العنف ضد النساء .. معضلة!ّ
تتعرض خُـمُـس النساء في سويسرا سواءً كنّ متزوجات أو فتيات تقل أعمارهن عن الثامنة عشرة إلى الإعتداء الجسدي أو الجنسي من طرف الذكور أزواجا كانوا أم لا.
لذلك قررت الحكومة الفدرالية إنشاء مكتب يخصص لدراسة الظاهرة وتوثيقها وللتنسيق بين كل الجهات المعنية للحد من تصاعدها وانتشارها.
عادة ما يبدو السويسريون أشخاصا متحفظين أو منغلقين على أنفسهم لكنهم لا يترددون – من خلال الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وفي مواجهة أي ظاهرة مجتمعية مهما كانت خطورتها أو غرابتها. ولا تستنكف الأجهزة المعنية محلية كانت أو فدرالية عن التدقيق في الأسباب والملابسات والعوامل التي أدت إلى بروزها والبحث عن سبل معالجتها والتخفيف من آثارها.
لذلك لم يأت الإعلان عن إنشاء خدمة جديدة لمكافحة العنف ضد النساء ملحقة بالمكتب الفدرالي للمساواة بين الرجال والنساء التابع بدوره لوزارة الشؤون الداخلية مفاجئا للكثيرين. فقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الظاهرة تحولت إلى مسألة تقض مضاجع العديد من الجهات الرسمية والخاصة.
معطيات القضية
تفيد آخر الدراسات المنشورة في سويسرا أن آمرأة من بين كل خمس نساء في هذا البلد تعاني مرة واحدة على الأقل في حياتها الزوجية من تعرضها لعنف جسدي أو جنسي وأن فتاة يقل سنها عن ثمانية عشر عاما من بين كل خمس فتيات تتعرض لاعتداءات أو تحرشات جنسية.
من جهة أخرى، تواجه الكونفدرالية أيضا ظاهرة استقدام عصابات إجرامية منظمة لأعداد متزايدة من البشر (معظمهم من النساء) من أجل استغلالهن جنسيا فوق الأراضي السويسرية.
وكما لا تخفى التّـبعات النفسية والصحية الخطيرة التي تصاحب ضحايا هذه النوعية من الممارسات لفترات طويلة والتكلفة المادية المرتفعة لما يترتب عنها من لجوء للأطباء والمؤسسات الصحية ومن تدخل أعوان الأمن وعمل السلطات القضائية وتغيب عن الشغل، فان حجم الخسائر المالية المترتبة عنها تقدر بأربع مائة مليون فرنك سنويا حسبما توصلت إليه أحدث الدراسات المنشورة.
وبما أن الظاهرة لا تقتصر على منطقة دون أخرى من سويسرا، فقد برزت إلى الوجود في السنوات الأخيرة مؤسسات خاصة ومنظمات غير حكومية ومراكز إرشاد وتوجيه ومآوي للنساء المعـنّـفات وبرامج لحماية الضحايا وعلاجهن في العديد من البلديات والكانتونات ولكن دون وجود أي تنسيق فيما بينها. لذلك يتجه المشروع الحكومي الجديد إلى تفادي هذا الخلل من أجل الإستفادة من كل الإمكانيات والجهود المتاحة.
التوثيق والتكوين والتنسيق
ومن بين المهمات التي أُسندت إلى هذا المكتب جمع وإدارة المعلومات والمعارف المتعلقة بكل أشكال العنف المسلطة ضد النساء والتخصص في مجال الوقاية وتقديم النصائح وتحديد الأسس القانونية إمكانيات التدخل الموجودة لفائدة ضحايا الإعتداءات.
هذه المعلومات التي ستتم متابعتها وتطويرها بشكل دائم سيضعها المكتب الجديد – الذي سيعمل فيه في مرحلة اولى تستمر خمسة أعوام عدد محدود جدا من الأشخاص – على ذمة كل المعنيين، بل سيعمل على تشكيل شبكة معلوماتية وقواعد بيانات متخصصة تساعد جميع الجهات والأطراف الرسمية والطوعية العاملة أو المهتمة بهذا المجال.
ومن المفترض أن يتحول في ظرف وجيز إلى جهة مرجعية في سويسرا لكل من يحتاج إلى إرشادات أو معلومات او مساعدات خصوصا بعدما أُسندت إليه مهام متعددة من ضمنها “تعميق المعارف” حول الظاهرة و”العمل على تكوين متخصصين” ينشطون في هذا المجال.
ولعل الجانب الأهم في عمل هذا المكتب سيتمثل في المقترحات التي يمكن أن يتقدم بها للسلطات التشريعية والسياسية من أجل اتخاذ التدابير الرادعة والإجراءات الوقائية للحد من تفاقم ظاهرة العنف التي تتعرض له النساء والفتيات داخل البيوت وخارجها، التي أصبحت قضية “مزعجة” و”مُـكلفة” للمجتمع والتأمينات والسلطات في آن واحد.
سويس إنفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.