مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العراق بين الفدرالية والتقسيم!

جندي بريطاني يحرس أحد المواقع بمدينة البصرة جنوب العراق Keystone

بات واضحا من خلال سياقات عدّة، أهمّـها الانفلات الأمني وعمليات القتل الطائفية، أن العراق يقف اليوم أمام طريقين لا ثالث لهما.

إما التقسيم بمعنى إنشاء دويلات طائفية وعرقية، بدلا من عراق واحد، أو القبول بمبدأ توزيع السلطات وعدم حصرِها في العاصمة وبيد طائفة واحدة كما كان في السابق، أي تقسيم العراق.. لكن إلى أقاليم، مثلما يطرح مُـعظم شيعة العراق بتأييد ودعم من الأكراد.

المعارضون لمشروع تقسيم العراق إلى أقاليم، هم في غالبيتهم من العرب السُـنة الذين يشعرون أنهم خسروا نفوذا، كان لهم منذ تأسيس العراق الحديث، إلى جانب تيار الصَّـدر، الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر، وبعض الفئات الشيعية الأخرى، ومن أبرزها التيار الخالصي ومرجعيات دينية ناشئة.

إلا أن التيار الصدري الذي اصطفَّ مؤخَّـرا خلف المعارضين لقانون الفدرالية والأقاليم، كان قد لوَّح في عهد حكومة أياد علاوي بفكرة فصل الجنوب العراقي “البصرة والناصرية والعمارة”، عندما صرّح سلام المالكي، حينما كان نائبا لمحافظ البصرة وممثلا لمقتدى الصدر فيها عام 2004 بفصل هذه المحافظات عن العراق، وتلا ذلك ترويج من قِـبل أتباع الصدر لفدرالية الجنوب، قبل وأثناء أزمة النجف المعروفة، والتي كانت السلطة الأمريكية في العراق تدعم حكومة علاوي للقضاء على الصدر.

وقبل التيار الصدري، فان الحديث عن فدرالية الوسط والجنوب لم يكن أمرا جديدا من قِـبل زُعماء الطائفة الشيعية في العراق، فقد طـُرح هذا المشروع قبل سقوط النظام السابق، في زمن المعارضة وتحديدا بعد تحرير الكويت عام 1991.

ولعل في مطالبة الزعيم الراحل آية الله محمد باقر الحكيم بوضع الجنوب العراقي برمَّـته تحت المظلة الدولية بدعوته إلى إنشاء منطقة آمنة في الجنوب، الذي يشمل حسب الرسالة التي وجّـهها إلى الأطراف الدولية المعنية، كل المناطق الشيعية من النجف وكربلاء والكوت والسماوة والديوانية والحلة إلى العمارة والناصرية والبصرة، على غِـرار ما حصل في شمال العراق، ما يعكِـس حقيقة ما كان يُـعانيه الشيعة والأكراد في ظل نظامٍ قمعي يتفرّد بالسلطة.

إذن، فقد كان تبرير الحكيم أمنِـيا، أي للحفاظ على أمن طائفته، وهو نفس المُـبرِّر الذي يدفع شقيقه السيد عبد العزيز الحكيم إلى المطالبة بالفدرالية وعدم التراجع عنها.

فالنظام السابق مارس مع الجنوب كل أشكال القمع، خاصة بعد فشل انتفاضة شعبان عام 1991، ومن يسمِّـيهم الحكيم وأنصاره، بالصداميين والتكفيريين، يشنُّـون منذ سقوط النظام السابق حملات تطهير ضدّ الشيعة، بدأت بمحور الموت في المحمودية اللطيفية المتّـجه إلى النجف ولم تتوقف في سامراء والمدن والبلدات التي تقطنها أكثرية سُـنية.

كذلك، فقد نوقش هذا المُـقترح من قِـبل أطراف من المعارضة العراقية في مؤتمرات المعارضة ولقاءاتها المتعدّدة، سواء في مؤتمر بيروت، الذي انعقد بعد الانتفاضة في الجنوب أو في كردستان في مارس 1991 بحجّـة حماية سكان الجنوب (والأكراد) من قمع النظام المركزي.

إلا أن الأمر تطوّر كثيرا، حين قرّر عدد من السياسيين العراقيين أن يتم تثبيت فكرة الفدرالية في جميع اتفاقات المعارضة، خصوصا مع الأكراد كأساس دستوري يُـعلن العراق دولة فدرالية.

واستفاد الباحثون عن “تكييف دستوري” لتقرير شكل النظام بعد التغيير، من قرار صدّر عن مجلس الأمن، وضع كردستان تحت المظلة الآمنة، وبدرجة أقل بكثير، الجنوب، ومنع استخدام النظام العراقي الطيران الحربي من التحليق فوقها، اللهُـمّ إلا في الجنوب، حيث كانت الولايات المتحدة تغضّ النظر عن “خروقات” المروحيات العراقية وتنفيذها عمليات تستهدف مواقعَ المعارضة في الأهوار بشكل خاص، على أساس أنها تمثِّـل من وِجهة نظر أمريكية، امتدادا لنفوذ إيراني متزايد في الجنوب!

ولم تكن الرعاية الأمريكية لهذا المشروع غائبة، إذ كان لافتا الحضور الأمريكي المباشر والقوي في مؤتمر انعقد عام 1999 في لندن بمشاركة العديد ممِّـن يتبنّـى حاليا من العراقيين (أو يتحفَّـظ لأسباب تتعلّـق بالمنافسة السياسية) الدعوة إلى تقسيم العراق إلى أقاليم، وكان بعنوان “العراق حتى عام 2020”.

من الحاضرين، كان نفر من المقرّبين للأمريكيين، منهم أياد علاوي وموفَّـق الربيعي، إلا أن حضور السفير الأمريكي ديفيد ماك وخبراء أمريكيين لهم صلة مباشرة بوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، وكان الأبرز في بحث شكل الدولة العراقية في مرحلة ما بعد سقوط النظام، وتم التطرّق بشكل معمَّـق إلى فدرالية كردستان والفدرالية في الوسط وفي جنوب العراق، وتمّ الاتفاق على أن تُـعتبر حقوقا دستورية يجب أن تثبت في الدستور العراقي بعد سقوط نظام صدّام.

أيضا، كان المبرر الذي قدّمه الباحثون في مؤتمر عام 1999، أمنيا، أي يستند إلى مبرِّرات لها صلة بالأمن القومي والإقليمي، حين خلصوا إلى أن أزمات العراق الداخلية، وشنّ النظام حربين على إيران والكويت، هما بسبب فقدان المؤسسات الدستورية وغياب حُـكم القانون وتركز السلطة، ومن هنا، يجب توزيع السلطة ومراكز القوة على الأقاليم لينعَـم العراق بالاستقرار والأمن واحترام حقوق الإنسان على أسُـس الشراكة العادلة بين العراقيين، وضمان أمن جيران العراق في الخليج تحديدا، والكويت بشكل خاص، من خلال تأسيس ثلاثة أقاليم كحد أدنى: كردية وشيعية وسُـنية، بالرغم من أن المؤتمر اشترط بكلمات فضفاضة أن هذه الأقاليم لن تقوم على أساس طائفي أو مذهبي أو قومي، وذلك لأن الشمال، الذي وضِـعت حدوده بإدخال التركمان والكلدان والآشوريين والشيك والأيزيديين وحتى العرب وغيرهم، سُـمي إقليم كردستان بهيمنة كردية واضحة، بينما الوسط حدّد لها محافظات لها الأغلبية السُـنية، فيما الجنوب يغلب عليه الشيعة كأكثرية.

وفي مؤتمر المعارضة بلندن، الذي انعقد في منتصف ديسمبر عام 2002، تم تبنّـي مشروع الفدرالية الذي أقِـر العام الماضي من قِـبل الجمعية الوطنية العراقية، بمشاركة ممثلين عن العرب السُـنة.

مبرّرات أخرى

يبني دعاة الفدرالية فكرتهم على أساس أن العراقيين ليسوا شعبا واحدا، بل شعوبا متعددة، وأن لكل منطقة في العراق خصوصياتها الجغرافية وعاداتها وحتى لغتها أو لهجتها وثقافتها، مما يستوجب إيجاد ثلاثة أقاليم في حدّها الأدنى، يعيش أهلها ضِـمن اتحاد اختياري في دولة مركبة، بل ويمضي هؤلاء إلى أنه إذا تعذّر التعايُـش بين هذه الأقاليم، فلكل شعب حقّ تحقيق مصيره وِفقا لقواعِـد القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصِّـلة، إذ لا يمكن إجبار المواطنين على التعايُـش ضِـمن ثقافة الكراهية والعُـنف المنتشر مع ضعف سلطة الدولة، وتكاثر نفوذ سلطة المليشيات المسلّـحة، التي ترتكب القتل وتنفِّـذ التفجيرات على الهوية.

ويقول هؤلاء، إن تدهور الأمن وغيابه في عدد محدَّد من المناطق، يجب أن يدفع باتجاه الفدرالية أو حتى الاستقلال وإقامة نظام كنفدرالي أو تأسيس دول مستقلة لا تشكل كنفدرالية، وهو برأيهم حقّ مشروع يَـبني قواعد جديدة للتعايش المستقر.

أيضا، فإن المخاوف من عودة سيطرة العرب السُـنة على الحكم المركزي، تجعل دُعاة الفدرالية يُـسارعون إلى ما يعتقدون أنها الفرصة الذهبية لهم لكي يصلوا إلى فدرالية لا تضمن عدم الانجِـرار إلى التقسيم، ما دام ذلك يحفظ لهم أمن طائفتهم، التي باتت برأي العديدين منهم، شعبا له مُـواصفات بقية الشعوب.

المزيد

المزيد

الفدرالية

تم نشر هذا المحتوى على الفدرالية هي نظام سياسي يتمثل في تقسيم أراضي كيان ما إلى مجموعة من الدول – تسمى في سويسرا الكانتونات – تتمتع بقدر يزيد أو ينقص من الحكم الذاتي، وخاصة في مجال الجباية والصحة والتعليم. في نظام من هذا القبيل، تحتفظ السلطة المركزية عموما بمهمة الإشراف على السياسة الخارجية والدفاع. النظام الفدرالي يتعارض مع الدولة المركزية…

طالع المزيدالفدرالية

النموذج السويسري

توقف دعاة الفدرالية في العراق كثيرا عند نموذجين: دولة الاتحاد الفدرالي السويسري والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنهم وجدوا في سويسرا أفضل نموذج لدول الاتحاد الفدرالي تتعايش فيها بالتوافق جماعات متعارضة والسلطات موزّعة ومتآلفة، والامتيازات التي تحتفظ بها الولايات، هي أكثر أهميّـة مما هي عليه في معظم الاتحادات الأخرى، كما أن السلطة تتّـسم بصفة الاستعجال وأنها في متناول الجميع وتعتمد أسلوب المشاركة، والجهاز التنفيذي موسّـع يتبع طريق الإدارة الجماعية وتشترك على الدوام في أعماله أهم القوى السياسية والأطراف المُـقيمة في الولايات، بإدارة شؤون الاتحاد.

إن قراءة أولية لمسودة مشروع قانون الأقاليم، الذي قدّمه الائتلاف العراقي الموحد الشيعي حول “آليات وإجراءات” تشكيل الأقاليم، تكشف التأثر الكبير بنظم فدرالية مختلفة، أهمها الاتحاد السويسري.

حتى عندما يُـصبح هذا القانون نافذا بعد 18 شهرا من إقراره، فإن ذلك جاء وفقا للاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين الكُـتل البرلمانية، وهي قاعدة التوافق التي كرّسها النظام الاتحادي الفدرالي السويسري.

مخاوف من ايران

الحديث عن الفدرالية القادمة للجنوب وللوسط، ستكون من وجهة نظر الرافضين السُـنة، ذراعا لإيران بذريعة أن الشيعة يوالون إيران، وهو قياس مع الفارق مع ما كان يتبناه النظام السابق حول إيران، الذي شن حربا عليها سماها “القادسية” ومنحها بُـعدا قوميا بين العرب والفرس، لكنه في الوقت نفسه، زجّ بالعراقيين الشيعة ليكونوا وقود تلك الحرب المجنونة.

وإيران في أدائها الحالي، لا تستفيد من فدرالية الجنوب، إلا إذا اعتمدت هي نظام الحكم اللا مركزي وما كان يروّج له بعض الإيرانيين وسموه بنظام “الولايات”، لأن إيران مكوّنة من سِـت قوميات تتمركز في أقاليم محدّدة هي، فارس وكردستان و”سيستان وبلوشستان” وأذربيجان وتركمن صحرا وخوزستان “عربستان”، وتخشى من تأثير إقامة نظام فدرالي إلى جوارها، إذا لم يحصُـل أبناء القوميات المختلفة فيها على حقوق مُـتساوية.

غير أن منح القوميات حريات، وإن كان ذلك في إطار دستور الجمهورية الإسلامية، من الممكن أن يجعل تحالف الجنوب الشيعي معها واقعا لابد منه لتعزيز نفوذها الإقليمي، ويمهد لسيطرتها على الإقليم إذا حصل الفصام “العراقي” في مرحلة تالية.

ويمكن أيضا القول أن العلاقة بين الأقاليم الفدرالية، إذا حكمتها قواعد دستورية، كما ورد في الدستور الجديد الذي اعتمد قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وقرار مجلس الأمن رقم 1546، والذي ينص على أن العراق الجديد هو فدرالي تعدّدي وديمقراطي، من شأنها أن تمنع إيران من بسط نفوذها إلا في إطار العلاقات المتوازنة بين أي كِـيان ودولة مجاورة، وهذا الأمر يقرره العراقيون أنفسهم من خلال المؤسسات الدستورية القائمة.

وطبعا، فإن للشيعة لن يثيروا مخاوف مشابهة من نفوذ دول أخرى على السُـنة، وهذا لن يُـحَـل إلا ضمن قاعدة التوافق.

الفدرالية والديمقراطية

المنادون بالفدرالية يُـصرون عليها لأنها، برأيهم تؤدّي إلى الديمقراطية التي تعني المشاركة في السلطة وفي توزيع الثروات بصورة عادلة، تتناسب مع احتياجات السكان والإسراع في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية، بعيدا عن بيروقراطية المركز، وبما يعجل في التنمية السياسية والاقتصادية والتي لن تحقّـقها النظم الديكتاتورية، خصوصا نظام الحزب الواحد الذي حرَم مناطق الجنوب والوسط والشمال من التنمية، ومارس مع سكانها أبشع أنواع الاستبداد وحرمهم من الاستفادة من ثرواتهم ومن المشاركة الحقيقية لا “الصورية” في السلطة، وارتكب جرائم الإبادة الجماعية معهم على نطاق واسع.

ومن هنا، وبحسب هذه الرؤية، ومع التأكيد على أن الثروات الطبيعية كالمياه والنفط وباقي المعادن، هي ملك للجميع، فان الفدرالية لن تتحول إلى تقسيم للأرض والشعب ولا لسيادة الدولة، بل ستكون اتحادا طوعيا يستند إلى المصالح المشتركة في توسيع المشاركة في صُـنع القرار وِفقا للمؤسسات الدستورية، التي تُـبنى في ظل دستور دائم يقوم على الفصل بين السلطات وقواعد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتتكون من إقليمين أو أكثر يتّـحدان بالاختيار وتتحدّد الاختصاصات الاتحادية وسلطات الإقليم أو الأقاليم في الدستور الاتحادي في عالم أخذ، يتعاطى المفهوم النسبي لسيادة الدول.

والمهم في كل ذلك، هو أن المادة 60 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، ثبّـتت الفدرالية التي أصبحت في الدستور الدائم ولا يُـمكن تعديله بسهولة في ظل التوازنات القائمة، ووسط إصرار كردي شيعي يرفض الحكم الرئاسي الفردي وعودة البعث إلى السلطة.

عرّف الدستور الجديد العراق بأنه اتحادي يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية، وبناء على هذا، فإن إنشاء الأقاليم، ومنها إقليم الوسط والجنوب، يستند إلى حق دستوري، وأن لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم، بناء على طلب الاستفتاء عليه وِفقا للشروط التي ذكرتها المادة 116 من الدستور، وهي طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات، أو بطلب من عُـشر الناخبين من كل محافظة من المحافظات، التي تريد تأسيس الإقليم، كما أقرت المادة 114 من الدستور لإقليم كردستان وسُـلطاته القائمة، إقليما اتحاديا، وأقرت للأقاليم الجديدة أن تؤسّـس وِفقا لأحكام الدستور.

وطبقا لنص المادة 115 من الدستور، فان مجلس النواب يُـسن في مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أول جلسة له، قانونا يحدد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم بالأغلبية البسيطة، وإذا تكون أي إقليم جديد، فإن سلطة الإقليم يَـحق لها أن تضع دستورا لا يتناقض أو يتعارض مع دستور الدولة الاتحادية .

وأيضا حدّدت المادة 118 لكل إقليم الحقّ في ممارسة السلطة التشريعية بإصدار القوانين والأوامر والتعليمات في حدود الإقليم أو المحافظة على ألاّ تتعارض مع دستور الدولة الاتحادية، وللإقليم أيضا حق ممارسة السلطة التنفيذية والقضائية، عدا ما ورد حَـصرا من اختصاصات السلطات الاتحادية المحدّدة في الدستور.

غير أنه من حق سلطة الإقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية وِفقا لما نصّـت عليه الفقرة ثانيا من المادة 118.

وبالنسبة للثروات، فقد ألزمت الفقرة ثالثا من المادة المذكورة، أن تخصص للأقاليم والمحافظات حصّـة عادلة من الإيرادات المُـحصَّـلة اتحاديا، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها ونسبة السكان فيها.

عموما، فإن للفدرالية مؤيّـدين ومعارضين يرون أن ‘تجزئة العراق’ إلى أقاليم، تنفيذ لكامل المخطط الغربي، وأن إقامة أقاليم في ظل وجود الاحتلال مدعاة للتجزئة مع وجود مناطق متداخلة من كلا الطائفتين، إلا أن المطالبين بها في وسط العراق وجنوبه، بضمانة عدم عودة الديكتاتورية.

نجاح محمد علي – دبي

يتكون مشروع الائتلاف الموحّـد من سبعة فصول، تضمنت 24 مادة، وينُـص الفصل الأول على أن “يتكوّن الإقليم من محافظة أو اكثر أو من إقليمين أو أكثر”.

ويتطرق الفصل الثاني إلى وسائل تكوين الإقليم، التي تكون إما “بطلب يقدمه ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تريد تكوين إقليم” أو “بطلب يقدمه 10% من الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تريد تكوين إقليم”.

ويتعلق الفصل الثالث بإجراءات تشكيل الأقاليم، بحيث “يرفع الطلب إلى مجلس الوزراء من قِـبل مجالس المحافظات على أن تكلّـف الحكومة المفوضية العليا للانتخابات خلال مدة 15 يوما من تقديم الطلب، اتخاذ إجراءات الاستفتاء ضِـمن الإقليم المراد تكوينه”.

كان عدد من أعضاء البرلمان أكّـدوا أن الكتلة الصدرية قدّمت هي الأخرى مسودّة خاصة بها، إضافة إلى تكتّـل حزب الفضيلة، وتنتمي كلا الكتلتين، الصدرية وحزب الفضيلة، إلى الائتلاف العراقي الموحّـد.

وقد خضع المشروع إلى قراءتين من قِـبل البرلمان، بحسب الدستور، وبعد التفاهم بين الكُـتل البرلمانية، والذي تضمّـن أيضا تشكيل لجنة لإعادة النظر في الدستور تلبية لمطلب العرب السُـنة.

وقالت المادة الأولى من الفصل الأول من مسودة القانون، إن الإقليم يتكوّن “من محافظة أو أكثر أو من إقليمين أو أكثر”، بينما قالت المادة الثانية من الفصل الثاني إن الإقليم يتكوّن “عن طريق الاستفتاء”.

وأضافت الفقرات، (أولا وثانيا وثالثا) من المادة الثانية من الفصل الثاني، والذي خصص لبيان طرق تكوين الإقليم، أن تشكيل الإقليم يجب أن يتمّ من خلال “طلب مقدّم من ثلُـث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.. وطلب آخر مقدّم من عُشر الناخبين في تلك المحافظات.. وطلب من ثلث أعضاء المجالس التشريعية في تلك الأقاليم”.

كما أضافت الفقرة الرابعة من المادة نفسها أن انضمام إحدى المحافظات إلى أي إقليم يجب أن يتم من خلال “طلب ثلث أعضاء مجلس المحافظة، مشفوعا بموافقة ثلث أعضاء المجلس التشريعي للإقليم”.

وخوّل القانون مكاتب المفوضية العليا للانتخابات في المحافظات بتسلم طلبات إقامة الأقاليم والإعلان عنها في وسائل الإعلام خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أيام من تاريخ تقديم الطلب، يقوم بعدها مجلس الوزراء وبعد تسلُّـم الطلب، بتكليف المفوضية العليا للانتخابات “وخلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من تقديم الطلب باتخاذ إجراءات الاستفتاء ضمن الإقليم المراد، وخلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر”.

وتقول الفقرة ثانيا “ب” من المادة رابعا من الفصل الثالث، الذي يتحدث عن إجراءات تكوين الأقاليم إن “مكاتب المفوضية في المحافظات تضع استبيانا تحدّد فيه شكل الإقليم أو الأقاليم المطلوبة، ويُـعرض على الناخبين لاختيار أيٍّ منها في مدّة لا تتجاوز شهرين من تقديم الطلب”.

وتُـضيف الفقرة نفسها أن شكل الإقليم الذي سيُـطرح للاستفتاء، هو الذي “يحصل على أكثر أصوات الناخبين المشاركين في الاستبيان”.

وجاء في الفقرة (أولا) من المادة الثامنة من الفصل الرابع، والذي خصص لبيان إجراءات الاستفتاء، أن رئيس الوزراء، وبعد إتمام الاستفتاء وحصوله على أغلبية المصوتين وعدم قيام أي جهة في الطعن به رسميا، يقوم بإصدار “قرار بتشكيل الإقليم خلال مدة لا تتجاوز الأسبوع.”

وتجيز المادة تاسعا من الفصل نفسه على إعادة الاستفتاء في حالة عدم نجاحه، “وبعد مرور سنة من تاريخ إعلان النتيجة وبإتباع نفس الإجراءات المنصوص عليها”.
ويتحدّث الفصل الخامس من القانون عن تشكيل الأقاليم، بينما يتحدث الفصل السادس منه عن سلطات الأقاليم.

وقالت الفقرة (أولا) من المادة الثالثة عشر من الفصل السادس، إن المجلس التشريعي للإقليم المُشكّـل “يجب أن لا يقل عن 25 عضوا (وبواقع) مقعد واحد لكل خمسين ألف نسمة من نفس الإقليم ومقعد واحد لكل خمسة وسبعين ألف نسمة من نفس الإقليم المشكّـل من أكثر من محافظة.”

وأضافت الفقرة التاسعة عشر من نفس الفصل أن رئيس الإقليم المنتَـخب بالاقتراع، يقوم بتكليف “مرشح الكتلة الأكثر عددا في المجلس التشريعي بتشكيل مجلس وزراء خلال 15 يوما من تاريخ انتخابه ويتولّـى رئيس مجلس الوزراء المكلّـف، تسمية أعضاء وزارته في مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف”.

وتجيز المادة 20 من نفس الفصل للمجلس التشريعي المُشكل بتشكيل “لجنة مؤقتة من بين أعضائه لإعداد مسودّة الدستور الدائم للإقليم خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها وتُـعرض للاستفتاء بعد موافقة المجلس التشريعي عليها، ويكون الاستفتاء ناجحا بموافقة أغلبية المصوتين من الناخبين”.

وتنص المادة 21 من الفصل نفسه على أن “السلطة القضائية للإقليم مستقلة”.

وتحدث الفصل السابع والأخير من القانون عن الإحكام الختامية، حيث أجاز القانون في هذا الفصل، تشكيل مجلس تشريعي واحد في حالة اندماج إقليمين أو أكثر “ولفترة انتقالية لا تزيد على سنة واحدة”.

وقالت المادة 23 من هذا الفصل، إن القوانين الاتحادية والقوانين ذات الصلة بصلاحيات المحافظات تبقى نافذة المفعول “ما لم تصدُر قوانين تُـلغيها أو تعدلها، وفقا لأحكام دستور الأقاليم، وبما لا يتعارض مع الدستور الاتحادي”.

يشار إلى أن المادة رقم 142، التي أصرت أحزاب العرب السُـنة على تضمينها في مسودّة الدستور تدعو إلى تشكيل لجنة لإعادة النظر في الدستور بعد الانتخابات التشريعية، كما تنص المادة 118 على مبدأ “حق” تشكيل الأقاليم والمحافظات.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية