العنف الطائش لا يحمي أحداً!
أسفرت أسابيع العنف التي شهدها العراق عن خطف الرعايا الغربيين، وليس من المستبعد أن يلقى السويسريون المقيمون في بلاد الرافدين أيضا نفس المصير، إلا أن وزارة الخارجية لا تفكر في سحب رعاياها.
في المقابل ترى الشركات السويسرية ضرورة إعادة النظر في بدء القيام بأنشطتها هناك.
يقول السفير مارتين ايشباخر مدير مكتب الاتصال السويسري في بغداد، إن الوضع الأمني في العراق يختلف من منطقة إلى أخرى، فهناك بعض المناطق التي يمكن وصفها بالخطرة وأولها الطريق بين عمان وبغداد، ولكن الوضع بصفة عامة متوتر للغاية، وعلى الرغم من ذلك فأن الهدوء النسبي يسود في العاصمة بغداد، وهو ما يمكن أن يكون هدوء ما قبل العاصفة، حسب وصف السفير ايشباخر في حديثه الذي خص به سويس انفو.
وطبقا لبيانات وزارة الخارجية السويسرية فإن عدد المواطنين المقيمين حاليا في العراق لا يتجاوز 23 شخصا، من بينهم عائلتان عراقيتان ولكن تحملان الجنسية السويسرية، وأربعة يعملون في هيئات إغاثة دولية، إلى جانب أربعة يعملون في مكتب الاتصال السويسري.
تكنهات الشركات حول المستقبل في العراق
في المقابل، تعتقد كتابة الدولة للاقتصاد SECO بأن هناك ما لا يقل عن 10 من رجال الأعمال أو مندوبي الشركات يقيمون في العراق بحثا عن الفرص التجارية المنشودة.
وقد رفضت شركة سينغنتا الإفصاح عن عدد عامليها هناك، واكتفت بالقول في حديثها مع سويس انفو إنه من الصعب الاتصال بهم حاليا.
في الوقت نفسه يقول توماس فريدلي المتحدث الإعلامي لشركة بيرال أنه لم يتمكن من الاتصال بعمال الشركة ومندوبيها هناك، دون أن يفصح عن عددهم. وكانت هذه الشركة قد باعت ما لا يقل عن 300 محرك لضخ المياه منذ الإعلان عن انتهاء الحرب في العراق.
وترى الشركة أن صعوبة الأوضاع والاتصال تعوق حتى دون توريد قطع الغيار لكل هذه الماكينات التي تم تركيبها في المستشفيات، مما جعل الشركة تعتقد بأن نشاطها في بلاد الرافدين توقف .. إلى حين.
أما شركة ABB التي تعمل في مجال تقنيات الطاقة ولها حضور في السوق السويسرية يعود إلى 60 عاما خلت، فيقول توماس شميت من مكتبها الإعلامي إن أنشطتها في العراق تتوقف الآن على توريد قطع الغيار لمولدات الطاقة الكهربائية.
في المقابل رأت شركة بولر لتقنيات تصنيع الغذاء أن السوق العراقية تظل هامة وجذابة، لكن الأوضاع الأمنية الراهنة أجبرت الشركة على تقليص أنشطتها إلى الحد الأدنى، في انتظار تقييم مدى جدوى التريث والتواجد على فترات طويلة.
العنف الطائش .. لا يرى
وحول عمله في العراق، يقول السفير السويسري إن الأوضاع اليومية في تغير مستمر، ولكنها وصلت الآن إلى درجة جديدة من التوتر، فهو كديبلوماسي غربي لا يمكنه التحرك بحرية في العاصمة إلا رفقة حماية، وهذا ما يعني، حسب قوله تقليص جميع الأنشطة خارج مبنى السفارة السويسرية إلى الحد الأدنى.
أما الاحتياطات الأمنية، فقد باتت جزء لا يتجزأ من عمل مكتب الاتصال السويسري في العراق. فعمليات اختطاف الرعايا الأجانب لا تقتصر على أبناء الدول المشاركة في التحالف، حيث شملت اختفاء اثنين من رجال الأمن الألمان من الوحدات الخاصة المعروفة باسم ،GSG9 الذي أشيع في نهاية الأسبوع الماضي أنهما لقيا حتفهما في العراق، مما دفع فرنسا إلى مناشدة رعاياها لمغادرة بلاد الرافدين.
وعلى عكس الموقف الفرنسي لا تنوي سويسرا سحب رعاياها من العراق، حيث بدأ العاملون في مكتب الاتصال السويسري عملهم كالمعتاد بعد انتهاء عطلة عيد الفصح مباشرة.
ويقول السيد ايشباخر إن الهدوء الذي يشوب بعض مناطق العاصمة العراقية ليس مؤشرا على استتباب الأمن، فهناك أحياء سكنية لا يمكن الاقتراب منها، مثل حي الصدر الذي كان في السابق يحمل اسم صدام، وأغلب سكانه من الشيعة ويعتبر من الأحياء الفقيرة في العاصمة، ومنه انطلقت عدة هجمات ضد قوات التحالف.
السويسريون كغيرهم من الرعايا الأجانب معرضون للاختطاف أو الوقوع ضحية أعمال عنف أو شغب، وهو ما يتساوى أمامه جميع المقيمين في العراق، سواء أشهروا جواز سفرهم الأحمر أو أخفوه، فالعنف الطائش لا يرى.
سويس إنفو – أجرى الحوار مع السفير مارتين ايشباخر تامر أبوالعينين وفيليب كروبف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.