخة والمحجّبة بالحلل البيضاء طوال العام، هنالك “مونتيه روزا” وتبلغ أربعة آلاف وستمائة وأربعة وثلاثين مترا فوق سطح البحر، وقمة “فايسهورن” وتقع على أربعة آلاف وخمسمائة وستة أمتار، و”ماتيرهورن” التي تعرف أيضا باسم “سيرفان” وتقع على ارتفاع أربعة آلاف وأربعمائة وثمانية وسبعين متر فوق سطح البحر.
الكثير من الجبال في مخاض دائم !
وحسب علماء طبقات الأرض لا تزال سلسلة جبال الألب في شموخ متواصل نتيجة الإنزلاقة المتواصلة لجرف القارة الإفريقية تحت جرف القارة الأوروبية، الأمر الذي تجسّد في العثور على كميات من المتحجرات البحرية الأصل في مرتفعات الألب.
وفي الحين الذي تمد فيه الجلادات الأبدية الواقعة في أحضان المرتفعات الشاهقة حول العالم، الأنهر العديدة بالمياه الضرورية للحياة، فإن كتل الثلوج العملاقة المتراكمة فوق آكامها الشامخة تعتبر تهديدا دائما للمناطق المجاورة لها والقريبة منها نتيجة مخاطر الانهيارات الجليدية أو الثلجية أو حتى الترابية التي أتت على الكثير من القرى والتجمعات السكانية قديما وحديثا.
علاوة على ذلك فان الحياة في المرتفعات كمرتفعات الألب على سبيل المثال، تعتبر تحديا من التحديات الطبيعية لأهالي تلك المناطق، خاصة لهؤلاء الذين يعتمدون على النشاطات الزراعية وليس على النشاطات السياحية في الدرجة الأولى.
وترجع هذه التحديات لقسوة العوامل الطبيعية والمناخية، كما ترجع لضحالة المزروعات والأعشاب وندرة الأشجار الواقية للدور والمنازل من الانهيارات الجليدية، فوق حزام الألفي متر عن سطح البحر.
وعلاوة على ذلك هنالك التحديات البيئية، حيث يتعاضد سكان الجبال والمرتفعات مع الخضر ودعاة الحفاظ على البيئة الطبيعية في سويسرا، في الكفاح ضد مختلف أوجه التلوث الذي يترتب على النشاطات السياحية والرياضية الشتوية المتزايدة في المناطق الجبلية الشاهقة في مرتفعات الألب والمرتفعات الجوراسية.
ويتمثل هذا التلوث في تكاثر المصاعد الكهربائية أو الهوائية على السفوح، وفي تهشيم المناظر الطبيعية لإفساح المجال للمباني والشقق أو الفنادق والمرافق الأخرى الضرورية لاستقبال السياح في المواسم السياحية الشتوية. كما يرجع لحقيقة أن معظم هذه المنشاءات يبقى خاويا وخاملا فترات طويلة من العام، خارج تلك المواسم الشتوية.
البيئة الجبلية، فاصلة وجامعة على حد سواء
وعلى هذا الصعيد أيضا تبرز الخلافات في وجهات النظر وفي الشواغل بين الفلاحين والمزارعين في الجبال والمرتفعات وبين أصحاب المنشاءات السياحية حيث يطمع الأوائل في بناء السدود والحواجز للحد من خطر الانهيارات الثلجية والجليدية ويطمع الآخرون في المزيد من الثلوج وأرصفة التزلج لضمان نتاج المواسم السياحية الشتوية دون خسارة.
ويتم الاحتفال هذا العام بعام الجبال للتذكير بهذه التناقضات والمشاكل، وبأن الجبال التي تشكل عادة حواجز وحدودا طبيعية منيعة بين مختلف الجاليات البشرية قد تقيم القاعدة للتعاون والتآزر بين تلك الجاليات لمواجهة تلك التناقضات والمشاكل.
جورج أنضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.