المعطيات الخاصة .. ليست دائما خاصة جدا
لا تعتني سويسرا فقط بسرية الحسابات المصرفية بل تهتم أيضا بالحفاظ على المعطيات الخاصة للمواطنين وتعتبرها من المقدسات التي لا يجوز المساس بها إلا بموجب أحكام قضائية.
ولا شك أن الجهاز الفدرالي للحفاظ على سرية المعطيات الخاصة والذي يضم سبعة عشر شخصا يواجه ضغوطا مختلفة لا سيما منذ أحداث سبتمبر أيلول 2001، فالجدل الذي ثار عقب تلك الأحداث الدرامية فتح مجددا ملف العلاقة بين الأمن القومي والحفاظ على سرية المعطيات الشخصية للمواطنين.
ويعتقد هانز- بيتر تيور مدير الجهاز الفدرالي للحفاظ على المعطيات الخاصة بأن سويسرا تميزت عن غيرها من الدول في أنها حكمت صوت العقل قبل الاندفاع وراء مشاعر التوتر والقلق التي تولدت عقب أحداث سبتمبر الأمريكية والسويسرية على حد سواء، حيث شهد كانتون تسوغ مذبحة دامية أودت بحياة أغلب أعضاء حكومة الكانتون بعد أسبوعين فقط من الهجوم على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون.
ويرى القائم على حراسة أسرار المواطنين في سويسرا أن الولايات المتحدة بالغت كثيرا في ممارستها تجاه بعض مؤسسات المجتمع المدني، وتشكك في أن يؤدي هذا المسلك إلى رفع كفاءة الأمن في المجتمع الأمريكي، حيث يرى بأنه كلما زادت الاحتياطات الأمنية وبلغت حدا المبالغة، كلما كان من السهل حدوث انتهاك وسوء استغلال للبيانات الخاصة بالمواطنين.
أما في سويسرا فقد بلغ جهاز حماية البيانات الخاصة، حسب قول مدير الجهاز، الحد الأقصى الذي يمكنه الوصول إليه بعدما وقف على عتبات الاطلاع على الملفات السرية المتعلقة بالامن القومي الداخلي، وما تتضمنها هذه الملفات من أسماء وبيانات تمس أصحابها.
تعديلات وتوصيات
وتتميز التعديلات الأخيرة التي أدخلت على القانون السويسري لحماية المعطيات الشخصية بفقرة تسمح للمواطن بالإطلاع على البيانات الخاصة به لدى الدوائر المعنيه، كما يمنح القانون المواطن الحق – في بعض الأحوال- أن يطالب بمنع تسجيل أية بيانات إضافية عنه سوى البيانات الرسمية اللازمة للتعاملات العادية مع أجهزة الدولة.
من ناحية أخرى اعتبر جهاز حماية المعطيات الخاصة أن توسيع التعامل بما بات يعرف بالتجارة الإليكترونية من خلال شبكة الإنترنت يتيح المجال لوقوع البيانات الخاصة في ايدي غير أمينة، حيث ينبغي على المشتري من خلال الشبكة العنكبوتية أن يدلي بجميع البيانات الخاصة به بما في ذلك رقم بطاقته الائتمانية، بينما يتصيد خبراء اختراق المواقع والشبكات هذه البيانات أما لبيعها أو استغلالها بشكل سيء.
ويقترح الجهاز السويسري للحفاظ على المعطيات الخاصة نظام مراقبة – قد يكون مكلفا – لكنه ضروري لمراقبة الدخول على مواقع التجارة الاليكترونية ومن ثم معرفة المشتري من المتلصص و يسهل عملية العثور على اللصوص.
لا يمكن اغفال أن توافر اكبر قدر ممكن البيانات يساعد على تخطيط جيد وتلافي السلبيات و تحسين مستوى الاداء في القطاعات المختلفة، وهو ما نجحت فيه سويسرا بجدارة منذ وقت طويل، إلا أن حصر البيانات بشكل مبالغ فيه يسبب ارقا لبعض المواطنين، حيث اصبح الكثيرون يعتقدون أن هناك من يحسب عليهم أنفاسهم، ويعرف ما يحبون وما يكرهون، فالتعامل بالبطاقات أصبح شائعا في أغلب أوجه الحياة اليومية، حتى تحول المواطن إلى انسان شفاف يستطيع الآخرون رؤية تفاصيل حياته الداخلية.
سويس أنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.