الـمُواصلات
شـبـكات
رغم أن السويسريين من هواة التنقل بالسيارة، فهم يستقلون بشكل متزايد القطار، وأكثر من أي شعب آخر في العالم باستثناء اليابانيين. وتتوفر البنى التحتية لوسائل النقل العمومية في جميع أنحاء البلاد.
توجد في سويسرا سيارة لكل مواطنيْْن سويسرييْن. وتظهر المبيعات السنوية من السيارات الجديدة التي تتجاوز 300 ألف سيارة أن السوق السويسرية مُشبعة.
يقوم السويسري العادي بـ41 رحلة على متن القطار سنويا.
تتوفر سويسرا على إحدى أكبر شبكات السكك الحديدية في العالم. ويخضع أكبر جزء من الشبكة لإدارة هيئة السكك الحديدية الفدرالية التي تحولت إلى مؤسسة وطنية منذ بداية القرن العشرين.
هنالك أيضا عدد من الشركات الخاصة الصغيرة التي تنشط على خطوط محلية أو جهوية. وعادة ما تمتلك سلطات الكانتونات أو السلطات المحلية جزء من أسهم تلك الشركات الصغيرة.
وتوجد في المناطق الجبلية مصاعد كهربائية وسكك حديدية معلقة لا تعد ولا تحصى تأخذ الركاب إلى أعالي المرتفعات السويسرية.
نـقـل البضائع
تسعى سياسة النقل السويسرية إلى تحويل نقل البضائع من الطرق والطرق السيارة إلى الشبكة الحديدية، لأسباب بيئية في معظمها. ويتعلق الأمر خصوصا بالنقل العابر لجبال الألب بين شمال وجنوب أوروبا.
تجري حاليا إعادة حفر نفقي “غوتهارد” و”لوتشبرغ” على ارتفاع منخفض، الأول سيمتد على طول 57 كيلومترا والثاني على 35 كيلومترا، مما سيسمح بسرعة أكبر لنقل الأشخاص والبضائع على حد سواء. ويتوقع أن تتم أشغال حفر النفقين، بالترتيب، عامي 2012 و2007.
في 12 ديسمبر 2004، انطلقت بنجاح المرحلة الأولى من مشروع السكك الحديدية “سكة 2000” الثوري بعد أن تمكن ما لا يقل عن 700 ألف مسافر من الركوب في يوم واحد على متن القطارات التي ارتفعت في سويسرا من حيث العدد (12%) والسرعة.
ولم تعرف خطوط السكك الحديدية الفدرالية تغييرا مماثلا في توقيت الرحلات منذ سنوات، إذ انطلقت ذلك اليوم 90% من القطارات في مواعيد جديدة.
واعتمد تطوير وتحسين الشبكة الحديدية السويسرية أساسا على فتح خط جديد على طول 45 كيلومترا يمتد من “ماتستيتن” شمالي برن إلى “روتريست” قرب أولتن.
وكان للخط الجديد إسهام حيوي في تقليص مدة الرحلات عبر سويسرا، إذ مكن القطارات من السير بسرعة تفوق 200 كيلومتر في الساعة.
فعلى سبيل المثال، أصبحت الرحلة الرابطة بين زيورخ وبرن (125 كيلومترا) تستغرق أقل من ساعة بينما كانت تدوم 69 دقيقة قبل 12 ديسمبر 2004.
أما الرحلة بين برن وبازل، فقد تقلصت مدتها من 67 إلى 55 دقيقة، بينما تقصر الرحلة بين جنيف وزيورخ بـ13 دقيقة، والرحلة بين برن وكياسو جنوبي كانتون تيتشينو بـ14 دقيقة.
وكان انخراط سويسرا المبكر في ثورة السكك الحديدية في منتصف القرن التاسع عشر قد أعطى الأولوية لبناء سكك حديدية متعرجة بين القرى بدل إقامة خطوط مباشرة بين المدن.
أما خطوط الحافلات التي توفر النقل في المناطق التي لم تصلها شبكة السكك الحديدية، فغالبا ما تديرها أو تشارك في إدارتها مؤسسة البريد السويسري. ويتم تفادي المنافسة بما أن خدمة الحافلات تستفيد في غالب الأحيان من مساعدات سلطات الكانتونات.
لكن الكثير من خطوط الحافلات يواجه حاليا تهديد الزوال، خاصة في المناطق القروية، لأن حكومات الكانتونات تخفض من حجم مساعداتها بهدف تقليص نفقاتها الخاصة.
أما خدمات النقل بالمراكب، فمازالت متاحة في عدد من البحيرات والأنهار. وتتشكل غالبية مستعمليها من السياح الأجانب والمحليين.
ومن الخطوط المكوكية التي تعرف حركية كبيرة، خط بحيرة جنيف الرابط بين منتج إيفيان الفرنسي ومدينة لوزان السويسرية، وخط بحيرة كونستانس الرابط بين سويسرا وألمانيا.
الجـسور
تتطلب الطوبوغرافيا الجبلية لسويسرا عددا يفوق المعدل العالمي من الجسور فوق الطرقات والسكك الحديدية. وقد ارتبطت الجسور العتيقة في سويسرا بأساطير غريبة عجيبة في أذهان السكان.
“جسر الشيطان” قرب إندرمات في نفق غوتهارد يحمل ذلك الإسم بسبب أسطورة تقول إن الشيطان كان يطلب قربانا حيا كلما أراد المسافرون عبور الجسر المرعب سالمين. الأسطورة تحكي أيضا أن السكان المحليين الحذرين أرسلوا أولا ماعزا صغيرا لعبور الجسر بعدما أتموا بناءه.
وسواء كانت تلك الأسطورة حقيقة أم خرافة، فالأكيد أن شبكة الطرق والخطوط الحديدية السويسرية تتمتع بتصميمات استثنائية. فلدى عبور طريق غوتهارد السيار على سبيل المثال، يلاحظ السائق انجازات الهندسة المدنية التي تطلبها بناؤه.
وتـُعرفُ سويسرا بتاريخها الطويل في مجال تشييد الجسور التي ترتكز على دعامتين فقط. جسر “لورين” في العاصمة – برن الذي أتمت هيئة السكك الحديدية الفدرالية بناءه عام 1944- ظل لسنوات طويلة أطول جسر في العالم مُقام على دعامتين (151 مترا).
يعد أوتمار أمان (1879-1965) من “فويرتهالن” قرب شافهاوزن أشهر مشيدي الجسور في سويسرا. شغل لسنوات عديدة منصب رئيس مهندسي “هيئة الموانئ” (Port Authority) في نيويورك، وصمم جسورا فوق نهر هادسون من نيوجيرزي إلى نيويورك، من بينها جسر “جورج واشنطن” الشهير، وجسر “فيرازانو ناروز” المعلق المُدهش، والذي يقارب طوله جسر “غولدن غيت” في سان فرانسيسكو.
الأنـفاق
طالما وقفت جبال الألب حاجزا عجزت الطرق والسكك الحديدية عن اختراقه. وطالما قُفلت معابر الألب الوعرة خلال فصل الشتاء بسبب هطول الثلوج الكثيفة. لكن ظهور السكك الحديدية وتقنيات بناء الجسور الجديدة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر كسر الحواجز الجبلية.
في عام 1882، شهدت سويسرا فتح خط غوتهارد الحديدي. كان إنجازا رائدا بطريقه الملتوية، وانحداراته الحادة، ونفقه الممتد على طول 16 كيلومترا تحت الطريق التي تحمل نفس الإسم. لقد مثل نقطة انطلاقة لبناء عدد كبير من الأنفاق الأخرى عبر جبال الألب.
في عام 1902، فتح نفق “ألبولا” الطريق أمام خط “رايسيان” الحديدي من “خور” بوادي الراين إلى المنتجع الشتوي الناشئ آنذاك “سانت موريتس”.
في عام 1906، عبرت أولى القطارات نفق “سامبلون” الذي يمتد على 20 كيلومترا تقريبا تحت الحدود السويسرية الايطالية. ومازالت الخطوط الفدرالية السويسرية تستعمل الخط بين بريغ في سويسرا ودومودوسولا في إيطاليا.
أما نفق “لوتشبيرغ” الحديدي الذي يمتد على طول 15 كيلومترا، – وهو النفق التوأم لسامبلون- بمنطقة “برنر أوبرلاند”، فقد انتهى حفره قبل الحرب العالمية الأولى.
ومنذ الستينات، اجتذبت الطرق السيارة اهتمام الجمهور والممولين على حساب السكك الحديدية.
في عام 1982، افتتحت طريق نفق غوتهارد على طول 16,9 كيلومترا، وظلت لسنوات مديدة الأطول في العالم.
وكانت سويسرا قد عرفت قبل ذلك بناء أنفاق أخرى عبر جبال الألب تحت معبري “سانت برنار الكبير” وسانت برناردينو. وتحولت تلك الأنفاق إلى طرق يستقلها السائقون يوميا على مدار العام.
وبعد الانتهاء تقريبا من بناء شبكة الطرق السيارة السويسرية، تكتفي المشاريع الجديدة بمضاعفة عدد الأنفاق في الممرات الضيقة.
شهد عقد التسعينات إتمام نفق فيراينا الحديدي الذي فتح الطريق الشتوية بين وادي إنغادين بسانت موريتس ومناطق السهول المنخفضة.
ومازالت أشغال الحفر متواصلة في نفق غوتهارد الحديدي ونفق لوتشبرغ الممتد على طول زهاء 35 كيلومترا. ويقع الاثنان على ارتفاع منخفض يسمح بتفادي المنحدرات الحادة والأخطار المرتبطة بتقلبات الأحوال الجوية.
وسينضم النفقان إلى شبكة السكك الحديدية الأوروبية العالية السرعة، وهو ما سيسمح بتقليص مدة الرحلات الرابطة بين مدن شمال أوروبا وإيطاليا بشكل كبير. ويفترض أن تعبر أولى القطارات خط لوتشبرغ الجديد بحلول عام 2007، بينما ستنتظر خمس أو ست سنوات إضافية قبل اختراق نفق غوتهارد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.