الفقر … ضحية أخرى للحرب على الأرهاب
أعربت المنظمات غير الحكومية السويسرية يوم الاثنين عن عدم ثقتها في أن الدول الغنية جادة في مسعاها لتخفيض حدة الفقر في العالم إلى النصف مع حلول عام ألفين وخمسة عشر أو المشاركة فعليا في مشاريع التنمية في الدول الفقيرة.
قبل أسبوع من انعقاد أول مؤتمر ترعاه الأمم المتحدة حول الفقر ومكافحته وتمويل المشروعات التنموية والذي ستشهده مدينة مونتيري المكسيكية، عقدت يوم الاثنين المنظمات السويسرية غير الحكومية والمؤسسات التنموية والخيرية جلسة في العاصمة برن لمواجهة ما اعتبرته نهاية مبرمجة مسبقا لهذا المؤتمر الدولي، حيث ترى منظمة “إعلان برن” غير الحكومية أن الدول الغنية تحاول شطب التزاماتها المرتقبة خلال هذا المؤتمر، وهو ما انتقدته بشد.
كما تشير المنظمة السويسرية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة تسعى لتحويل المؤتمر إلى تجمع دولي صامت وأجوف دون الوصول إلى أية نتيجة من الأهداف المرسومة له والمعروفة مسبقا، بل إن المنظمة ذهبت إلى أبعد من هذا عندما قالت أن واشنطن هددت بالانسحاب من المؤتمر إذا تغير هدفها المرسوم وهو الوصول بالمؤتمر إلى “درجة الصفر”.
على الصعيد الرسمي انتقدت سويسرا الموقف الأمريكي وأعربت عن أسفها للموقف غير المرن الذي أبدته الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الاستعدادات الجارية على قدم وساق للبدء في هذا المؤتمر، حيث صرح ريغيس افانتي من إدارة التنمية والتعاون الدولي السويسرية DEZA أمام وسائل الأعلام “أن واشنطن قامت بمصادرة جميع المناقشات”، وأضاف بأن الحرب على الإرهاب لا يجب أن تطغى على تمويل المشروعات التنموية، وانتقد افانتي موقف الاتحاد الأوروبي السلبي وعدم قدرته على اتخاذ قرار موحد في هذا الصدد.
وليس من المستبعد أن تنضم سويسرا إلى هذه الموقف الدولي بدلا من الظهور منفردة في الساحة، وذلك على الرغم من أن الكونفدرالية سواء من خلال برامجها التنموية الخاصة أو تلك التي تدعم فيها عمل المنظمات الخيرية والجمعيات الانسانية، تدرك تماما أهمية هذا المؤتمر والآمال المعقودة عليه من الدول الفقيرة أملا في الخروج من دوامة الفقر والجهل والمرض والتخلف، إلا أن دورها في دعم البرامج التنموية سيستمر دون شك بشكل فردي.
دلالات .. وإشارات
الموقف الأمريكي الشاذ والتأييد الأوروبي المريب من خلال سلبيته إشارة واضحة إلى الدول النامية لسان حالها يقول “شقوا طريقكم بأنفسكم، ليس لدينا نقودا لكم”، على الرغم من أن الدول الغنية تستقبل ما لا يقل عن سبعمائة مليار دولار مهربة من الدول النامية وفقا لتقرير منظمة “أوكسفام” البريطانية غير الحكومية، وإذا صح هذا المبلغ بالفعل فهذا يعني أن الخسائر السنوية لهذه الدول المنهوبة تقدر بما لا يقل عن خمسة عشر مليار دولار سنويا هي قيمة الضرائب التي من المفترض نظريا أن تستقطع من هذه المبالغ المهربة لصالح تلك الشعوب الفقيرة، ولكنها تصب في الغرب ليمنح الفتات منها إلى الدول الفقيرة، أو قد يمنعها كما تريد واشنطن الآن.
كان من المفترض أن يناقش هذا المؤتمر الدولي إجراءات مختلفة لتمويل المشروعات التنموية مثل تحريك الموارد المختلفة ومستقبل العمل الإنساني الحر، وكيفية دعم رؤوس الأموال الصغيرة في التجارة، وكلها من النقاط الهامة التي تعرقل في أحيان كثيرة مشروعا بسيطا ولكنه ذو منفعة على عدد كبير من السكان في المناطق المتضررة، وتشجع الأمثلة البسيطة التي تقوم بها مختلف الدول الغنية على إعطاء الأمل في أن تضافر هذه الجهود مجتمعة من المؤكد أن يؤدي إلى نتيجة مبهرة، وخاصة وأن الهوة بين الدول الغنية والأخرى الفقيرة في تزايد مستمر وسيف العولمة يمر فوق رقاب الجميع ولا ينجو منه إلا من كان رأسه من فولاذ.
تامر أبوالعينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.