المشرق عبر لوحات فنانين سويسريين
ينظم متحف صولوتورن السويسري معرضا لمجموعة من الفنانين السويسريين فتنوا ببلاد المشرق في القرن التاسع عشر ودونوا مشاعرهم على لوحات رائعة تعرض في متحف kunstmuseum حتى العاشر فبراير القادم.
تحت شعار “تحية من بعيد” ينظم متحف الكونست موزيوم بمدينة صولوتورن السويسرية معرضا لأعمال فنانين سويسريين تعكس كلها واقع بلاد المغرب والمشرق خلال القرن التاسع عشر.
المعرض الذي يدوم حتى العاشر فبراير من العام القادم، جمع لأول مرة ثمانين لوحة فنية ومخطط ورسم لسبعة عشر فنان سويسرين، استهوتهم آنذاك حملة الاستشراق التي مهدت لها حملة نابليون بونابارت لمصر ، وهو ما عرف فيما بعد بموضة المشرق في التيار الفني للقرن التاسع عشر.
يقدم المعرض للزائر عينة من المشاهد التي تجمع ما بين جمال المرأة العربية وجمال الطبيعة الخام مرورا بصورة من الحياة اليومية في الأسواق والتجمعات السكنية في بداية القرن التاسع عشر. ولاشك أن أحسن مثال عن ذلك صورة فرانك بوكسر تحت عنوان ” سوق طنجة ” التي تعود إلى عام 1880.
دوافع السويسريين حب التعرف على الآخر
إذا كان الفنانون الأوربيون في بداية القرن التاسع عشر يعكسون بالدرجة الأولى وقائع انتشار الاستعمار الفرنسي والانجليزي ، ويقتصرون في سردهم لواقع السكان الأصليين على تصوير مجالس الحريم والسهرات الراقية ، فإن اهتمام الفنانين السويسريين بالمنطقة كان بدافع حب الاستطلاع والتعرف على أجناس أخرى وعلى مناظر طبيعية مغايرة لما يوجد في بلدهم.
فقد كانت الرحلات الأولى للفنانين السويسريين إلى منطقة بلدان شمال افريقيا بحكم احتكاكهم بالفنانين الفرنسيين ولعامل اللغة المشتركة. وكان من نتائج ذلك كثرة الفنانين المنحدرين من سويسرا الناطقة بالفرنسية .
كما أن أغلب الفنانين السويسريين الذين جازفوا بزيارة بلدان العالم العربي في بداية القرن التاسع عشر، كانت دوافعهم إما بحب الاستطلاع أو لأغراض تجارية . فشارل جليري(1819-1880) زار مصر والسودان كصحفي ومرافق لرجل أعمال أمريكي. أما يوهان كاسبار فايدنمان الذي يعد إلى جانب فرانك بوكسر من أكبر فناني سويسرا الناطقة بالألمانية، فقد استقر بالجزائر لمدة سنتين ابتداء من عام 1838. وقد ابتعثت الحكومة الفرنسية كلا من ايداورد جيراردي وكارل جيراردي إلى مصر في عام 1842.
ولاشك أن فرانك بوكسر الذي قام بعدة زيارات للمغرب ما بين عامي 1858 و 1880 هو الذي نقل بدقة بعض ملامح الإنسان المغربي والحياة المغربية آنذاك . وحتى ولو اعتمد في أعماله على الملاحظة للحياة اليومية،إلا انه كان دوما يضفي على أعماله الفنية بعض اللمسات الخيالية ، وهو ما يجعل منها وثائق اثنوغرافية ولوحات فنية في آن واحد.
وقد سمح تضافر جهود العديد من المتاحف بإخراج هذه التحف الفنية من المخازن لعرضها في صالة عرض مجتمعة تحت شعار ” تحية من بعيد” . وهي بادرة طيبة تعكس نظرة إيجابية عن العالم العربي في وقت يكثر فيه الخلط بين العالم العربي والإرهاب.
محمد شريف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.