العنفُ يحُلُّ محَلَّّ الجريمة!
أكدت الإحصائيات التي نشرها المكتب الفدرالي للشرطة يوم الثلاثاء أن العدد الإجمالي للجرائم التي ارتُكبت في سويسرا خلال عام ألفين انخفض إلى حده الأدنى منذ عام 1982. لكن مقابل هذه البُشرى ارتفعت أعمال العنف الجسدي والشفهي في المجتمع السويسري..
سجَّل المكتبُ الفيدرالي للشرطة خلال العام المنصرم وقوع 271000 جناية من قتل واغتصاب وسرقة وإصابة الضحية أو الخصم بجروح جسدية، مُقابل 320000 في عام 1982.
لا شك أن قراءة أولى لهذه الأرقام تعكس تحسنا ملموسا على المستوى الاجتماعي وتعزز الآمال في مستقبل افضل تشهد فيه الجريمة تراجعا مستمرا. لكن التمحيص في الإحصائيات الصادرة عن المكتب الفدرالي للشرطة سرعان ما يكشف عن مشكلة عويصة ومتنامية ألا وهي العنف الذي بدأ يبسط ظلاله على المجتمع السويسري.
فعدا جُنح السرقة التي تشكل نسبة 90% من الجنايات الواردة في إحصائيات الشرطة في مختلف الكانتونات السويسرية، يُلاحظ أن الجنح المتبقية ( منها الجنايات التي تستهدف الحياة أو الطهارة الجسدية أو الجنسية أو الوحدة الترابية والحرية الشخصية) ارتفعت بنسبة تتجاوز الـ50% خلال الفترة الممتدة إلى عام اثنين وثمانين.
هذه النسبة المُقلقة تؤكد اتجاها نحو مجتمع اكثر شراسة. والأرقام الصادرة عن الشرطة الفدرالية تعزز بقوة هذا التوقع حيث تشير إلى أن الجرائم مثل الجروح في أجزاء مختلفة من الجسم والتهديدات والإكراه والاغتصاب والابتزاز والاختطاف ارتفعت بقوة خلال العقدين الماضيين. وإذا نظرنا فقط إلى الجروح الجسدية فسنجد أن عددها تضاعف ليسجل خلال عام 2000 رقما قياسيا محزنا حيثُ دُونت 5408 جريمة من هذا النوع.
نموُّ “ثقافة العُنف
تزامن تراجع جرائم السرقة في المجتمع السويسري مع ارتفاع الجنح التي تستهدف الأشخاص والمتمثلة في العنف الجسدي والشفهي كما سلف الذكر. لكن هذه الظاهرة ليست جديدة حيث تُظهر الإحصائيات أن الميول إلى العنف بات يتأكد باستمرار منذ عشر سنوات سواء في سويسرا أو باقي الدول الأوربية.
عن تطور هذه الظاهرة التي يصعب تفسير نُمُوِّها ودوافعها، قال السيد ثوماس كوبيل (Thomas Köppel) نائب المسؤول عن قسم التحاليل في المكتب الفدرالي للشرطة انه يصعب بالفعل تفسير هذا التطور لكن يمكن ربطه بـ” ثقافة العنف” الواسعة الانتشار والتي تُروج بصفة خاصة من قبل وسائل الإعلام.
السيد كوبيل أضاف في تصريحه لـ”سويس انفو” أن الوقاية، وخاصة عن طريق التواصل مع الشباب وآبائهم، قد تساعد على تحسين الوضع. وشرح المسؤول نفسه أن المكتب الفدرالي للشرطة قد بذل مجهودات لا يُستهان بها في إطار ترسيخ الوقاية على المستوى المحلي وأيضا في كانتون زيوريخ الذي ترتفع فيه نسبة الإجرام.
وقد حققت هذه المجهودات نتائج مشجعة حسب السيد كوبيل الذي أكد في المقابل أن محاربة العنف والجريمة تُعطي ثمارها على المدى البعيد وقد تتطلب سنوات طويلة قبل أن تثبت نجاحها على المستوى المحلي وترد بالتالي ضمن الإحصائيات الوطنية.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.