العمـلُ الإنـساني في العـراق مُهـدد
أعربت العديد من المنظمات غير الحكومية عن قلقها بعد تزايد حالات الاعتداء على قوافل الإغاثة في العراق نتيجة الانفلات الأمني الذي عقب سقوط النظام السابق.
وتزيد هذه الاعتداءات، التي لم تسلم منها منظمات تابعة للأمم المتحدة، وأخطار الألغام في تعقيد سير العمل الإنساني في بلد يعاني الكثير.
أعربت الناطقة باسم الأمم المتحدة في جنيف عن “القلق الكبير” لتعرض قوافل الإغاثة ومكاتب المنظمات الأممية في العراق للاعتداءات. وذكّرت ماري هوزي يوم الجمعة في جنيف بما صرح به ممثل الأمين العام في العراق سيرجيو فيرا دي ميللو قبل أسبوع، إثر تعرض مكتب المنظمة العالمية للهجرة في الموصل إلى إطلاق قذيفة عليه.
وكان الناطق باسم المنظمة جون ميشال شوزي قد صرح أن “مكتب المنظمة العالمية للهجرة في الموصل تعرض يوم السبت الماضي لهجوم بقذيفة، وهو الهجوم الذي خلف أضرارا مادية وأدى إلى إصابة شخص بجروح طفيفة”.
ويرى السيد شوزي أن هذا الوضع “يدعو إلى القلق”، وهو ما دفع المنظمة إلى “إغلاق مكتبها في الموصل ووقف نشاطها في المنطقة عقب الهجوم”.
من جهتها، كشفت الناطقة باسم الأمم المتحدة عن تنامي القلق في صفوف المنظمات الإنسانية بسبب الأخطار الناجمة عن الألغام والذخائر والأسلحة المتناثرة في شتى أنحاء البلاد. وهو ما يحول دون وصول فرق الإغاثة الإنسانية إلى العديد من المناطق حتى في صورة توفر الظروف الأمنية الملائمة.
نهبُ القوافل يعطل مشاريع
أما المـُُنظمات الإنسانية غير الحكومية السويسرية العاملة في العراق، فأوضحت أن نشاطاتها باتت مرهونة بتطور الأوضاع الأمنية بعد تعرض قوافل الإغاثة للهجوم والنهب.
وقد اضطرت المنظمة العمالية للإغاثة الإنسانية السويسرية، النشيطة في شمال العراق والتي تقدم دعما طبيا وماديا لمستشفى القائم قرب الحدود السورية، إلى إلغاء نقل إمدادات طارئة من ألمانيا إثر تعرض قوافل مرت من نفس الطريق لعمليات سطو ونهب.
ونجم هذه العمليات تردد المنظمة السويسرية في إطلاق مشروع طموح يهدف إلى حل أزمة الملكية الترابية بين العرب والأكراد. ويدخل المشروع “في إطار مساعي الأمم المتحدة لتعزيز السلم عن طريق معالجة مشكلة ملكية الأرض بين العرب والأكراد” حسب تصريحات الناطق باسم المنظمة رولف شتوكر.
وجدير بالذكر أن مشكلة ملكية الأرض في هذه المناطق تعود إلى عهد الرئيس العراقي صدام حسين الذي رحّل أعدادا من الأسر الكردية وأسكن مكانها أسرا عربية. وهو مشكل يثير بعض الاضطرابات الأمنية في المنطقة.
الإعتماد على شبكات سابقة
وقد استطاعت منظمة كاريتاس الخيرية السويسرية، بفضل شبكة الاتصالات التي كونتها منذ مدة شمال العراق، إيصال خمس قوافل إغاثة إلى مناطق كردستان العراق. وتخطط كاريتاس حاليا لنقل قافلة سادسة بالاعتماد على مكاتبها المحلية والأديرة والكنائس.
في المقابل، لم تؤثر الأوضاع الأمنية على سير نشاط جمعية الصليب الأحمر السويسري التي تهتم حاليا بإعادة تأهيل جمعية الهلال الأحمر العراقي. لكن متحدثا باسم الجمعية السويسرية أوضح أن تحركاتها تخضع لتقيد دقيق بالتعليمات الأمنية الصارمة للجنة الدولية للصليب الأحمر. وتدعو هذه التعليمات إلى الابتعاد تماما عن المناطق التي يشتبه بوجود ألغام فيها.
وإذا ما كانت الأمور على هذه الشاكلة في مناطق الشمال الكردية التي تتوفر على حد أدنى من النظام، فماذا سيكون مآل الأوضاع في بقية أنحاء البلاد التي تعاني من فراغ في السلطة لو جمدت المنظمات الإنسانية أنشطتها؟
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.