المجر تعلن انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية على وقع زيارة نتانياهو

أعلنت المجر الخميس أنها قررت الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية في اليوم الأوّل من زيارة إلى بودابست لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي أصدرت هذه الهيئة القضائية مذكّرة توقيف في حقّه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وأتى هذا الإعلان مع استقبال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان نتانياهو في بودابست في أول رحلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أوروبا منذ 2023.
وأشاد نتانياهو بالقرار “الشجاع”.
وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع أوربان “لقد اتخذتم قرارا شجاعا ومبدئيا، وأنا أشكركم، فيكتور”، مضيفا “هذا مهم لكل الديموقراطيات. من المهم التصدي لهذه المنظمة الفاسدة”.
من جهته، أشار أوربان الى أن الجنائية الدولية “لم تعد محكمة محايدة” بل أصبحت “محكمة سياسية” كما “يتضح بشكل واضح من خلال القرارات الصادرة بشأن إسرائيل”.
وتعهد أوربان ألا تنفذ المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي مذكرة التوقيف رغم أنها من موقّعي معاهدة إنشاء المحكمة. واستقبل نتانياهو في مراسم عسكرية وسار المسؤولان على البساط الأحمر قبل أن يتوقفا أمام أعلامهما الوطنية.
ووجه أوربان دعوة إلى نتانياهو لزيارة بلاده في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد يوم من إصدار المحكمة الجنائية المذكرة بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وصرح أوربان في وقت سابق أن قرار المحكمة “يتدخل في نزاع مستمر… لأغراض سياسية”.
وقدّمت الحكومة المجرية الخميس مشروع قانون إلى البرلمان من المتوقع التصويت عليه في نهاية أيار مايو. وبعد إقرار القانون ستبلغ بودابست الأمم المتحدة بانسحابها من المعاهدة.
ويسري مفعول انسحاب أي دولة من المحكمة بعد عام من إيداع وثيقة الانسحاب، والتي عادة ما تكون بشكل خطاب رسمي بهذا الخصوص، لدى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة.
– “ملزمة التعاون” –
وذكّرت المحكمة الجنائية الدولية الخميس بأن المجر تبقى “ملزمة التعاون” مع الهيئة القضائية.
وقال المتحدث باسم المحكمة فادي العبد لله للصحافيين “تذكّر المحكمة بأن المجر تبقى ملزمة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية”.
من جهتها، طالبت السلطة الفلسطينية المجر بـ”القبض” على نتنياهو “وتسليمه للعدالة فورا”.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها إنها تطالب بودابست بـ”الالتزام بالقانون الدولي وسياسة الاتحاد الاوروبي وقرارات الشرعية الدولية، وما صدر عن الجنائية الدولية بالقبض على المجرم نتانياهو وتسليمه للعدالة فورا”.
ويرى خبراء أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المقرر أن يبقى في المجر حتى الأحد، يحاول التقليل من أهمية قرار المحكمة وفي الوقت نفسه صرف الانتباه عن التوترات في الداخل.
وقال المستشار الاستراتيجي الدولي والمستشار السابق لنتانياهو موشيه كلوغافت لوكالة فرانس برس إن “هدفه النهائي هو استعادة القدرة على السفر إلى أي مكان يريده”.
أضاف “في البداية يسافر نتانياهو إلى أماكن لا يُخشى فيها الاعتقال، ويُمهّد بذلك الطريق لتطبيع رحلاته المستقبلية”.
ونددت ألمانيا الحليفة لإسرائيل، بزيارة نتانياهو. وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك الخميس “هذا يوم سيئ للقانون الجنائي الدولي”، مضيفة “لقد قلت دائما بوضوح إن لا أحد فوق القانون في أوروبا”.
في شباط/فبراير، قال المستشار الألماني العتيد فريدريش ميرتس إنه سيحرص على أن يتمكّن رئيس الحكومة الإسرائيلية من زيارة ألمانيا.
وقال كلوغفات إن زيارة المجر “تسير جنبا إلى جنب مع العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية”، في إشارة إلى الإجراءات العقابية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شباط/فبراير عليها بسبب “مباشرة إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفنا المقرب إسرائيل”.
ووقّعت المجر عام 1999 نظام روما الأساسي، المعاهدة الدولية التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، وصادقت عليها بعد عامين خلال ولاية أوربان الأولى.
ومع ذلك، لم تصدر بودابست أمرا تنفيذيا لتفعيل الالتزامات المرتبطة بالاتفاقية لأسباب دستورية وبالتالي فهي تؤكد أنها ليست ملزمة الامتثال لقرارات المحكمة.
وللمحكمة الجنائية الدولية التي أُنشئت عام 2002، جهاز شرطة خاص بها وتعتمد على تعاون أعضائها وعددهم 125 لتنفيذ أي مذكرات اعتقال.
وحتى الآن فقط بوروندي والفيليبين انسحبتا من المحكمة.
– ضغوط متزايدة –
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر مذكرات توقيف بحق نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، من بينها استخدام التجويع كسلاح.
واندلعت الحرب إثر هجوم شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتأتي زيارة نتانياهو في وقت يواجه ضغوطا متزايدة على خلفية مساعي حكومته تسمية قائد جديد لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وإقالة المستشارة القضائية للحكومة، مع توسيع سلطة السياسيين في تعيين القضاة.
كما أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بشهادته في تحقيق يتعلق بمدفوعات مفترضة من قطر لبعض كبار موظفيه بعد توقيف اثنين من مساعديه.
وقال كلوغفات إن “إحدى أساليب نتانياهو تتمثل بالتحكم بالأجندة الإسرائيلية” مضيفا أن زيارة المجر تمنحه فرصةً لحرف الأنظار لأيام.
ريك-روس/غد-شي/كام-بم