الفقر يهدد المزارعين
افتتح الإتحاد السويسري للمزارعين عام 2003 بنشر أول تقرير من نوعه حول رؤيته لأوضاع الفلاحين السويسريين ولمستقبل القطاع الزراعي بشكل عام.
وحذر الإتحاد من حصول كارثة إذا لم يتم القيام بتغيير عميق في هياكل الفلاحة في ظل تراجع مداخيل المزارعين وتقلص مردودية القطاع.
في أول مبادرة من نوعها، أعد الإتحاد السويسري للمزارعين تقريرا سنويا عرض فيه رؤيته لوضع الفلاحة في سويسرا وتقدم من خلاله بمقترحات عملية لوقف تدهور القطاع الذي يتهدد الفقر العاملين فيه ما لم يتحول النشاط الفلاحي إلى “زراعة مستديمة من الناحيتين الإقتصادية والإجتماعية” مثلما جاء في خلاصة التقرير.
وبمناسبة صدور التقييم السنوي الأول لأوضاع المزارعين في سويسرا، دُعي ممثلو وسائل الإعلام إلى زيارة ضيعة “نموذجية” تقع في ريف كانتون فو (vaud) من أجل إطلاعهم على أنموذج من الطرق التي يحاول من خلالها عدد من المزارعين – الذين لم يستسلموا بعدُ – تجاوز الأوضاع الصعبة التي يواجهونها.
وفيما رأى البعض في “التقرير عن أوضاع 2002” محاولة للرد على “التفاؤل الآحادي الجانب” الذي اتسمت به التحاليل الواردة في التقرير الرسمي الصادر عن المكتب الفدرالي للفلاحة في شهر نوفمبر الماضي، يقول المسؤولون عن الإتحاد إن أحد أهدافهم يتمثل في تقديم وجهة نظرهم والمساهمة منذ الآن في النقاشات الدائرة حاليا حول السياسة الزراعية التي سيتم تنفيذها في سويسرا ابتداء من عام 2007.
تراجع المداخيل والمردودية
يؤكد التقرير أن قيمة الدخل السنوي في القطاع الزراعي (باحتساب وحدة العمل العائلية) استمرت في التراجع خلال السنوات الماضية حيث أصبحت – بالمقارنة – في مستوى أقل من المداخيل التي يحصل عليها العاملون في مجالات شبيهة.
فعلى سبيل المثال، زاد معدل الدخل السنوي الخام للعاملين في قطاع البستنة والمنتوجات الزراعية المكيّـفة عن 53 ألف فرنك في عام 2001 فيما لم يتجاوز 27 ألف و417 فرنك بالنسبة للمزارعين في نفس العام.
وطبقا لنفس التقرير لم تزد نسبة الضيعات السويسرية التي تجاوز الدخل السنوي للمزارعين العاملين فيها – في الفترة الفاصلة ما بين عامي 1997 وألفين – الخمسين ألف فرنك خمسة وعشرين في المائة من إجمالي المزارع في البلاد بل إن هذه النسبة لم تتجاوز عتبة الـ 14 في المائة لدى منتجي الحليب ومشتقاته.
هذه الأرقام ومثيلاتها التي حفل بها التقرير دفعت السيد جاك بورجوا، مدير الإتحاد السويسري للمزارعين إلى الإعلان أن “الناشطين في الزراعة مهددون بالفقر بشكل أكبر من غيرهم” خصوصا وأن معدل تراجع المردود المالي لمبيعات المنتجات الفلاحية في سويسرا قد بلغ 228 مليون فرنك منذ عام 1990.
وبما أن مردودية الضيعات الفلاحية ترتبط بشكل مباشر بحجم المساحة حيث لا تتسم بالإيجابية إلا في المزارع التي تتجاوز مساحتها 30 هكتارا فان 67،3% من إجمالي الضيعات والمزارع السويسرية لم تعد مُـربـحـة.
ولا يغفل التقرير المبالغ المالية الضخمة التي يتلقاها المزارعون السويسريون مباشرة من السلطات الفيدرالية كتعويض عن بعض الخدمات التي تدخل فيما يسمى بالمنفعة العامة مثل حماية البيئة والحفاظ على المناظر الطبيعية.
فقد استمر ارتفاع حجم هذه المساعدات المباشرة لتصل في عام 2002 إلى ثلث إجمالي المداخيل التي حققها القطاع الفلاحي في سويسرا وهو دليل إضافي على الهشاشة التي أصبحت تتميز بها أوضاع العاملين في القطاع الفلاحي على عكس الإتهامات الموجهة إليهم من بعض الأطراف في سويسرا بالتواكل والمبالغة في التباكي من اجل الحصول على مزيد من الدعم من السلطات المحلية والفدرالية على حد السواء.
أية حلول؟
ويعترف جون دوبرا نائب رئيس الإتحاد السويسري للمزارعين بضرورة العمل على توسيع مساحات المزارع والضيعات المستغلة من طرف الفلاحين السويسريين مثلما أوصى بذلك التقرير الأخير الصادر عن المكتب الفدرالي للفلاحة لكنه يذكر بحتمية توفير “شروط عامة جيدة من قبيل وجود الأراضي اللازمة والوسائل المالية الضرورية” للمزارعين.
في المقابل يؤكد المسؤولون عن اتحاد المزارعين أن البحث عن السبل الكفيلة بتمكين الفلاحين من الحصول على موارد مالية إضافية من خارج ميدان نشاطهم الرئيسي يمثل استراتيجية واعدة وخاصة في المناطق الجبلية.
ومن بين الأنشطة التي اتجه إليها الآن العديد من الفلاحين لسد النقص المسجل في مداخيلهم السنوية نجد العناية بالغابات والسياحة الريفية وبيع المنتجات الفلاحية من المنتج إلى المستهلك والصناعات التقليدية وحتى في الصناعة والرعاية الصحية (انظر تفاصيل مشروع Eggiwil في الوصلة المصاحبة للموضوع).
ومع تزايد عدد الفلاحين الذين يضطرون للتخلي عن ضيعاتهم بسبب تردي مداخيلهم، يؤكد الإتحاد السويسري للمزارعين على المطالبة بإجراءات عملية لمساعدتهم على تغيير مجال عملهم. ويذهب رئيس الإتحاد هانس يورغ فالتر إلى طلب تخصيص 50 مليون فرنك سنويا من أجل تحقيق هذا الهدف ومنح كل فلاح يفوت في أرضه أو يتوقف عن العمل في الميدان الزراعي تعويضا ماليا كافيا.
وفي انتظار ردود فعل الأوساط السياسية والإقتصادية على ما جاء في هذا التقرير من معطيات وأرقام مثيرة للإنشغال، يخشى المزارعون السويسريون من أن تؤدي ضغوط الإتحاد الأوروبي وبنود اتفاقيات منظمة التجارة العالمية إلى مزيد من تراجع الدعم المالي – والسياسي- الذي طالما تمتعوا به من السلطات المحلية والفدرالية.
كمال الضيف – سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.