مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الفرنك القوي يُـثير مخاوف الشركات والإقتصاديين

Keystone

يتخوّف الاقتصاد السويسري، المُـعتمد على التصدير أساسا، من احتمال مواجهة أشهر عصيبة، إثر الارتفاع المفاجئ في قيمة الفرنك السويسري المسجّـل هذا الأسبوع.

يوم الاثنين 27 أكتوبر، ارتفعت قيمة الفرنك لتصل إلى 1،43 مقابل اليورو، وهي الأقوى المسجَّـلة منذ ثمانية أعوام. وبين عشية وضحاها، أصبحت البضائع والمنتجات السويسرية أكثر غلاءً لمنطقة اليورو (التي تشمل عددا كبيرا من البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي اعتمدت العملة الأوروبية الموحدة)، أكبر سوق للصادرات السويسرية.

وكان التراجع الكبير المسجَّـل في الاقتصاد العالمي، قد أدّى بعدُ إلى حدوث أول تراجُـع شهري منذ أربعة أعوام في حجم البضائع السويسرية المُـباعة إلى الخارج. وكشفت إحصائيات الصادرات في سبتمبر عن تراجُـع بـ 8،2% مقارنة بالشهر السابق، مع الأخذ بعين الاعتبار تقلُّـبات الأسعار والعوامل الموسمية.

وفي تصريح لسويس انفو، قال يان بوزر، المحلل الاقتصادي لدى مصرف سارازان Sarasin، “إن الفرنك قد تعزّز بحوالي 10% مقابل اليورو منذ بداية العام الجاري، وهو ما يُـمكن أن يؤدّي إلى تراجُـع الصادرات بـ 5% إضافية”.

وقال يان بوزر “تتخوّف السلطات من احتمال أن يؤدّي هذا إلى تأثير كبير على الاقتصاد، الذي سجّـل بعدُ تراجعا، كما أن هذه الظاهرة قد تزيد الضغط على البنك الوطني، كي يُـخفِّـض معدّلات الفائدة”.

وكان البنك الوطني السويسري قد أعلن في وقت سابق من هذا الشهر تخفيضا بـ 0،25% في سعر الفائدة الرئيسي، ليستقر في حدود 2،5%، في محاولة لإنعاش السوق المالية المحلية.

ومن المعلوم أن سويسرا تتأثر بشكل خاص من تقلّـبات سعر صرف العملة، نظرا لأنها تُـصدِّر حجما كبيرا من البضائع والخدمات إلى البلدان الأخرى. وكانت الأشهر الستة الأولى من العام، قد سجّـلت فائضا في الميزان التجاري بقيمة 9،7 مليار فرنك، بعد أن ارتفعت الصادرات بـ 7،5% مقابل زيادة في الواردات بـ 4،7%.

مشكلة على المدى الطويل؟

وتقول منظمة الصناعة السويسرية للآلات والمعدات الكهربائية والمعدنية swissmem، التي تضم في صفوفها عددا كبيرا من الشركات العاملة في مجال الصناعات المعملية، “إن أربعة أخماس مُـجمل المنتجات الهندسية، تُـنجز خارج الحدود” وأن “ثلثي هذا الرقم موجّـه للاتحاد الأوروبي”.

وقال رودولف كريستن، المتحدث باسم المنظمة لسويس انفو “ليس بإمكاننا التكهن بهذا التغيّـر المفاجئ في سِِـعر الصرف، كما أنه بالإمكان أن تتغيّـر مجددا في المستقبل القريب”، وأضاف “الأكيد، أننا سنتخوّف، إذا ما اتّـضح أن هذا التغيّـر الأخير، سيتحوّل إلى ظاهرة طويلة المدى”.

في المقابل، يعتقد يان بوزر أن الفرنك القوي سيستمر لفترة لا بأس بها، نظرا لأن المستثمرين يسحبون أموالهم لإيداعها في العُـملة الموثوقة والآمنة (أي الفرنك السويسري) للابتعاد عن الأزمة المالية الحالية.

وقال بوزر في تصريحات لسويس انفو: “إذا ما عاد المرء ليتأمّـل في الأزمة الشاملة، التي جدّت عامي 2001 و2002، فإنه سيلاحظ أن قيمة الفرنك ظلت حوالي 1،45 مقابل اليورو لبعض الوقت”.

وأشار المحلل الاقتصادي لدى مصرف سارازان، أنه “تاريخيا، نظر المستثمرون إلى الفرنك السويسري، على اعتبار أنه ملاذ آمن، منذ الحرب العالمية الثانية، لأنهم يعتقدون أنه إذا ما سارت الأمور بشكل خطأ، فإن ذلك لن يحدُث في سويسرا. يضاف إلى ذلك، أن معدلات الفائدة، عادة ما تكون منخفضة”، مقارنة ببقية الأسواق المالية.

في هذا السياق، يُـتوقّـع أن يتأثّـر القطاع السياحي بالانعكاسات السلبية الناجمة عن الفرنك القوي. وفي اجتماع عُـقد في زيورخ يوم الاثنين 27 أكتوبر، تطارح أصحاب الفنادق انشغالاتهم وتساؤلاتهم حول التراجع المتوقّـع في عدد الزوار والليالي المقضّـاة في الفنادق.

مع ذلك، تبدو صناعة السياحة على ثقة من أن أسواق أوروبا والولايات المتحدة، التي تُـمثل الجزء الأكبر من مصادر الحرفاء، ستستعيد عافيتها سريعا، في حين يتركّـز الانشغال حول التأثيرات الطويلة المدى على الزوار القادمين من الاقتصاديات الصاعدة، مثل الهند، الذين عادة ما يُـنفقون بسخاء عندما يزورون سويسرا.

سويس انفو – ماتيو آلّــن

في عام 2007، بلغ الحجم الإجمالي للصادرات السويسرية 179،5 مليار فرنك مقارنة بـ 183،5 مليار فرنك من الواردات.

ناهزت الصادرات السويسرية إلى ألمانيا 42 مليار فرنك في عام 2007، بزيادة 15% عن العام السابق.

تراجعت البضائع والمنتجات المصدّرة إلى الولايات المتحدة بنسبة 2،5% العام الماضي، لتستقر قيمتها في حدود 20 مليار فرنك، لكن قيمة فائض الميزان التجاري بين البلدين، ظل في حدود 8،8 مليار فرنك لفائدة سويسرا.

الولايات المتحدة، هي أيضا أكبر وجهة للاستثمارات المباشرة الخارجية السويسرية في العالم، حيث ارتفعت قيمتها من 114،3 مليار فرنك إلى 132،4 مليار فرنك ما بين عامي 2005 و2006.

ارتفع حجم الصادرات السويسرية إلى إيطاليا بأكثر من 10%، لتبلغ قيمتها 18 مليار فرنك العام الماضي.

استقبلت فرنسا 17 مليار فرنك من الصادرات السويسرية في عام 2007، بزيادة 8،6% عن العام السابق.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية