القرار يعود للموظف!
في بادرة مثيرة للجدل، أقرت اللجنة السياسية الحكومية التابعة لمجلس النواب مشروع قرارٍ يتيح المجال للموظف المدني تأجيل منح ترخيص الزواج للأجانب.
التأجيل مقصور على الحالات التي يشك فيها الموظف في جدية الرغبة في الزواج، لكن موظفي مكتب الأحوال الشخصية أنفسهم يرفضون القرار.
لو أن السيدة بياتريس رانسيتي، الموظفة المدنية المكلفة بالأحوال الشخصية في ليستال بكانتون ريف بازل، أتبعت مشاعرها في ذلك اليوم لما أتمت عقد الزواج.
وقف أمامها يومها عريسان، امرأة في الخمسين من عمرها وشاب في الثامنة عشر من عمره. وكان واضحاً بالنسبة لها أن الزواج المدني، الذي ستتولى هي عملية إبرامه، هدفه توفير أوراق إقامة شرعية للشاب الأجنبي.
رغم ذلك، تقول السيد رانسيتي في حديث نُشر ضمن مقال في صحيفة NZZ الأسبوعية الناطقة باللغة الألمانية، فقد تجاهلت مشاعرها وأتمت مراسيم الزواج، ذلك أن مهمة الموظف المدني في رأيها أن يصادق على عملية الزواج لا أن يشكك في نوايا العريسين.
مادة قانونية جديدة
لن تتمكن السيدة رانسيتي في المستقبل من ممارسة قناعتها تلك أثناء تأديتها لمهام عملها.
يعود ذلك إلى إقرار اللجنة السياسية الحكومية التابعة لمجلس النواب لمشروع المادة رقم 97a من قانون الأجانب الجديد.
يسعى القرار المستجد إلى إغلاق الباب أمام ما يسمي”الزواج الأبيض” أي الزواج بهدف الحصول على أوراق إقامة قانونية في سويسرا.
ولتحقيق ذلك الهدف، تمنح المادة ُ الموظفَ المدني بالأحوال الشخصية الحق في إجراء لقاء مع العريسين، كلٍ على حده، وأن يتصل بالدوائر الحكومية الأخرى للاستفسار وجمع المعلومات عنهما، وفي حال اقتناعه بأنه أمام حالة “زواج أبيض”، فإن من حقه أن يرفض إبرام عقد الزواج.
الموظفون أنفسهم يرفضون
إذا كان الغرض من القرار قطع الطريق على أساليب التلاعب بقوانين الإقامة للأجانب، فقد كان ملفتاً أن موظفي مكتب الأحوال الشخصية في سويسرا لا يبدون حماساً كبيراً له.
عبرت عن هذا الموقف بقوة السيدة رانتيسي التي تشغل أيضا منصب رئيسة نقابة موظفي الأحوال الشخصية، وتقول:” نحن لا نريد أن نتخذ قراراتٍ سلبية بأنفسنا”.
بدلاً من ذلك، تطالب نقابتها بأن يتم اتخاذ مثل هذا القرار(أي رفض منح ترخيص الزواج) بالتعاون المباشر مع شرطة الأجانب وتحت إشراف ورقابة مسؤولي الكانتون.
تلفت النقابة النظر إلى أن ألمانيا طبقت قانونا مشابهاً منذ عام 1998، ومنذ ذلك الحين لا يسمع المرء سوى ما يضير. إذ غالباً ما يلجأ العريسان إلى القضاء والذي غالباً ما يقف في صفهما، ويخرج الموظف المدني من المعمعة خالي الوفاض مكبلاً بالخيبة.
نفس القناعة أبداها موظف مدني أخر عندما قال:”هذه القاعدة عقدت حياتنا، نحن لسنا قوة شرطة، ورغم ذلك فإن مهمة إثبات الرغبة بالتلاعب تقع على عاتقنا”.
كيف يمكن التكهن بالنيات؟
لا أحد ينكر أن “الزواج الأبيض” مشكلة يجب علاجها، لكن العقدة الأساسية في المادة المقترحة تتمثل في السؤال: كيف يستطيع الموظف المدني التكهن بنية العريسين؟
الإجابة التي يقدمها المكتب الفدرالي للأحوال الشخصية تتمثل في عددٍ من القواعد العامة المعمول بها في الاتحاد الأوروبي التي تحدد “أعراضا” للزواج الأبيض منها:”الفارق الكبير في العمر بين العريسين، غياب مشاعر الحنان والقرب بينهما أثناء عقد القرآن، و قرب موعد رحيل أو ترحيل الأجنبي عن البلاد”.
وكما هو ملاحظ من هذه القواعد فإنها تظل “عائمة” يصعب أن يتخذ منها الموظف المدني برهاناً على نية العريسين على عدم الدخول في حياة مشتركة.
ربما لذلك يرفض موظفو الأحوال الشخصية هذه المادة، فهم مدركون لحدود مقدرتهم على قراءة النفس البشرية، وعلى حين يؤكدون أن هناك بالفعل مشكلة يجب مواجهتها فإن السؤال بالنسبة لهم يبقى “كيف يمكن علاجها؟”
إلهام مانع مع صحيفة NZZ الأسبوعية – سويس إنفو
سويسرا هي واحدة من الدول الأوروبية القلائل التي لا تنص قوانينها على إجراءات تتخذ ضد “الزواج الأبيض” .
تتبنى ألمانيا ما يسمى بكاتلوج الاتحاد الأوروبي الذي يحدد قواعد وإجراءاتٍ للكشف عن ومنع عقد “زواج أبيض”.
القرار الذي أصدرته اللجنة السياسية الحكومية التابعة لمجلس النواب لم يدخل بعد حيز التنفيذ.
أثار القرار ردود فعل رافضة من قبل نقابة موظفي الأحوال الشخصية واللجنة المناهضة للتمييز العنصري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.