المدافعون عن حقوق الإنسان .. حصيلة قاتمة
يعرض التقرير السنوي لمرصد المدافعين عن حقوق الإنسان صورة قاتمة لأوضاع حقوق الإنسان في أكثر من تسعين دولة من بينها العديد من الدول العربية.
ويشير التقرير الذي تسهم في إعداده المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفدرالية الدولية لجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، الى تعقد مهمة المدافعين عن حقوق الإنسان في شتى بقاع العالم.
توصل التقرير الذي صدر للمرة التاسعة عن المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفدرالية الدولية لجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، الى نتيجة مفادها أن 1172 من هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان تعرضوا للمضايقات والقمع في أكثر من تسعين بلدا عبر العالم.
وتتراوح المضايقات التي تعرض لها هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان، إما علي أيدي أجهزة الدولة أو الجماعات المسلحة، ما بين الاغتيال والاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة والتهديد بالقتل والاعتقال او الحبس التعسفي والمتابعة القضائية.
السيدة شيرين عبادي، المناضلة الإيرانية والحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003 لخصت في مقدمة التقرير (الذي جاء في 541 صفحة) النتائج التي توصل اليها حيث قالت: “الحصيلة التي يتوصل إليها هذا التقرير هي انعكاس لأوضاع حقوق الإنسان في العالم وهي وضعية تعرف مع الأسف تأزما أكثر فأكثر نظرا لكون التصرفات التعسفية هي في تزايد مستمر”.
حصيلة مذهلة
توصل التقرير الصادر في 22 مارس 2006 عن أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم الى إحصاء تعرض 1172 مدافع عن حقوق الإنسان الى عمليات قمع في أكثر من تسعين بلدا.
فقد واصل المدافعون عن حقوق الإنسان في دول أمريكا اللاتينية السقوط ضحية عمليات القمع وفي بعض الأحيان ضحية أعمال عنف لا مثيل لها بحيث تعرض في كولومبيا وحدها 47 مدافعا عن حقوق الإنسان لعمليات اغتيال بينما تعرض 15 آخرون لعمليات تعذيب واختطاف.
وفي كامل القارة الأمريكية اللاتينية تعرض 61 مدافعا عن حقوق الإنسان لعمليات حبس تعسفي بعد محاكمات صورية تارة بتهمة الثورة وتارة أخرى بتهمة الضلوع في الإرهاب. وقد خص التقرير كوبا بمنعها حرية التعبير.
وفي آسيا يرى التقرير ان عمليات القمع التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان بقيت مرتفعة بحيث تم اعتقال 140 منهم وحبس حوالي 104 بطريقة تعسفية، الغالبية منهم في الصين والنيبال وإيران. وقد تم إحصاء 21 حالة اغتيال او محاولة اغتيال في إيران وكمبوديا لوحدهما. كما يشير التقرير الى أن تصعيد العمليات القمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في كل من الصين وبرمانيا وكوريا الشمالية وفيتنام جعل عدد المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان العاملة في الميدان يتراجع.
وفي بلدان أوروبا الشرقية، أفاد التقرير ان القمع المسلط ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وضد منظمات المجتمع المدني ازداد حدة حيث تم إصدار قوانين صارمة ومتشددة فيما يتعلق بترخيص العمل الجمعوي في بلدان مثل روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان. كما ساعدت الأحداث التي عرفتها منطقة أنديجان السلطات الأزبكية على تشديد الخناق على ممثلي المجتمع المدني وممارسة القمع ضد كل من يعارض النظام القائم. وذهب التقرير إلى أن الدفاع عن حقوق الإنسان في تركمانستان “أمر غير ممكن بالمرة”.
“أنظمة استبدادية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا”
يرى تقرير مرصد المدافعين عن حقوق الإنسان، في الجزء المخصص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والذي يمتد على حوالي 60 صفحة، أن ” تشدد القمع في بعض بلدان المنطقة (وبالأخص في بلدان الخليج وليبيا)، حال دون إمكانية قيام منظمات مدنية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان”.
وأكد التقرير ان المدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء النقابات العمالية تواصل استهدافهم بالقتل والاختطاف في مناطق الصراعات مثل العراق، كما تعرضوا لأعمال العنف في كل من المغرب والبحرين وتونس، أو لعمليات الحبس التعسفي في كل من الجزائر والبحرين وليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلة والسعودية وسوريا وتونس، او لعمليات التخويف والمضايقات في كل من سوريا وتونس، او للحد من حرية تنقلهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد خص التقرير بالذكر تعذر قيام منظمات مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان في بعض بلدان الخليج وليبيا حيث يتم الاكتفاء بالمنظمات التي تؤسسها السلطات. كما أشار التقرير الى العراقيل التي تقيمها العديد من دول المنطقة لمنع الترخيص لمنظمات بمباشرة عملها أو لإغلاق من كانت تنشط أساسا مثلما هو الحال في البحرين حيث يستمر غلق “مركز البحرين لحقوق الإنسان” منذ عام 2004، أو عدم الاعتراف في مصر بالجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، وعدم اعتراف المغرب بالجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الخطيرة التي يُزعم أن القوات المغربية ترتكبها في الصحراء الغربية.
وفي هذا السياق، تحطم تونس الرقم القياسي في عدد المنظمات المدنية التي لم يعترف لها بحق مزاولة نشاطها حيث عدد التقرير سبعة منها من بينها المجلس الوطني للحريات بتونس والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب ومرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع بتونس.
وأشار التقرير أيضا الى تباطؤ السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة في الرد على طلب تقدم به حوالي عشرين شخصية ثقافية بخصوص تأسيس أول جمعية لحقوق الإنسان في البلاد.
عرقلة لحرية التعبير والتجمع
من بين العراقيل التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية حسب تقرير الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، سماح السلطات الجزائرية بشكل انتقائي لزيارة ممثلي المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان للجزائر، ومواصلتها عرقلة تجمعات جمعيات الدفاع عن المفقودين. ومنع السلطات الليبية لممثلي المجتمع المدني من تنظيم مؤتمر على هامش القمة الإفريقية في سيرت في العام 2005، ومواصلة السلطات السورية تعريض المدافعين عن حقوق الإنسان لعمليات الحبس والاعتقال وتجريمهم بالانتماء الى منظمات دولية غير مرخص لها بالعمل في سوريا.
وقد خصص التقرير حيزا وافرا للعراقيل التي وضعتها تونس في وجه مستعملي شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام خصوصا أثناء انعقاد قمة مجتمع المعلومات في تونس. كما استعرض عمليات القمع التي واجهت بها السلطات المصرية التيارات المعارضة أثناء الانتخابات الرئاسية في شهر سبتمبر 2005، والانتخابات البرلمانية في شهر نوفمبر من نفس العام.
أوضاع المدافعين في أوقات الحرب
الفقرة التي خصصها التقرير للمدافعين عن حقوق الإنسان في أوقات الحرب تطرقت بإسهاب لما تعرفه الأراضي الفلسطينية من قمع على يد القوات المحتلة الإسرائيلية وبالأخص منع هؤلاء المدافعين من السفر الى الخارج والمشاركة في المؤتمرات والندوات الدولية.
كما اشار التقرير الى لجوء جماعات مسلحة الى الاعتداء على مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في خان يونس واختطاف موظفين تابعين لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا مما دفع المنظمة الأممية الى نقل أغلب موظفيها الأجانب الى الأردن لأسباب أمنية.
وفيما يتعلق بالعراق اكتفى التقرير بذكر الاعتداءات التي استهدفت ممثلين لمنظمات غربية والتي قامت بها “إما مجموعات مقاتلة او مجموعات مسلحة غير معروفة الهوية” مثلما ورد فيه. كما تطرق التقرير الى الدورة التدريبية التي سهرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تنظيمها في الأردن وشارك فيها عدد من المدافعين العراقيين عن حقوق الإنسان.
وفي رد على سؤال وجهته سويس إنفو إلى مديري المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (إيريك صوتا) والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (انطوان بيرنار)، عما إذا كان الاهتمام بحقوق الإنسان في العراق يقتصر على المثالين المذكورين في التقرير، كان الجواب هو التالي: “إن الحصول على معلومات مستقلة من العراق أمر صعب، كما أن تكوين شبكات للحصول على المعلومات في العراق أمر متعذر في الوقت الحالي بسبب انعدام الأمن وهو ما يترك انطباعا بأن الصورة المقدمة لا تعكس الواقع المعاش في العراق”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.